Al-Quds Al-Arabi

مجسَّمات ثلاثية الأبعاد على شكل البشر تفجر جدلاً في الكويت: إبداع أم أصنام؟

-

■ الكويت - مــن محمد عبد الغفار: انتشــرت مؤخرًا في الكويت، مجســمات ثلاثيــة الأبعاد على هيئة البشــر، أحدثت ســجالاً حادًا في البلاد تدخّل فيه دعاة وعلماء شريعة وسياسيون ونشطاء.

القضيــة انتشــرت بشــكل مكثّف عبــر مواقع التواصل الاجتماعي، إثر تداول ناشطين، أنباء تفيد بقيام محل في الكويت بصناعة مجســمات وتماثيل على هيئة البشر.

هــذا المحل، وفــق الناشــطين، يســتخدم تقنية عالية تخرج مجســمات ثلاثية الأبعاد لأي شخص للاحتفاظ بها كذكرى.

لكن منتقدون اعتبروا تلك التماثيل والمجســما­ت «أصنامًا»، ودعوا إلــى حظرها، فيما رأى آخرون أن موقف المعارضين لتلك التقنية هــو محاولة جديدة لقمع الحريات والإبداع.

حرام شرعًا

موجة اســتنكار أطلقها النائــب البرلماني، محمد هايف المطيري )إســامي(، عبر حسابه على موقع «تويتر».

المطيري، كتب الإثنــن، أنه «لا بدَّ من منع صناعة هذه المجســمات والتماثيــ­ل، بعد غزوهــا جزيرة العرب، إذ وصل التساهل حد إنشاء معابد في بعض دول الخليج».

وأردف: «في الكويت يوجد )معرض مجســمات نسخة طبق الأصل للإنسان للذكرى(، وهي خطوات منكرة في بــاد التوحيد التي هُدِمــت فيها الأوثان وحُرّمت، وما عودتها إلا من علامات الساعة، ويجب على وزير التجارة منعها».

وتبعه في اليوم نفســه الداعية عثمان الخميس )ســلفي(، عبــر رده على ســؤال بخصــوص هذه المجمســات، إذ كتب على «تويتر» أن «ما يفعله هذا المحل منكر، ويجــب إغلاقه فــورًا إذا كان - فعلًاموجودًا».

وصعّد الخميــس الأمر ليصفه بأنــه «أخطر من محلات بيع الخمور، لأنــه يحيي قضية الأصنام؛ ما قد يدفع بعض الأشخاص لصناعة أصنام لأولادهم، لذا يجب إغلاقه».

بدوره، اعتبــر وزير العدل والأوقاف الســابق، الدكتور نايــف العجمي، عبر حســابه على تويتر، أن «صنــع التماثيل باســتخدام التقنيــة الحديثة حرام شــرعًا، ولا يجب استخدامها إلا للفائدة ضمن حدود الشرع، كالمجسَّمات التعليميّة في كليّات الطب وألعاب الأطفال».

لكن العجمي قال، إنــه «لا يجوز وصف التماثيل المجسَّــمة بأنها أصنــام، ذلك أن التماثيــل لا تكون أصنامًا إلا إذا عُبِدت».

وأضــاف بهذا الخصوص: «أما مجــرد الصورة، فإنــه يقال لها تمثال، ولا يقال لهــا صنم. وغني عن القول إن التماثيل ذريعة إلى الشرك الأكبر، وهذا من أبرز أسباب تحريمها».

الشركة تتراجع

على وقع موجة الغضب، ســحبت إدارة الشركة، جميع ما في معارضها من المجســمات ثلاثية الأبعاد على هيئــة البشــر، رغــم إعــان وزارة التجارة والصناعة الكويتية أنــه لا توجد مخالفات قانونية في ما يتعلق بذلك.

ونقلت صحيفــة الجريدة )خاصــة(، عن محمد اليوســفي، عضو مجلس إدارة الشــركة، قوله إن الشركة ســحبت كل المجســمات برغبتها الخاصة، حماية لموظفيها من التعرض لأي إســاءات أو تهجم غير متوقع.

ونفــى صحة ما يشــاع عن تدخل جهة رســمية لإجبار الشركة على سحب المجسمات.

وقال إن الشركة تقدمت بطلب رسمي إلى الشركة الأم لجلب مجســمات بالتقنية نفسها، على أن تكون بعيدة عن الأشكال البشرية.

وتابع أنه تم الاجتماع مــع وزارة التجارة، على خلفية شكوى تلقتها الوزارة ضد الشركة، ورأى أن الموضوع ينبع من «تكسبات سياسية.»

ومضى اليوسفي مبينًا أن تقنية طباعة المجسمات الثلاثية الأبعاد متوافرة في الأسواق منذ نحو ثلاث سنوات، لكن تقنية «دوب» ذات دقة عالية وبأحجام مميــزة، ولها اســتخداما­تها في الطب والهندســة المعمارية، فضلاً عن التسلية والذكريات.

تماثيل للذكرى

على الجهــة المقابلة، أبــدى كتّاب وناشــطون استغرابهم من هذه الحملة تجاه التماثيل وتسميتها بـ«الأصنام».

وتحت وسم «أصنام في الكويت»، كتبت الناشطة لولوة الحســينان: «محــل في الكويــت يصنع لك ولعائلتك تماثيل للذكرى.. وشــيوخ الدين يقولون التماثيــل تــؤدي للشــرك وتالي )لاحقــا( الناس بيعبدونها».

وتابعت: «من المؤكد أننا تعدّينا كل مراحل الجهل، وصلنا الى مرحله أعجز عن تسميتها».

وكتبت الناشــطة والكاتبة أروى الوقيان، تحت الوسم ذاته، أن «الجهاز يســوي مجسم لك مو حق )ليس( الــات والعزى، خِفّوا علينــا من هالفتاوى اللي ما تودي ولا تجيب».

سياســيًا، قال الأمــن العام للتحالــف الوطني الديمقراطي )ليبرالي(، بشــار الصايغ، إن «اقحام الفتاوى واســتغلال­ها لمصــادرة الحريــات العامة والخاصة، والتكســب السياســي والانتخابي، أمر مؤسف».

ووصف ما حدث بأنه «إرهاب ديني اســتُخدمت فيه كل أسلحة التكفير والتهديد».

وحــذّر من «خطــورة إصدار مثل تلــك الفتاوى بشكل عشوائي وتفسيرها وفق أحداث سياسية».

انتقــد رئيــس المكتــب السياســي فــي «المنبر الديمقراطي» (ليبرالي(، علي العوضي، اعتبار هذه المجسمات «أصنامًا».

ورأى أن «ما يحدث ما هو إلا اســتخفاف بالعقول ومحاولة جديدة لقمع الحريات والإبداع تحت ستار الدين». )الأناضول(

 ??  ?? مجسم على هيئة بشر
مجسم على هيئة بشر

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom