الزعيم.. صحوة املوت

يتيم.. قضى طفولته ما بني رعـي األغنام وفقيه يضربه بالعصا، جـــريء.. التحق بجيش اإلمـــام فـي الثانية عـشـرة مـن عـمـره، ثـم ما لبث أن شارك في الثورة ضده، طموح.. قفز من الصفوف الخلفية لكتيبة املدرعات حتى أصبح محافظًا لتعز، مغامر.. رشـح نفسه للسلطة في ظـروف مضطربة كــأنــمــا يـخـيـط كـفـنـه بــيــده، بــراغــمــاتــي.. استمال الـقـوى السياسية املـنـاوئـة ثـم همشها، متسامح مع خصومه.. لكنه ال يغفل عنهم، متفرد.. ألغى املــجــلــس الـــرئـــاســـي وحــــــول الــنــظــام الجمهوري لنظام حزبي، أحكم القبضة األمنية بالقبلية، سلم معظم املناصب القيادية مستندًا على الثقة، وبعضهم أول مـن غــدر بــه. مــفــوه.. يخاطب الـعـواطـف ويهنئ الشعب بما سيحدث لـه فـي املستقبل!! وحـــدوي.. استغل أفــول االشتراكية املــاركــســيــة لـيـضـم الــجــنــوب لـلـشـمـال، لكنها فـشـلـت باملحسوبيات وصراع األحزاب. الزعيم كما نعته مريدوه، جمع املتناقضات.. جعل الحرس الجمهوري هو الجيش الرسمي للباد، ودفع بالجيش الشعبي على الحدود، زج بامليليشيات لتواجه جماعة الحوثي وتنظيم القاعدة، وجعل مخزون األسلحة الخفيفة في يد القبائل أكثر منها في يد الحكومة. سئم السلطة.. فصرح أنـه لن يترشح مـرة أخــرى، ولكنه عاد لها نزوال عند رغبة الشعب!! مرس وشرس في القضايا املــصــيــريــة، يــقــبــل املــــبــــادرات لـيـلـتـف حــولــهــا، حارب الـحـوثـيـني فــي ســت مــواجــهــات، ولـكـنـه عـنـدمـا وثق فيهم وفـتـح لهم أبـــواب صنعاء الـتـي كــان يغلقها اإلمــام يحيى ليا غــدروا بــه، تحالفاته مرحلية ال مـبـدئـيـه، لـعـب بالبيضة والـحـجـر حـتـى مــع اإلدارة األمريكية عندما أهملوه باعتبار اليمن ليست مصدر قلق، قلب الطاولة عليهم، وصار رقما لهم، وعندما تحول الـربـيـع الـعـربـي لـخـريـف تــحــول هــو مــن الـرئـيـس إلــى الزعيم، وعـنـدمـا صـحـا مــن غـفـوتـه أصـبـح الـثـائـر الـعـروبـي الـــذي خـسـر معركة صنعاء، وكسب العودة إلى الحضن العربي ضد الفرس، لكن األفاعي التي رقص على رؤوسها لم تمهله هذه املرة، ليتم اغتياله بدم بارد.