Okaz

هدئ السرعة

-

ملــا كــانــت حــــوادث الــســيــ­ارات عـلـى الــطــرق ظــاهــرة عــاملــيـ­ـة، تـشـهـدهـا الدول املتقدمة واملتخلفة والتي تقع «بني بني»، فقد أولت منظمة الصحة العاملية اهتماما كبيرا بالحد من تفاقم هذه الظاهرة التي يروح ضحيتها ماليني البشر، بني قتلى ومصابني ومقعدين، األمر الذي تجلى في املنتدى العاملي الرابع للسالمة على الطرق، الذي عقد منذ أيام قليلة تحت عنوان: (احرص على إنقاذ األرواح – هدئ السرعة)، ويهدف إلى تسليط الضوء على ضرورة تقليص السرعة عند القيادة، لتوفير طرق أكثر أمنا لجميع مستخدميها. والحقيقة التي نشاهدها بعيوننا داخـل أرجــاء بالدنا املترامية األطراف –حفظها الله تعالى وأهلها– أن نسبة حــوادث الطرق عندنا عالية، وهي ال تقتصر على قائدي السيارات من السعوديني وحسب، بل يشاركهم فيها املقيمون العاملون بالبالد، وإن استأثر السعوديون بالنصيب األكبر في تلك الحوادث، حيث ال تمثل قيمة السيارة بالنسبة للكثيرين شيئا كبيرا إذا ما قورنت بدخولهم، كما أن كثيرا من الشباب، بل ممن لم يبلغوا الحلم بعد، يقودون سيارات ذويهم بال رخصة قيادة، وأنى لهم استصدار رخصة وهم ما زالوا تحت السن القانونية. كثيرون من قائدي السيارات يستغلون شبكة الطرق الرائعة التي تمتد من شمال البالد إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، في تجاوز السرعات املقررة، دون أن يحسبوا عواقب أفعالهم، حيث يدفعون حياتهم –وحياة اآلخرين– ثمنا لتلك السرعة الجنونية التي يقودون بها سياراتهم. إن خفض السرعة بنسبة %5 فقط، يؤدي الى انخفاض نسبة حوادث الطرق املميتة بنحو 3%، وذلك وفق تقارير منظمة الصحة العاملية، فما بالنا لو خفضنا السرعة إلى أكثر من ذلك. مهما كانت براعة قائد السيارة، ومهما كانت جــودة الطريق، فـإن ذلـك ال يمنع ظهور «املفاجآت» التي تــؤدي إلى العديد مـن الــحــواد­ث، ومــن ثـم ينبغي أن يتحكم السائق فـي سـيـارتـه، وال يدعها هي تتحكم فيه. نـحـن بـحـاجـة مــاســة وعــاجــلـ­ـة إلـــى نـشـر الــوعــي املـــــرو­ري بــني الــنــاس، وقد سارعت دولة تونس الشقيقة الى إدخال مادة «الوعي املروري» إلى املقررات الــدراســ­يــة فــي املــراحــ­ل التعليمية، وحـــذت حــذوهــا دول أخـــرى، ويــا ليتنا نناقش هــذه الفكرة ونطبقها ونـراقـب أثـرهـا فـي انخفاض نسبة حوادث الــطــرق، هــذا بــاإلضــا­فــة إلــى حـمـالت الـتـوعـيـ­ة املـسـتـمـ­رة، مــن خــالل وسائل اإلعالم املرئية واملسموعة واملقروءة، واللوحات اإلرشادية على الطرق التي من شأنها تذكير قائدي السيارات بخطورة تجاوز السرعات املقررة على الطرق املختلفة. وال بد أن يرافق هذه الحمالت، تشديد العقوبات الرادعة على كل من يخالف أنظمة املرور بعامة، وتجاوز السرعة بخاصة، ألن خطورة التجاوز تتعدى فـي الغالب الشخص املـخـالـف، إلــى األبــريــ­اء، ممن يــقــودون سـيـاراتـه­ـم، بل أيضا ممن يسيرون بأمان في الشوارع والطرق على أقدامهم. نحن بحاجة –باإلضافة إلى ما تبذله وزارة الصحة من جهود– إلى زيادة عدد سيارات اإلسعاف املجهزة تجهيزا طبيا فائقا، لعالج حاالت اإلصابة في مكانها، وقبل أن تستفحل هـذه اإلصـابـات، وتــؤدي إلـى الـوفـاة أو إلى اإلعاقة. كما نحتاج –كـذلـك- إلــى املـزيـد مـن املستشفيات املتخصصة فـي إصابات الحوادث املرورية على الطرق السريعة الرابطة بني املدن الكبرى باململكة. وقبل هـذا كله، نريد تشديد العقوبات الــرادعــ­ة، لكل مـن تسول لـه «قدمه» بالضغط على «كــالتــش» البنزين، هــؤالء الـذيـن يحسبون أنــه كلما زادت سرعتهم في القيادة، ازدادت قيمتهم في الحياة، فلقد ضل سعيهم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. يا أخي الكريم، هدئ السرعة من فضلك، واعلم أنك وإن لم تكن حياتك ذات قيمة، فحياة اآلخرين لها قيمة كبرى، ولله األمر من قبل ومن بعد. gmail.com@Dr.rasheed17

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia