Al-Quds Al-Arabi

إعلام رخيص

-

ربما ليس غريبــا، أن يحتفي الغرب، بأغنية على طــراز: «الرب إمرأة»، لأريانا غراندي، فالغرب يحب الحرية، ويحب أن يتجاوز التابوهات، ويحب أن يتفوق على الطبيعة ويتجاوز الملكوت واللاهوت، والإنســان­ية، باســم الحرية، فإن كنت متمــردا على الذات الإلهية، والمحرمــا­ت، فأنت حر وبطل ومناضل برتبة أســطورية، ويحق لــك بناء عليه، أن تعتــرض على ظهور فتاة محجبة بمنشور دعائي لشركة اسرائيلية، ليس لأنك ضد التطبيع فهذا ممنوع، ولكن لأنك متحضر بما يكفي، لتعطي لنفسك الحق باعتبار الحجاب اضطهادا دينيا!

المشــكلة مش هون، فكون الرب إمــرأة، عملا إبداعيــا، يعني أنه يحتمل رمزيــة الدلالة، أكثر من أنه يحمل بعدا عقائديا، فالفيديو وكلمات الأغنية، لا تخلو من حس شــبقي، وإيحاءات إيروتيكية، تستند إلى مخزون أسطوري تغدو فيه الممارســا­ت الجنســية طقوســا تعبدية... لهون، وماشي الحال، ولكن أن تخصص المواقــع الالكتروني­ة البريطانية مســاحة منتظمة لطرح قضايا تتعلق بحقوق الإنســان، يســتحوذ فيها «شــعب قوس قزح» على الاهتمام الأعظم، على حساب مســلمي الروهينجيا وأبطال غزة، واغتصاب الصلوات في المســجد الأقصــى، وضحايا تجار الأدوية والســاح والذهب والمجاعات في إفريقيا وآســيا، وتطرح الجهات الرســمية مســألة السامية للتصويت الالكتروني، دون أي اعتبار للعنصر القانوني أو الأخلاقي أو حتى التاريخي، فهذا يعني أن هناك خللا فــي الطبيعة، والزمن، والمبادئ، وهذه ليست محاكمة أخلاقية، بقدر ما هي تأملات للخيارات الشخصية والقرارات المصيريــة، والدوافــع الإعلاميــ­ة الحقيقية التي تتســتر بثيمــة الحقوق الإنسانية، للترويج لانهيار اجتماعي وسلوكي شامل!

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom