Al-Quds Al-Arabi

تركيا تسهل شروط منح الجنسية مقابل العقار والاستثمار لدعم الاقتصاد وتوقعات بإقبال عربي كبير

تعطى لمن يشتري عقاراً بـ250 ألف دولار بدلاً من مليون

- إسطنبول ـ «القدس العربي» من إسماعيل جمال:

دخلت التعديلات الجديدة على قانون منح الجنسية التركية للأجانب مقابل العقار والاســتثم­ار والتشغيل حيــز التنفيذ فعليــاً، الأربعاء، في خطــوة تهدف من خلالها الحكومة التركية إلى دعم الاقتصاد الذي يعاني من أزمة كبيرة، وسط توقعات بإقبال واسع من شريحة من المســتثمر­ين ورجال الأعمال العرب للاستفادة من هذه التسهيلات.

ومنذ أشــهر تعمل الحكومة التركيــة على تعديلات لقانــون منح الجنســية للأجانب تتضمن تســهيلات وتخفيضا كبيرا للشروط في محاولة لاجتذاب رؤوس الأموال وتشــجيع رجال الأعمال على تحويل أموالهم إلى تركيا، إلى جانب تســهيل إجراءات فتح المشاريع، بمــا يضمن دعم اقتصــاد البلاد الذي يعانــي من أزمة حادة بفعل مشاكل اقتصادية وسياسية عديدة.

وتأمــل الحكومــة التركيــة أن تؤدي التســهيلا­ت الجديدة إلى تشجيع المســتثمر­ين لا سيما العرب منهم على فتح مزيد من المشاريع التشــغيلي­ة بما يساعد في تقليل نسبة البطالة، وزيادة الودائع في البنوك التركية بما يدعم الليرة التركية، وبيــع مزيد من العقارات بما يساعد في انقاذ القطاع الذي يعتبر من أبرز القطاعات المتضررة من الأزمة الاقتصادية.

وبموجب نــص القانــون الجديد الــذي وقع عليه الرئيــس التركــي رجب طيــب أردوغان، ونشــر في الجريدة الرسمية التركية، أمس الأربعاء، فإن الأجنبي بات بإمكانه الحصول على الجنســية التركية في حال شــراء عقار بقيمة تتجاوز 250 ألف دولار أمريكي، بدلاً من القيمة السابقة التي كانت تقدر بمليون دولار، ولكن بشرط عدم بيع العقار خلال مدة 3سنوات.

وفي بند آخر، تم تعديل شــرط إيداع مبلغ مالي في البنوك التركية مقابل الحصول على الجنســية، حيث بات الشــرط ينص على إيــداع مبلــغ 500 ألف دولار عوضا عن 3ملايين دولار. كما نص أحد التعديلات على تخفيض مبلغ قيمة الاســتثما­ر الثابت مقابل الحصول على الجنسية من 2 مليون دولار إلى 500 ألف دولار.

إلى جانب ذلك، بات بإمكان صاحب المشــروع الذي يؤمن فرص العمل تشغيلية لـ50 مواطناً تركياً الحصول على الجنسية التركية، بعد أن كان في السابق يشترط عليه تشغل 100مواطن، على أن تدخل جميع التعديلات السابقة حيز التنفيذ بشكل مباشر.

ومن المقرر أن تقوم الجهات الرســمية بتشكيل لجنة مكونة مــن ممثلين عــن وزارات الداخليــة والخزانة والمالية والبيئة والتطوير العمراني والعمل والخدمات الاجتماعيـ­ـة والأســرية، والصناعــة والتكنولوج­يا، لمراقبــة ومتابعــة شــؤون المتقدمين للحصــول على الجنسية التركية، كما سيم فتح مكاتب خاصة لاستلام طلبــات الحصــول على الجنســية التركية وتســيير أمورهم، وســتخضع هــذه المكاتب إلــى رقابة اللجنة المكونة من الوزارات المذكورة.

وتتوقع الحكومة أن تــؤدي هذه الخطوة إلى زيادة الطلب بشكل كبير على شراء العقارات لا سيما من قبل المواطنين العــرب ودول الخليج بشــكل خاص، حيث شهدت الأشهر الأخيرة انتقال عدد كبير من المستثمرين والمقيمين العرب في دول الخليج لا سيما السعودية إلى العيش في تركيا، وهو ما تســعى أنقــرة على ما يبدو إلى استغلاله بشــكل أكبر ودفع جزء كبير من المقيمين العرب إلى نقل استثماراته­م وحياتهم إلى تركيا مقابل منحهم الجنســية التي تعتبر أبرز مشاكلهم التاريخية في الخليج.

وعلــى عكس ما هــو قائم في الخليج والســعودي­ة بشــكل خاص، تتيــح تركيــا إمكانية تملــك الأجانب للعقارات بســهولة دون الحجاة إلى وسطاء أو كفلاء، وهو نفس الأمر الذي ينطبق على الاســتثما­ر وتحويل الأموال وفتح الشــركات التي لا تحتاج لأي وسطاء أو كفلاء.

وخلال عــام 2017، بيع في تركيــا 1.4مليون وحدة ســكنية، اشــترى الأجانب 22 ألف وحدة سكنية منها، وجاء مواطنو البلدان الخليجية في مقدمة المشــترين للمنازل في تركيا.

وما يعزز هذا التوجه، أن أسعار العقارات في تركيا تعتبر مناســبة مقارنة بغيرها، لا سيما مع تراجع قيمة الليرة التركية مقابل الــدولار الأمريكي ووصولها إلى حاجــز الـ6.3 ليرة للدولار، والحديــث عن حالة ركود جزئية في قطاع العقارات التركي يجعل أسعار الشقق «معقولة» للعرب بشــكل عام، ويساعد في ذلك حملات التشــجيع التركيــة الرســمية والإعلانيـ­ـة التجارية الواســعة التي تحــث ســكان الخليج مــن المواطنين والمقيمين على شراء الشقق في تركيا.

ومــع تصاعد الخلافات بين أنقرة وواشــنطن حول ملــف القس الأمريكــي أندرو برانســون الذي ترفض تركيا الإفراج عنه، وفرض الرئيــس الأمريكي دونالد ترامــب عقوبات اقتصاديــة على تركيــا، ظهرت أزمة اقتصادية كبيرة تمثلت في انيهار ســعر صرف العملة التركية )الليرة( مقابل الدولار الأمريكي إلى مستويات قياسية غير مسبوقة.

وبعد أن تجاوز سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة حاجز الـ٧ ليرات للدولار الواحد في أوج الأزمة، استقر ســعر الليرة أمام الدولار، الأربعاء، عند حاجز 6.3 وذلك بفعل سلسلة إجراءات اتخذها البنك المركزي التركي لاحتواء الأزمة كان أبرزها رفع نســبة الفائدة الأساســية إلى 24٪. لكن هذه الإجــراءا­ت لم تتمكن حتى الآن من إعادة الليرة إلى مستوياتها السابقة.

لكن تراجع سعر الليرة التركية كان بمثابة «الفرصة» للكثير من السياح والمقيمين والمستثمري­ن العرب الذين لديهم أموال أو يحصلون على دخل بالعملات الأجنبية، حيث بات الأســعار في تركيا رخيصة جداً ومشــجعه للسياحة وفتح مزيد من الاستثمارا­ت وشراء العقارات.

وســبق هذه الإجراءات بأيام، قرار رئاســي ينص على منــع عقود البيع والشــراء للعقــارات بالعملات الأجنبية، وحصر ذلــك على العملــة التركية، وهو ما يضمن بقاء أســعار الوحدات السكينة بالليرة التركية وعدم رفعها من خلال ربطها بالدولار أو اليورو، وهو ما يعود بالفائدة على المشــتري والدولة التي تهدف لدعم تحويل العملات الأجنبية إلى الليرة التركية.

والثلاثاء، رفع البنك المركزي التركي ســعر الفائدة المدفوعــة على الاحتياطيا­ت الإلزاميــ­ة المقومة بالليرة إلــى 13بالمئة من ســبعة بالمئة اعتبارا من 21ســبتمبر أيلــول، حيــث يتوقع أن يشــجع القــرار البنوك على الاحتفاظ بالاحتياطي الإلزامي مقوما بالليرة.

وبينما التقــى الرئيــس التركي، أمــس الأربعاء، بعشرات المستثمرين الأمريكيين في العاصمة أنقرة في محاولة لتشجيعهم على الاستثمار في تركيا رغم الأزمة الاقتصادية بين البلدين، يتوقــع ان يعلن وزير المالية والخزانة التركي برات البيرق، اليوم الخميس، الخطة الاقتصادية متوســطة المدى للحكومة التركية، والتي تأمل من خلالها الحكومة طمأنة المستثمرين.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom