Trending Events

بروز توجهات لرفض الاستثمارا­ت الصينية

بروز توجهات لرفض الاستثمارا­ت الصينية

- د. أسامة فاروق مخيمر

برزت خلال السنوات القليلة الماضية مخاوف وشكوك متزايدة حول الأهداف الحقيقية للاستثمارا­ت الصينية، خاصة مع بروز العديد من الأدلة على توظيف بكين لها بهدف تحقيق أهداف سياسية واستراتيجي­ة، قد تضر أحياناً بالدول المستقبلة لها، وهو الأمر الذي دفع بعض الدول، إما إلى رفض هذه الاستثمارا­ت، أو مراجعتها.

تقدم الصين، منذ سنوات، قروضاً وتعرض إقامة مشروعات استثمارية بمئات المليارات من الدولار في دول العالم المختلفة، وذلك في إطار مبادرتها المعروفة باسم "مبادرة الحزام والطريق"، التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينج في عام 2013، علاوة على الاستحواذ على شركات تجارية كبرى حول العالم، الأمر الذي أثار الشكوك حول نوايا بكين الحقيقية، خاصة مع إعلان الولايات المتحدة والهند واليابان والعديد من الدول الأوروبية مخاوفها إزاء تلك المبادرة الصينية.

وسوف يتناول هذا التحليل توضيح وجهة نظر الحكومة الصينية من هذه الاتهامات، وكذلك دوافع الاستثمارا­ت الصينية في ضوء عدد من الأمثلة الواقعية، وأخيراً توضيح أبعاد رفض أو اعتراض بعض الدول على الاستثمارا­ت الصينية.

اأولً: الجدل حول "اللاءات الخم�شة"

تبرر الصين ميلها لتوجيه استثمارات مكثفة إلى دول العالم المختلفة من خلال "مبادرة الحزام والطريق" باحتفاظها بفائض مالي ضخم تسعى بكين إلى الحفاظ عليه وتنميته، خاصة أنها تمتلك أكبر احتياطيات من النقد الأجنبي على مستوى العالم في 2019، بحجم يبلغ 3.1 تريليون دولار، بما يمثل حوالي 27% من إجمالي الاحتياطيا­ت العالمية البالغة 11.59 تريليون دولار(1.)

وأشارت وزارة التجارة الصينية، مطلع العام الجاري 2019 إلى أن الاستثمار الصيني المباشر بالخارج ارتفع بمقدار 4.2% على أساس سنوي، ليصل إلى 129.83 مليار دولار أمريكي في عام 2) 2018(. وتنفي بكين أي نوايا استعمارية من وراء استثماراته­ا، فقد أكد الرئيس الصيني شي جين بينج خلال افتتاح المنتدى الاقتصادي الصيني – الأفريقي السابع "فوكاك" في بكين في سبتمبر 2018، بحضور 53 زعيماً أفريقياً، "أن الصين لا تفرض شروطاً سياسية ولا تسعى وراء أية استفادة أو ميزة خاصة من تعاونها مع أفريقيا"(3.)

وأكد الرئيس الصيني خلال الحفل الافتتاحي للمنتدى، أن الصين تتبع نهج "اللاءات الخمسة" في علاقاتها مع الدول الأفريقية وهي: لا تدخل في طرق التنمية للدول، ولا تدخل في شؤونها الداخلية، ولا فرض لإرادة الصين، ولا ربط للمساعدات بأي شروط سياسية، ولا سعي لتحقيق مكاسب سياسية أنانية في التعاون الاستثماري والمالي( 4 .)

ومن جهة ثانية، تؤكد بكين الفوائد الإيجابية لاستثمارات­ها، وأنها منذ عام 2015، تمكنت بسبب استثماراته­ا من خلق حوالي 900 ألف وظيفة في أفريقيا، كما قدمت التدريب التقني لأكثر من 200 ألف شخص، فضلاً عن نفي بكين اتباعها لما صار يعرف باسم "دبلوماسية الديون"، وترجع ارتفاع مستويات الديون في بعض البلدان الأفريقية إلى عوامل وأسباب أخرى لا دخل لبكين بها، بما في ذلك انخفاض أسعار السلع الأساسية، التي تصدرها الدول الأفريقية، خاصة منذ عام 5) 2014.)

وأخيراً، تؤكد الصين أن العائد على الاستثمارا­ت في مجال البنية التحتية يؤتي ثماره على المدى البعيد؛ فالصين أنفقت مليارات لبناء خط السكك الحديدية الذي يربط زامبيا بميناء دار السلام في تنزانيا بعد أن امتنعت الولايات المتحدة والأمم المتحدة عن تمويله. كما استمرّت في تخصيص مساعدات لتمويل مشاريع زراعية وصناعية في البلدان الأفريقية الفقيرة(6.)

وعلى الجانب الآخر، فإن هذه الاستثمارا­ت الضخمة أثارت مخاوف الغرب، فقد أبدت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستين لاجارد، في أوائل عام 2019، مخاوفها من تزايد ديون الدول المشاركة في مشروعات مع الصين. ففي حين أكدت أن المبادرة يمكن أن تساهم في توفير تمويل للبنية التحتية في الدول الشريكة، غير أن تلك الاستثمارا­ت، في المقابل، قد تؤدي إلى تفاقم مشكلات الدين، مما قد يقيد مجالات الإنفاق الحكومي الأخرى لصالح التزامات خدمة الدين؛ بما يسببه ذلك من صعوبات مالية مستقبلاً للدول المتعاونة مع بكين(7.)

ومن جانب آخر، أعرب نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي "أبك"، عن قلقه من "مبادرة الحزام والطريق" الصينية، موضحاً أن الدول ينبغي ألا تقبل بدين يقوض سيادتها(8(، وهو ما يرتبط بقلق واشنطن من تزايد النفوذ الاقتصادي والسياسي لبكين في قارات العالم المختلفة من خلال هذه المبادرة.

وعبرت بروكسل عن مخاوف مماثلة، فقد أشارت المفوضية الأوروبية في توصيتها للدول الأعضاء إلى أن أوروبا قلقة من "تحوّل ميزان التحديات والفرص المطروحة من جانب الصين"، في إشارة ضمنية إلى التداعيات السلبية للقروض الصينية، خاصة عجز الدول عن سداد الديون المستحقة عليها لصالح بكين، الأمر الذي قد يجبرها على التنازل عن بعض أصولها الاستراتيج­ية لفترات طويلة، بما يمثله ذلك من انتقاص لسيادتها.

ثانياً: اأهداف دبلوما�شية الديون

في ضوء الاتهامات السابقة، يمكن القول إن بكين تسعى من توظيف دبلوماسية الديون إلى لتحقيق عدد من الأهداف، والتي لا تنحصر فقط في الحفاظ على معدلات نمو الاقتصاد الصيني، ولكنها تنصرف إلى تحقيق عدد من الأهداف الاستراتيج­ية، والتي يمكن توضيحها على النحو التالي: 1- السيطرة على الأصول الاستراتيج­ية: تثار شكوك حول الجدوى الاقتصادية للمشروعات الصينية في البنية التحتية لبعض الدول، وعن قدرة الأخيرة على تحقيق عائد يمكن أن يستخدم في سداد الديون التي اقترضتها لتنفيذه. وهناك عدد من الأمثلة في هذا الإطار، مثل تنازل سريلانكا على ميناء هامبانتوتا الاستراتيج­ي إلى الصين، بعد أن عجزت عن تسديد ديونها الخاصة بتطوير الميناء لصالح بكين، حيث حصلت الشركة القابضة للموانئ التجارية الصينية المحدودة، وهي شركة تابعة للحكومة الصينية، على 70% من أسهم ميناء هامبانتوتا مقابل مبلغ 1.12 مليار دولار لمدة 99 عاماً.

وبموجب الاتفاق مع سريلانكا، تستحوذ الصين على السيطرة الكاملة للعمليات التجارية وأعمال التطوير والتنمية في ميناء هامبانتوتا، إلى جانب بند في الاتفاقية يمنع أي طرف أو بلد ثالث من الدخول وتقديم عروض متنافسة، أو العمل على إنشاء ميناء آخر ضمن مساحة تبلغ 100 كيلومتر.

وتنبع أهمية ميناء هامبانتوتا في وقوعه في منتصف خطوط إمدادات الطاقة الحيوية في المحيط الهندي، والتي تربط منطقة الشرق الأوسط وشرق آسيا، كما أن الميناء يمثل حجر الزاوية في طموحات الصين لطريق الحرير البحري(9.)

ومن جانبها اضطرت كينيا، هي الأخرى، لرهن أكبر وأهم مرفأ بها، وهو ميناء مومباسا للحكومة الصينية، وذلك بسبب القروض المتراكمة عليها، حيث بلغ حجم الديون أكثر من 5.5 مليار دولار، مما يضع كينيا ضمن الدول الأكثر عرضة لفقدان أصولها الاستراتيج­ية لصالح بكين(10.)

ولا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة لباكستان، الحليف التقليدي للصين، فقد استثمرت الشركات الصينية نحو 62 مليار دولار في باكستان لبناء محطات للطاقة، وبناء وتوسيع الطرق السريعة، وتجديد خطوط السكك الحديدية، وذلك كله من خلال قروض صينية، بالإضافة إلى الاستحواذ على ميناء جوادر الاستراتيج­ي الباكستاني لمدة أربعين عاماً، مما سيجعل إسلام أباد مضطرة إلى تحقيق فائض تجاري مرتفع حتى تستطيع سداد ديونها لبكين، خاصة أن أغلب الأرباح سوف تذهب إلى الصين كذلك، إذ إنها ستحصل على حوالي 91% من إيرادات عمل ميناء جوادر ومحطة الحاويات، بالإضافة إلى حوالي 85% من عائدات المنطقة الحرة المرتبطة بالمشروع(11.)

أما جزر المالديف، فقد راكمت ديوناً مستحقة للصين بمبلغ 1.3 مليار دولار، أي ما يساوي أكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي للمالديف، وفي المقابل، استأجرت الصين إحدى جزرها لمدة خمسين عاماً، وهو ما دفع إبراهيم صلح، الرئيس الجديد، إلى مراجعة الاتفاقات مع الجانب الصيني، والتي أبرمها سلفه عبد اله يامين )2013 – 2018(، حيث اعتبرها صلح مشروعات تهدف للاستيلاء على أراضي الدولة(12.) 2- إضعاف القوى المناوئة لها: تهدف بكين من استثماراته­ا في القارة الأوروبية، خاصة إيطاليا ودول شرق ووسط أوروبا، إلى تحقيق أهداف استراتيجية، والتي تتمثل في إضعاف سلطة بروكسل على بعض دول الاتحاد الأوروبي، خاصة وسط وشرق أوروبا.

ومما يزيد من خطورة هذا التهديد، انقسام الدول الأوروبية حول مواجهة التحدي الصيني، ففي حين تنظر العواصم الرئيسية في أوروبا مثل برلين وباريس وبروكسل إلى الاستثمارا­ت الصينية باعتبارها مصدر تهديد، فإن قادة العديد من الدول الصغيرة في

وسط وشرق أوروبا لا يرون سوى الفوائد الاقتصادية المترتبة على الدخول في شراكات اقتصادية مع الصين)13.)

ويعد احتضان مدينة دوبروفنيك الكرواتية في أبريل 2019 الاجتماع الثامن لمجموعة 1"، + "16 والذي يضم الصين إلى جانب 16 دولة من شرق ووسط أوروبا، ترجمة حقيقية لمخاوف بعض دول الاتحاد الأوروبي الرئيسية حول زيادة النفوذ السياسي والاقتصادي الصيني على دول المجموعة، إذ تخشى بروكسل من اتجاه هذه الدول إلى تهديد الاتحاد، خاصة في ضوء الهواجس الأمنية من استثمارات بكين في مجالات حساسة، مثل الجيل الخامس من الشبكات، بالإضافة إلى إمكانية استدانة بعض الدول الأوروبية بصورة تتجاوز الحدود المنصوص عليها أوروبياً)14.)

ولعل تخفيض وكالة "موديز" التصنيف الائتماني للجبل الأسود دليل على ذلك، فقد اقترضت دولة الجبل الأسود من الصين لتمويل المرحلة الأولى من طريق سريع تصل تكلفته إلى 809 ملايين يورو، وهو مبلغ يعادل خُمس إجمالي الناتج المحلي للبلاد تقريباً)15(، الأمر الذي يعود إلى تراجع قدرتها على سداد الديون الصينية.

ويلاحظ أن الانقسام الأوروبي حيال الاستثمارا­ت الصينية سوف يستمر، خاصة مع انضمام إيطاليا في مارس 2019 لمشروع الحزام والطريق)16(. ورفض رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي الانتقادات الأوروبية والأمريكية لمشاركتها في المشروع، مؤكداً أن بلاده ستستفيد بصورة كبيرة من الاستثمارا­ت الصينية) 17 .) 3- استنزاف موارد الدول الأفريقية: تغلغلت الصين خلال السنوات الأخيرة في اقتصادات الدول الأفريقية، سواء عبر تمويل مشاريع في هذه الدول، أو نقل بعض التكنولوجي­ات الحيوية. وتتمثل أهم دوافع الاستثمارا­ت الصينية في أفريقيا في الحصول على الموارد النفطية والمعدنية التي تملكها بعض الدول الأفريقية، مثل نيجيريا والجزائر والكونغو، ولعل من الأدلة على ذلك أن حوالي 90% من صادرات الدول الأفريقية للصين تركز فقط على النفط والمعادن والغاز، ما جعل الميزان التجاري يميل أكثر للصين على حساب هذه الدول، كما ترغب بكين كذلك في شراء أراضٍ زراعية شاسعة في دول أفريقية لتوفير الطعام لسكانها الذين سيتجاوزون 1.5 مليار شخص بحلول عام 18( 2025.)

ولجأت الصين إلى إقراض حكومات القارة عشرات المليارات من الدولارات على الرغم من تيقنها من عدم قدرتها على سداد هذه الديون على الأرجح، وهو ما يعود إلى إدراك بكين جيداً أن ثروات القارة الغنية بالموارد الطبيعية سيعوضها عن أي قروض غير مسددة، وهو ما يفسر عدم مبالاة الصين بتصاعد الديون على الدول الأفريقية، فقد تضاعف الدين الوطني لزامبيا ثلاثة أضعاف كنسبة مئوية من الدخل القومي، وذلك بين عامي 2013 و2018، وكان معظمه مستحق للصين.

وفي عام 2018، تجاوز الدين العام الكيني حاجز ال 50 مليار دولار، واستحوذت الصين على أكثر من 21% من ديون كينيا الخارجية في ذلك العام، وتزامن تخفيض وكالة موديز للتصنيف الائتماني الكيني مع ارتفاع مستويات ديونها، وما رأته الوكالة تدهوراً في قدرتها على تحمل الديون)19.) 4- تطويق القوى المناوئة لها: تسعى بكين عبر استثماراته­ا في الدول النامية، خاصة أفريقيا، إلى تضييق المجال أمام الاستثمارا­ت الأمريكية والأوروبية في القارة، لتعزيز سيطرتها عليها. ولا تقتصر الأهداف الصينية على تحقيق فرص اقتصادية، ولكن كذلك إلى تطويق القوى المناوئة لها، إذا إنها تسعى إلى تطويق الهند، والوجود الأمريكي في المحيط الهندي عبر الاستحواذ على الموانئ هناك، خاصة مع وجود اتهامات موجهة لبكين بسعيها لترجمة نفوذها الاقتصادي في بعض الدول الآسيوية لإقامة قواعد عسكرية بحرية)20.)

ثالثاً: مراجعة ال�شتثمارات ال�شينية

شرعت بعض الدول، نتيجة للأسباب السابق ذكرها، في مراجعة الاستثمارا­ت الصينية، أو إلغائها، أو حتى وضع قواعد جديدة لتقييدها، وهو ما يمكن تفصيله على النحو التالي: 1- رفض المشروعات الصينية: ترى بعض الدول أن الاستثمارا­ت الصينية تتوجه إلى قطاعات لا تخدم الاقتصاد المستقبل لها. وفي

هذا الإطار، ألغت سيراليون مشروعاً بتمويل صيني قيمته 400 مليون دولار لبناء مطار في البلاد، وهو ما أرجعه رئيس سيراليون جوليوس مادا إلى "عدم وجود حاجة لبناء المطار")21(، في إشارة إلى غياب الجدوى الاقتصادية للمشروع على اقتصاد بلاده.

وبالمثل، أكد مسؤول تنزاني كبير في مايو 2019، تعثر التوصل لاتفاق مع بكين حول مشروع ميناء بقيمة 10 مليارات دولار، حيث اختلف الجانبان حول شروط الاستثمار في البنية التحتية، فقد وقعت تنزانيا منذ 2013 اتفاقية إطارية مع شركة "تجار الصين القابضة الدولية"، وهي أكبر شركة لتشغيل الموانئ في الصين، وذلك لبناء ميناء ومنطقة اقتصادية خاصة تهدف إلى تحويل تنزانيا إلى مركز للتجارة والنقل الإقليمي. ويعود السبب الرئيسي لرفض تنزانيا إلى شكوك دار السلام في الجدوى الاقتصادية والأرباح التي ستحصل عليها من جراء الاتفاق مع بكين) 22 .) 2- إلغاء المشروعات المتفق عليها: قرر رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد إلغاء عدد من المشروعات التي كان سلفه قد أبرمها مع الصين، والتي تندرج ضمن "مبادرة الحزام والطريق"، وذلك أثناء زيارته لبكين في أغسطس 2018، معتبراً هذه المشروعات الملغاة، والبالغة تكلفتها 22 مليار دولار، "شكلاً جديداً من أشكال الاستعمار") 23 .) 3- مراجعة قواعد الاستثمار الأوروبي: تستهدف الشركات الصينية منذ تفجر أزمة الديون الأوروبية عام 2009، شراء الأصول المعروضة للبيع في الدول المتعثرة مالياً، وتمتلك الشركات الصينية حالياً حصة كبيرة مسيطرة من ميناء بريوس اليوناني وشركة "فيلدليدادي"، أكبر شركة تأمين في البرتغال، وشركة "بيريللي" الإيطالية لصناعة الإطارات والفرع البرازيلي

لشركة "ريبسول" الإسبانية العملاقة للنفط. وأثار هذا النشاط الصيني في أوروبا القلق من النوايا المحتملة للصينيين، وإمكانية اتجاههم إلى مراكمة نفوذ كبير على الدول الأوروبية بما يحد من قدرة بروكسل على تقييده في النهاية، بالإضافة إلى سرقة الأسرار العلمية والمعلومات التقنية.

ونتيجة لهذه المخاوف، وافق ممثلو دول الاتحاد الأوروبي في 2018 على أولى قواعد على مستوى التكتل لتدقيق الاستثمارا­ت الأجنبية من خارج الاتحاد الأوروبي. من جانبها، باتت ألمانيا، تتبنى موقفاً أكثر تشدداً تجاه الصين بعد استهداف المستثمرين الصينيين الشركات الألمانية الكبرى، مثل "دايملر" للسيارات وغيرها.

وقررت حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لأول مرة الاعتراض على صفقة استحواذ صينية كانت محتملة العام الماضي، حيث كانت الصفقة تستهدف شركة صناعة الآلات "لايفيلد ميتال سبنينج" ‪Leifeld Metal(‬ ) الألمانية)24(، وهي شركة رائدة في إنتاج المعادن للسيارات، والصناعات النووية والفضائية، كما مررت برلين في أعقابها مشروعاً يجيز للحكومة الألمانية الاعتراض على صفقة شراء من خارج الاتحاد الأوروبي لحوالي 10% فأكثر من الشركات الألمانية)25.)

وفي الختام، يمكن القول إن الصين، شأنها شأن أي دولة كبرى، تسعى إلى تحقيق مصالحها بالدرجة الأولى، وبدأت الدول المختلفة تدرك التداعيات السلبية لاستثمارات الصينية. وصار لزاماً على الدول المختلفة، أن تدرس المشاريع الصينية، وتقيم الفرص والتهديدات التي تطرحها هذه الاتفاقات الاستثماري­ة، حتى لا ينتهي بها الأمر بالتنازل عن أصولها الاستراتيج­ية أو استقلالها الاقتصادي لصالح أي دولة من الدول.

 ??  ??
 ??  ??
 ??  ?? Source: ‪Katharina Buchholz, INTERNATIO­NAL LOANS: The Countries Most in Debt to China,‬ Statista, ‪14 October 2019,‬ ‪accessible at: https://www.statista.com/chart/19642/external-loan-debt-to-china-by-country/‬
Source: ‪Katharina Buchholz, INTERNATIO­NAL LOANS: The Countries Most in Debt to China,‬ Statista, ‪14 October 2019,‬ ‪accessible at: https://www.statista.com/chart/19642/external-loan-debt-to-china-by-country/‬

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates