Al Borsa

أمريكا.. واقتصاد الثقة

-

يبدو أن األسواق املالية مقتنعة بأن االرتفاع املشهود فى اآلونة األخيرة فى ثقة الشركات واملستهلكن­ي فـى اقتصاد الــواليــ­ات املتحدة سوف ينعكس قريباً على البيانات «املادية» مثل منو الناجت املحلى اإلجمالي، واالستثمار الــتــجــ­اري، واالســـتـ­ــهـــاك، واألجـــــ­ـور، ولكن االقتصادين­ي وصناع السياسة ليسوا متأكدين بنفس الـقـدر، وســوف يعنى ثبوت شكوكهم الكثير للواليات املتحدة واالقتصاد العاملي.

وحـــرك انـتـخـاب الـرئـيـس دونــالــد ترامب كـرئـيـس املـشـاعـر االقــتــص­ــاديــة اإليـجـابـ­يـة؛ ألنــه تعهد بــأن حكومته ســوف تسعى بقوة وراء سياسة ثاثية اجلــوانــ­ب مـن تخفيف التنظيمات، وتخفيض الضرائب وإصاحها، واالسـتـثـ­مـار فــى البنية التحتية، وتـعـززت املشاعر اإليجابية نتيجة األغلبية اجلمهورية فى مجلسى الكوجنرس ألنهما أشارا إلى أن ترامب لن يواجه نفس اجلمود الـذى واجهه باراك أوباما معظم فترة رئاسته.

ومـع ذلـك ال تعد املعنويات دائـمـاً مؤشراً دقيقاً لتطورات وآفـاق االقتصاد احلقيقية، وكما أوضح االقتصادي، روبرت جاى شيلر، احلاصل على جائزة نوبل، أن التفاؤل ميكن أن يـتـطـور إلـــى «حــمــاســ­ة طــائــشــ­ة» يـأخـذ املستثمرون مبوجبها تقييمات األصــول إلى مستويات منفصلة عن األسـس االقتصادية، وقد يستطيعون احلفاظ على هذه التقييمات لوقت طويل إلى حد ما، ولكنه يستمر بقدر ما تأخذ املشاعر الشركات واالقتصادا­ت.

وحتى اآلن، لم تنعكس احلماسة الطائشة فــى األســـــو­اق النـتـصـار تــرامــب – ارتفعت جميع مـؤشـرات األسهم األمريكية ووصلت لـعـدة مـسـتـويـا­ت قياسية – فــى «الـبـيـانـ­ات املادية»، وعاوة على ذلك، لم يرفع املتنبئون االقـتـصـا­ديـون توقعاتهم للنمو ســوى بنسب متواضعة.

وال تثير استجابة املستثمرين فى األسهم للصعود فـى الـنـزعـات احليوانية الدهشة، ألنهم يستبقون ارتفاعاً محتمًا فى األداء االقتصادي، فبعد كل شـيء، يتضمن عملهم توقع التطورات فى االقتصاد احلقيقى وقطاع الشركات، وعلى كل حال هم يعتقدون أنهم يستطيعون تغيير استثماراته­م مبجرد تغير توقعاتهم.

ولكن هذه ليست احلال بالنسبة للشركات التى تستثمر فى املصانع واملعدات اجلديدة، والـتـى لـن تتغير على األرجـــح سلوكها حتى تبدأ التصريحات فى التحول إلى سياسات حقيقية، ولكن كلما طالت مــدة انتظارها، ضعف احلـافـز للنشاط االقـتـصـا­دى وتوليد الدخل، وازدادت احلاجة الستغناء املستهلكني عن االدخار ليترجموا معنوياتهم اإليجابية إلى مشتريات حقيقية للبضائع واخلدمات.

وفى هذا السياق، ينتظر االقتصاد جدوالً زمنياً صارماً تتطور فيه التصريحات السياسية إلى تصميم مفصل، وتطبيق مستدام، ورغم أن بعض التأخير يحدث عندما يتضمن األمر مفاوضات ومساومات سياسية، فإن فى هذه احلالة، قد يــزداد شعور عدم اليقني بسبب القرارات املتعلقة بتسلسل السياسات.

وفعلى سبيل املثال، باتخاذ قـرار إصاح نظام الرعاية الصحية – وهى قضية معقدة ومـثـيـرة لانقسام ومتأصلة فــى السياسة األمريكية – تخاطر حكومة ترامب بفقدان بعض النوايا السياسية الطيبة املطلوبة لتنفيذ اإلصاحات املالية التى تتوقعها األسواق.

وحتى فـى حــال ظهور حتسن فـى البيانات االقتصادية، فإن هذا التحسن قد ال يستمر، إال إذا مضت حكومة ترامب قدماً فى السياسات التى تعزز اإلنتاجية على املدى البعيد مثل إصاح نظام التعليم، وبرامج فترات التدريب املهني، والتدريب املهاري، وإعادة تدريب القوة العاملة.

كما يتعني على حكومة ترامب أيضا التوقف عن ماحقة السياسات التجارية احلمائية الــتــى مــن شـأنـهـا زعــزعــة ســاســل القيمة املتشعبة عبر احلــدود بالنسبة للمنتجني أو املستهلكني.

وإذا لم يترجم حتسن الثقة فى االقتصاد األمريكى إلى بيانات مادية أقـوى، فإن عدم حتقق التوقعات للنمو االقتصادى وارتفاع أرباح الشركات سوف يتسبب فى انهيار املعنويات فى األسواق املالية، ما سيغذى االضطرابات

حرك انتخاب الرئيس دونالد ترامب كرئيس المشاعر االقتصادية اإليجابية

ال تعد المعنويات دائم ًا مؤشر ًا دقيق ًا لتطورات وآفاق االقتصاد الحقيقية

بقلم:

السوقية ويقود أسعار األصول لألسفل.

وإذا حتقق هذا السيناريو، فسوف يتوقف املــحــرك األمــريــ­كــي، مــا يتسبب فــى معاناة االقتصاد العاملى ككل، خاصة إذا دفعت هذه التحديات االقتصادية حكومة ترامب لتنفيذ التدابير احلمائية.

وتعد الواليات املتحدة فى وضع قوى نسبياً يخولها لتحقيق منو اقتصادى أعلى، وبالفعل، وضعت حكومة ترامب األساس لتحمل القطاع اخلاص معظم األعمال الشاقة عندما أثارت النزعة احليوانية لاقتصاد.

ومع ذلك، ينبغى القيام بالكثير بعد، وإذا لم تستطع حكومة ترامب العمل مع الكوجنرس املتعاون لكى تترجم نواياها املحفزة لألسواق إلى حتركات محسوبة جيداً قريباً، فإن تأخر حتقق البيانات املـاديـة يهدد بتراجع الثقة، ما سيخلق رياحاً معاكسة متتد آثارها وراء التقلبات املالية.

 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt