ﺗﺄﻣﻼﺗﻲ صدقة كف شرك عن الناس

في الصحيح سأل رجل النبي عن أفضل األعمال، فذكر له النبي أنواعا منها فـي أوجــه إفـــادة الـنـاس بخيريته، فظل يـسـأل عـن بـديـل إن لـم يـقـدر عليها فأجابه النبي أخيرا (يمسك عن الشر فإنها صدقة) وفي رواية (تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك) رواه مسلم. أي أنك تسدي معروفا لنفسك عندما تكف شرك املادي واملعنوي عن الناس وستكون ممتنا لنفسك فـي اآلخــرة على ذلــك، ألنــك ستجد أن هــذا السلوك حمى صحائف أعمالك من أوزار وذنـوب خطايا األذيـة املادية واملعنوية للخلق، وهذا يشمل أذية الحيوان والنبات، فكل أذية متعمدة ألي كائن هي شر يجب أن تكفه وتمنع نفسك عــن الـتـصـرف بــه، مــع الـعـلـم أن الـفـقـهـاء مجمعون وبـنـص الحديث النبوي على أن كل أحاديث مغفرة الله باالستغفار والعبادات هي تكفر فقط خطايا اإلنسان في حق الله لكنها ال تكفر خطايا اإلنسان في حق املخلوقات إال عند عفو أصحاب الحق يوم القيامة وقيام الشخص في الدنيا بإرجاع الحقوق ألهلها، وال يكفرها حتى الجهاد والشهادة في حرب مشروعة وإن كانت مع النبي عليه السالم، ولهذا تقول الحكمة «إن لم تنفع ال تضر» فعدم منع اإلنسان نفسه عن األذية املادية واملعنوية املباشرة وغير املباشرة ترديه بالدنيا واآلخرة، وتطبيق املسلمن لهذا السلوك يمكنه وحده أن يصلح كل مشكالت العالم اإلسالمي، وبحق نحتاج لنشر هذه األحاديث عن األخالق والـسـلـوك الـرشـيـد ألنـهـا غير منتشرة وغـيـر مـعـروفـة، وهــذا سبب أساسي لـتـدهـور الــواقــع السلوكي للمسلمن، حتى أنـهـم فــي شهر تــدريــب النفس على تقوية إرادة االنضباط الذاتي صام كثيرون عن املاء ولم يصوموا عن الدماء، وهذا ال يقتصر فقط على الجرائم اإلرهابية والجنائية إنما أيضا كثرة املشاجرات العنيفة الدموية في الشوارع والبيوت في نهار رمضان، فالذي يهذب النفوس واألخالق والسلوك ليس القيام بعمل ما تعبدي بشكل آلـي إنما استحضار الوعي األعلى بالغاية املعنوية األخالقية السلوكية الروحية الكامنة فيه وتعريف الناس بهذا هو علم الحكمة، ولألسف بسبب غياب أدبيات الحكمة األخالقية السلوكية الروحية صار املسلمون ال يعون الحكمة والغاية من األعمال التعبدية ويقومون بها بشكل آلي خال من أي نـوع من الوعي األعلى الــذي يهذب العقول والنفوس واألخــالق والسلوك، ولــهــذا نحتاج لحملة إحــيــاء لحكمة األخـــالق والـسـلـوك الـرشـيـد عبر نشر اآليــات واألحـاديـث والحكم الـــواردة فيها وتعليقها في كل شــارع ومسجد ومــدرســة وحـيـث وجــدت املجتمعات اإلسـالمـيـة، فـأزمـة املسلمن هـي أزمة أخالق وسلوك. بشرى فيصل السباعي bushra.sbe@gmail.com