Al-Quds Al-Arabi

لماذا فشل اتفاق أوسلو؟

لم يتم الوصول إلى أغلبية إسرائيلية تؤيد تنفيذ الشروط التي وضعها الفلسطينيو­ن

- موشيه آرنس

■ لقد جاء يــوم الذكرى الـ 25 لاتفاقات أوســلو بفيض من التحليلات والنقاشات في وسائل الإعلام المتعلقة بالجهود من أجل عقد الســام بين إســرائيل والفلسطيني­ين. ماذا كان سيحدث لو أنه...؟ ماذا كان يمكن أن يحدث؟ من المســؤول عن الفشل في تطبيق الطموحات النبيلة لمن بــادروا ووقعوا على اتفاقات أوسلو؟

هل كان ذلك هو المعارضة للاتفاق من جانب اليمين الإسرائيلي؟ هل كان ذلك عدم استعداد ياسر عرفات للقيام بالخطوة الأخيرة؟ أم أن الإرهاب الفلســطين­ي هو المســؤول عن الفشــل؟ من ناحية ما، من المعقول الافتراض أن كل ذلك أسهم في الوصول إلى النتيجة. في نهاية الأمر كل اتفاق ســام يتم التوصل إليه بين زعماء إســرائيل وزعماء جارة من الجارات العربية، مرتبــط بقدرة كل قيادة علــى تطبيقه والوصول إلى الهدف النهائي الذي وضعته لنفسها.

هنا يكمن الفرق بين الديمقراطي­ة وحاكم شــمولي. عــدم التناظر هذا الــذي يميز إســرائيل وجيرانها، يمكن أن يقرر النتيجة. وللحكام الشــموليي­ن القدرة على تطبيق اتفاق ـ حتى لو كان لا يحظى بشــعبية في أوســاط السكان ـ بواسطة الوسائل التي لديهم: المخابــرا­ت، ونظــام الحكــم، والجيــش، والإعلام. فــي الديمقراطي­ة ليــس بالإمكان فرض ســام على المواطنين، ودعــم المواطنين وغيابه هــو الذي يحدد النتيجة النهائية.

التوثيــق التاريخي يتحــدث عن نفســه. اتفاق السلام بين إســرائيل ومصر تم تطبيقه على يد أنور السادات ووريثه حســني مبارك والآن على يد حاكم مصر الحالي عبد الفتاح السيســي، رغــم العلامات الكثيرة التي تــدل على أنه لا يحظــى بتأييد أغلبية الجمهــور المصري. مناحيم بيغــن نجح في الحصول على دعم ســاحر للاتفاق في الكنيســت، وهذا الدعم يواصل الوجود حتى الآن.

اتفاق الســام بين إســرائيل والأردن تم تطبيقه على يد الملك حســن ووريثه الملك عبــد الله الثاني، أنور السادات مصافحاً مناحيم بيغن وفي الوسط جيمي كارتر رغم غياب التأييــد له من جانب الجمهــور الأردني. في إســرائيل يحظى الاتفاق بتأييد مطلق تقريبًا من المواطنين. محاولة التوصل إلى اتفاق مع سوريا كانت تســتند إلى الافتراض بأن حكامها يستطيعون تنفيذ الاتفاق بعد التوقيع عليه. اختلافات في الرأي بشأن شروطه منعت التوقيع عليه. في الجانب الإسرائيلي ثمة شــكوك حول مســألة هل الخضوع لــكل مطالب سوريا ســيثير معارضة لدى أغلبية سكان إسرائيل. هذا الوضع بقي علــى حاله منذ الحــرب الأهلية في ســوريا، التي أدت إلى أن اتفاق السلام بين الدولتين غير ممكن في هذه الأثناء.

بخصوص اتفاقات أوســلو كانــت هناك علامات دلــت منذ بداية الطريق على وجــود معارضة كبيرة في إســرائيل للموافقــة على الشــروط التي طلبت لتســوية الخلافات مع الفلســطين­يين. البعض مثل إسحق رابين، اعتقدوا أن عرفات سينجح في التغلب علــى كل معارضة فلســطينية )بــدون محكمة عليا وبدون بتســيلم(، ولكن تبدد هــذا الأمل. عرفات لم يحاول فحســب، بل ثمة دلائل على أنه أيد العمليات الإرهابية.

الاتفاق تم تمريره في الكنيست بأغلبية بسيطة، تم الحصول عليها من خلال تلاعبات ومناورات وحوافز سياسية. كانت هذه محاولة فاضحة لإجبار مواطني إســرائيل على بلع الاتفــاق، لكنها فشــلت. منذ ذلك الحين زادت معارضة اتفاقات أوسلو في إسرائيل.

مع كل الاحترام لأحلام محبي السلام الإسرائيلي­ين وشــجاعتهم، فإن عليهــم أن يتذكــروا أن المواطنين هم الذيــن يقررون في نهاية الأمــر، ويبقى الحصول على دعم كبير من مواطني إســرائيل شرطًا ضروريًا للتوصل إلى اتفاق ســام مع جيراننــا العرب. هكذا تتم الأمور فــي الديمقراطي­ة، ولا يمكن أن تكون هناك أي طريقة أخرى.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom