سمية الخشاب: التحرش جريمة «فلا تخافوا من الابتزاز»
الفيلم الفلسطيني «إن شئت كما في السماء» يحصد جائزة الإخراج
حصــد فيلــم «الحديــث عــن الأشــجار» للمخرج السوداني صهيب قســم الباري جائزة أفضل فيلم وثائقــي في جوائــز اختيــارات النقاد العــرب لهذا العــام، إلــى جانب فيلــم المخــرج الفلســطيني إيليا سليمان «إن شئت كما في السماء» الذي منح جائزة الإخراج وأفضل فيلم روائي.
وتضــاف هــذه الجائــزة إلــى سلســلة الجوائز التــي حصدهــا الفيلــم الســوداني، مثــل «التانيث الذهبــي» لأفضل فيلم وثائقي فــي مهرجان قرطاج الســينمائي، والنجمة الذهبية للفيلــم الوثائقي في مهرجــان الجونــة الســينمائي، وعدد مــن الجوائز الأخــرى، التــي ابتدأهــا بحصولــه علــى جائــزة «جلاســوته أوريجنــال» لأفضل فيلــم وثائقى عند عرضه الأول في مهرجان برلين السينمائى في عام .2019
وتنــدرج معظم هــذه الجوائز في موجــة احتفاء بالأفــام الســودانية ترافقت مع الحراك الشــعبي في الســودان والإطاحــة بنظام حكــم الرئيس عمر البشــير العام الماضي، والذي شــهد احتفاء بثلاثة أفــام خرجــت مــن الســودان وحظيــت باهتمــام وترحيب عالميين وتوجــت بالعديد من الجوائز، إلى جانــب فيلم قســم الباري، الفيلــم الروائي «ســتموت فــي العشــرين» لأمجــد أبوالعــا، والفيلم الوثائقي «الخرطوم أوفسايد» لمروة الزين.
وتعتبــر هذه الأفلام أكبر إنتاج للســينما الســودانية في العقــود الأخيرة، وظلت الســينما تواجه فيــه قيودا مجتمعيــة وبيروقراطيــة وسياســية، ولا ســيما بعد مجــيء مــا يعــرف بنظــام الإنقاذ.
ويحــاول قســم البــاري أن ينفــض الغبــار عن واقع الســينما المنسية في بلاده، لكنه لا ينجــرف نحو مجرد محاولــة توثيقيــة تقــدم مقاطع من إنتاجاتها القليلة وســردا تاريخيا ومقابلات مع من تبقى مــن مخرجيها ورموزهــا، بل يقــدم حديثا عما تبقى من أشجارها ضمن حكاية إنسانية مفعمة بالعاطفة والحنين توثق حياة أربعة منهم وأحلامهم ببناء تجربة سينمائية سودانية عرضا وإنتاجا.
ويســتعير المخــرج عنــوان فيلمــه مــن مقطع في قصيدة للشــاعر والكاتب المسرحي الألماني، برتولد بريخت، يقول فيه «أي زمن هذا الذي يكاد يكون فيه الحديث عن الأشجار جريمة، لأنه يعني السكوت عن جرائم أشد هولا» فيصبح العنوان ما يشبه الاعتذار والتلميح إلى وجود جرائم أخرى أكثر قسوة وهولا في الســودان، ظلت تقبع في خلفية حديثه الشجى عما تبقى من أشجار السينما السودانية.
ويتجــاوز فــي فيلمه هــذا الحدود بــن الوثائقى والروائــي، فكثير من مشــاهده مُمثلــة أو مصنوعة لفيلمــه بالاتفاق مــع أبطالــه، الذين هــم بدورهم لا يمكن فصــل الفني عــن الواقعي لديهــم، فأحلامهم الفنية تختلط بواقع حياتهم اليومي، فالســينما في السودان هي ســينما حلم وليســت واقعا مجسدا، يظل معظم تاريخها مرتبطا بأحلام لتجسيد أفلام.
ويســتمر «إن شــئت كمــا فــي الســماء للمخرج الفلســطيني إيليا سليمان في الطوفان حول العالم، وذلــك عقــب اختيــاره لتمثيل فلســطين في ســباق الأوسكار لعام 2020 فئة «أفضل فيلم أجنبي.»
فبعــد عــرض خاص ضمــن مهرجــان أجيال في العاصمــة القطريــة الدوحــة، عــرض الفيلــم وفــي غضون أيــام قليلــة ضمــن مهرجانين ســينمائيين آخريــن، أولهما مهرجان «حول العالم في 14 فيلماً» في العاصمــة الألمانية برلــن، وثانيهمــا «مهرجان القاهــرة الســينمائي الدولــي» الذي عُــرض الفيلم ضمن فعالياته في قاعة المســرح الكبير بدار الأوبرا التي امتلأت عن آخرها بالجمهور.
يحاول ســليمان أن يكمل الحكاية التي بدأها في فيلمه الطويل الأول «ســجل اختفــاء» من إنتاج عام 1996، ثم اســتمرت عقب ذلك في فيلميه التاليين «يد إلهية، الزمن الباقي.»
هــي حكايته الشــخصية في الأســاس، أســرته وأهله، الفلســطينيين العاديين المحاصرين في حياة تدفعهم شــيئاً فشــيئا لليأس أو الجنون، ولكنها لا تخلو مــن مقاومة، تظهر في الأســاس فــي قدرتهم المستمرة على السخرية من كل ما يعانونه. الحكاية تكتمل إذن، ولكن سليمان ينقلها من داخل فلسطين إلى العالم كله.
وقد فــاز الفيلــم بجائزة الاتحــاد الدولــي لنقاد الســينما في مهرجــان كان الســينمائي، بالإضافة لجائــزة خاصــة من لجنــة تحكيم المهرجــان، يمثل الخروج الأول لعالم ســليمان الســينمائي من أرض فلسطين المحتلة إلى خارجها.