السعودية تتجه شرقاً...
يستأنف ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع األمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز جوالته – بعد رحالت ناجحة للواليات املتحدة (واشنطن، ســــان فــرانــســيــســكــو، نـــيـــويـــورك) وفــرنــســا – بـــزيـــارة إلى بـالد الشمس املشرقة (الـيـابـان)، وأكبر مستهلك للطاقة في العالم (الـصـن). ويتوج األمير الشاب تلك الزيارات بــعــودة لـلـصـن، حـيـث سـيـقـود وفــد اململكة ملـؤتـمـر قادة دول مجموعة الـــ02 الــذي ستستضيفه الـصـن. وتلتقي جولة األمير محمد بن سلمان الجديدة مع سابقاتها في الحرص على عـرض مضامن مشروع «رؤيــة السعودية ،»2030 وإقناع الدولتن اللتن تقيمان عالقات صداقة وطيدة، وشراكة تجارية كبيرة مع اململكة، وحض زعماء الـــــدول الــــــ02 األكــبــر اقــتــصــادًا فــي الــعــالــم عــلــى مساندة مساعي السعودية لتنويع مصادر دخلها االقتصادي، بـدال من االعتماد على النفط وحـده. وال يلوح في األفق ما يشي بـأن أهــداف هـذه الجولة ستواجه أي صعوبات تذكر، إذ إن الشراكة الغربية واآلسيوية هي سر النجاح الـــذي بنيت عليه تــقــديــرات خـطـة اإلصـــالح االقتصادي السعودي، التي تتطلب إعــادة هيكلة شاملة لالقتصاد الوطني، ما يتطلب مهمات كبيرة على القطاعن العام والخاص، وما تستهدفه الهيكلة، من تطوير واستقرار، ومواكبة للعالم من حولنا. وإذا كــان التبادل التجاري مـع اليابان عريقًا ومستمرًا منذ تأسيس العالقات الدبلوماسية بن البلدين في عام ،1955 فإن العالقات مع الصن حديثة نسبيًا، إذ أنشئت فــي عــام .1990 لكنها ســرعــان مــا نـمـت، خصوصًا على صعيد الـتـبـادل الـتـجـاري. وأضـحـى للشركات الصينية وجــود ملحوظ فـي أســواق اململكة. كما أن عــددًا ال بأس بـه مـن الـطـالب السعودين يـدرسـون فـي الـصـن. ويمكن الـقـول إن الـعـالقـات مـع كـال البلدين متينة، وتـقـوم على أســس االحــتــرام املـتـبـادل، والـتـعـاون فـي املحافل الدولية واإلقـلـيـمـيـة. ومــن املــؤكــد أن الــريــاض تــعــول كـثـيـرًا على دور لـكـل مــن طـوكـيـو وبـكـن فــي االنـضـمـام إلــى الفرص االستثمارية الضخمة التي تنطوي عليها برامج إعادة هيكلة االقــتــصــاد. وينبغي التنبه إلــى أن دور البلدين الصديقن في إمكان نقل التكنولوجيا وتوطينها سيوفر دفعًا قويًا للخطط السعودية الـجـادة. وتتضح األهمية الـتـي تعلقها الــريــاض على الـتـعـاون مـع بكن مـن خالل معرفة أن اململكة تعد حاليًا أكبر مـزود بالنفط للصن، التي تعد أكبر مستهلك للطاقة في العالم. وال شك في أن للمملكة استثمارات ناجحة تتمثل في مشاريع الشركة السعودية للصناعات األساسية (سابك) في الصن، وهي تجربة تؤكد ضمان نجاح مزيد من املشاريع املشتركة، وإن كــان التركيز ينصرف هــذه املـــرة إلــى االستثمارات الصينية في الفرص الكبيرة التي تتيحها رؤية ،2030 خصوصًا تـوطـن التكنولوجيا، بما يـوفـر إمـكـان بناء هياكل وأطــر اقتصادية رقمية حديثة قـادرة على تلبية مـتـطـلـبـات الــســعــوديــة، وتـحـقـيـق املـنـفـعـة املــنــشــودة من الجانب الصيني والياباني. واألكــيــد أن دبـلـومـاسـيـة ولــي ولــي الـعـهـد الــتــي عايشنا ديناميكيتها في أمريكا ثم فرنسا وفـي زيــارات رسمية سابقة ستكون مفتاح النجاح لرحلتي الـصـن، وزيارة اليابان. وهي دبلوماسية تقوم على الصراحة، والصدق، وتأكيد املكاسب املشتركة، بما يخدم مصالح اململكة وكال الدولتن اللتن لم تشب عالقاتهما مع الـريـاض شائبة منذ تأسيسها. وعلى رغم وجود تباين في وجهتي النظر بن الرياض وبكن حول بعض املواقف السياسية، فإن ذلك لم يؤثر في العالقة بن البلدين، لكونهما يعمالن سويًا على تجاوز التباينات بما يمكن العالقة من االستمرار والقوة! ويذهب األمير محمد بن سلمان إلـى هناك والعالم كله يعرف حجم وأهمية وإمكانات االقتصاد السعودي، التي أهلت اململكة لالنضمام إلى نادي الدول ذات االقتصادات الـكـبـرى، الـتـي رحـبـت – واحـــدة تـلـو األخـــرى - بتصميم الرياض على إعادة هيكلة اقتصادها لتعزيز دورها في االقتصاد العاملي، وتحقيق الرفاهية املنشودة ملواطنيها،
لذلك كان ال بد من السفر شرقًا كما كان غربًا!