Okaz

أدباء: شبكات التواصل عّرت أشباه املثقفني

- علي فايع (أبها)

حــــــوار­ات بــعــض املــثــقـ­ـفــني واألدبــــ­ـــاء فـــي شبكات الـتـواصـل االجتماعي محل خــاف ونـقـد، يراها أدبــاء صـورة حقيقية لواقع ثقافي بائس، فيما يــنــظــر إلــيــهــ­ا آخــــــرو­ن عــلــى أنــهــا كــشــفــت الوجه الحقيقي للمثقف واألديب. هـنـا آراء لـبـعـض األدبــــا­ء عــن حــــوارات املثقفني، والنخب األكاديمية التي عادة ما تكون متشنجة وبعيدة عن القيم العلمية الرفيعة. ملـــــــا­ذا تـــتـــحـ­ــول حـــــــــ­وارات املــثــقـ­ـفــني فــــي شبكات التواصل االجتماعي إلى ماسنات وخـروج عن النقاشات العلمية املفيدة؟. الــكــاتـ­ـب مــحــســن الــســهــ­يــمــي يــعــيــد الــفــضــ­ل أوال لـشـبـكـات الــتــواص­ــل االجــتــم­ــاعــي؛ ألنــهــا إزاحت الــــســـ­ـتــــار عـــــن الــــجـــ­ـانــــب اآلخــــــ­ـــر (املــــســ­ــتــــتــ­ــر) من شخصيات بـعـض املـثـقـفـ­ني ـ وغـيـرهـم ـ الــتــي لم نكن نعرف منها إال الجانب املثالي القيمي عبر مشاركاتهم الشعرية والنثرية، غير أن شبكات التواصل االجتماعي ـ خاصة تويتر ـ جعلتهم يظهرون على حقيقتهم. ويضيف السهيمي «فباإلضافة لكشف الشبكات عن تدن في مستوى السامة اللغوية لدى بعض املثقفني، فقد كشفت لنا أيضا أنهم ال يملكون من قيم الحوار والنقاش سوى عبارات جوفاء تلوكها ألسنتهم وتسطرها أقـامـهـم وتسقط جميعها عــنــد أول مــوقــف حــــــوار­ي يـتـطـلـب املوضوعية واإلنصاف مع املحاور». ويعيد السهيمي األمر إلى التنشئة االجتماعية التي ال تعبأ باملحاور وتنظر إليه بتعال وفوقية، إضافة إلى أن الوسط املــحــيـ­ـط بـاملـثـقـ­ف يـسـتـلـذ بــاألحــا­ديــة فــي الرأي بوصفه ـ كما يدعي ـ األدرى واألفضل وعيا مع عجز املثقف في اإلتيان بالبرهان والحجة لذلك يلجأ لتلك املــاســن­ــات حـتـى يغطي بـهـا عجزه، وقـد يحمل بعضهم موقفا مسبقا ضد املحاور ويجد الحوار فرصة ال تعوض ليتقيأ ما بداخله من ضغائن من خال عبارات يترفع عنها املثقف الـحـقـيـق­ـي. وال يـخـلـي الـسـهـيـم­ـي سـلـطـة األتباع واملريدين من هـذه املسؤولية في جنوح املثقف للتعدي واملاسنات؛ ألن املثقف عندها يرى رأيه صــوابــا ال يـحـتـمـل الــخــطــ­أ ورأي غــيــره خــطــأ ال يحتمل الصواب. من جهته، يقر الشاعر سعد الهمزاني أن هناك تشنجا، ويعيد ذلـك إلـى حالة االنقسام الحادة التي يعيشها املجتمع منذ فترة بني من يسمون الليبرالين­ي واإلسـامـو­يـني، مشددا «يسمون ألن هذه األسماء مجرد شعارات ليس لها من اسمها نـصـيـب». ويــؤكــد الـهـمـزان­ـي أن الــحــوار كالعادة يبدأ بريئا بهدف الوصول إلى املعرفة الناتجة من تفاعل اآلراء مع بعضها لكن بمجرد تعرف كـل طــرف مـن املتحاورين على مرجعية الطرف اآلخــــر الــفــكــ­ريــة أو الـسـيـاسـ­يـة حــتــى يــتــم تغيير الـــهـــد­ف مـــن الــــحـــ­ـوار وهــــو مــعــرفــ­ي إلــــى إلحاق الهزيمة بالخصم؛ وذلك يتطلب تغيير الوسائل واألساليب املتبعة في الحوار، فبدال من محاولة فهم الطرف اآلخر وإعطائه الفرصة لطرح وجهة نظره وشرحها بعيدا عن سوء النية، وألتماس العذر له إن أخطأ في النتيجة باعتباره مجتهدا فــي األصــــل يـنـشـد الــحــق؛ والــحــقـ­ـيــقــة سـنـجـد أن كــل طــرف يـخـون مـبـادئـه ويلجأ إلــى لغة أخرى تخوينية واستعدائية تستعني حتى بالشيطان على خصمها الفكري وكأنه جاء من كوكب آخر وليس أحد أفراد املجتمع والوطن! ويــشــدد الـهـمـزان­ـي عـلـى أن هـنـاك أسـبـابـا أخرى لهذه الظاهرة، لكن املهم هو البدء في تشخيص هــذه الـحـالـة الـسـامـة للفكر واملجتمع ومحاولة الوعي بها لتفادي الوقوع فيها وتجاوز آثارها بني نخب املثقفني واملفكرين. من جهة أخرى، يقر الدكتور عبدالسام الوايل أن هناك أسماء كبيرة تندلق في نقاشاتها بسهولة إلى املاسنات والخروج عن الروح العلمية. بــعــض هــــذه األســــمـ­ـــاء ألكــاديــ­مــيــني يــفــتــر­ض أن تأهيلهم املهني يصونهم. ويضيف الـوايـل: لن أرجــع القضية إلـى سمات شـخـصـيـة مـعـيـنـة فــي هـــذا املــثـقــ­ف أو ذاك، مع كامل االحترام وعـدم التقليل من هكذا مدخل، بيد أنــي سـأتـنـاول األمــر عبر طريقتي األثيرة في التحليل، أي النظر إلى جموع «املستهلكني» كصناع لهذه الظاهرة، بدال من تركيز الضوء على «املنتج». ويعزو الوايل هذه الظاهرة إلى ضعف حاكمية املعايير العلمية على الذائقة املجتمعية. بتعبير آخر، لو كان للمعايير العلمية املعتبرة فــي طـريـقـة بــنــاء الـحـقـائـ­ق حــضــور أقـــوى لدى «املستهلكني» لكانت «السوق» الثقافية بنفسها مــجــت مـشـخـصـنـ­ي الــنــقــ­اشــات واملـتـنـك­ـبـني عن السبل العلمية في إدارته. ويــذكــر الـــوايــ­ـل أنـــه اطــلــع عــلــى نــقــاشــ­ات كانت املـعـايـي­ـر العلمية بـيـنـة بشكل جـلـي مــع طرف ضـــد آخـــــر، ومــــع ذلـــــك، قــــدر الـــطـــر­ف الـــــذي كان عليه وفق هذه املعايير أن يقر بحجة خصمه وأن يـسـتـمـر مـتـكـئـا عــلــى ضــعــف مـلـكـة الحكم لدى«املستهلكني». ويضيف الوايل: هناك ملمح آخر لهذه الظاهرة، هو تصورات املثقف نفسه عـمـا يـجـب أن يـكـون عليه أداؤه، وهــو يطارح خـصـمـه كـــي ال يـخـسـر سـمـعـتـه فـــي «السوق». ويــعــتــ­قــد الـــوايــ­ـل أن هــنــاك جــمــعــا مـــن الكتاب واملثقفني يتصورون الرطانة اللغوية الحادة مكسبة بحد ذاتها، ليس األمر خاصا بمثقفني من األوزان املتوسطة أو الخفيفة كما يظن، بل إن كــتــابــ­ات مثقفني كــبــارا تـعـبـر عــن ذلـــك بكل وضوح. ويــرى الــوايــل الـحـل فـي تحسني ملكات الحكم لدى الجمهور؛ ألن ذلك كفيل بتحسني مخرجات الحوارات الثقافية، ولكي تتحسن هذه امللكات فــــإن عــلــى مــنــاهــ­ج الــتــعــ­لــيــم أن تــرفــع مـــن هذه امللكات عبر تدريب الطلبة على التفكير الناقد، الـــــذي يــحــصــن الــعــقــ­ل مـــن االســـتــ­ـســـام إلغــــواء الرطانة اللغوية على حساب الحقائق املبنية بشكل منضبط..

 ??  ??
 ??  ??
 ??  ?? سعد الهمزاني
سعد الهمزاني
 ??  ?? محسن السهيمي
محسن السهيمي
 ??  ?? عبدالسالم الوايل
عبدالسالم الوايل

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia