Al-Quds Al-Arabi

قرابة مليوني جائع وإسرائيل تلقي ما قيمته مليارات في القمامة

يمكن اتباع نموذج جمع الطعام الزائد وتوزيعه على المحتاجين

- غيدي كروخ٭

■ أحد التحديات الكبرى للإنسانية اليوم هو الحاجة إلى تغذية سكان العالم المتزايدين، دون التسبب بالضرر للبيئة. في السنوات الأخيرة اتسع الإجماع على وجوب غرس مبادئ الوجود في مفاهيم الأمن الغذائي، وبالفعل فإن أحد الحلول التي تتصدر التفكير في العالم اليوم هو إنقاذ فوائض الغذاء.

يضيع في إسرائيل كل سنة 2.3 مليون طن من الغذاء بقيمة 19.5 مليار شــيكل. ففي فرع المطاعم الرسمية فقط ـ مثــل غرف الطعام في الشــركات والمصانع، والفنادق وقاعات المناسبات، وقواعد الجيش ـ يلقى كل سنة إلى القمامة بـ 220 ألف طن من الغذاء بقيمة 3.5 مليار شيكل، يمكن بها إنقــاذ غذاء بقيمة أكثر من مليار شــيكل. ومن جهة أخرى، فإن 1.8 مليون نســمة في إسرائيل يعانون من نقص في الأمن الغذائي، منهم نحو 840 ألف طفل. هذا ما يتبين من معطيات مؤسسة التأمين الوطني. هذا وضع عبث، وذلك لأن الغذاء المناســب الذي يشكل حلامناسبًا لهؤلاء السكان يلقى به إلى القمامة كل يوم.

تــل أبيب هي المدينة الأولى في إســرائيل التي وقعت على ميثاق ميلانو لسياســة الغذاء المديني، إلى جانب 170 مدينة أخرى في العالم، بهــدف التصدي لتحديات بناء منظومات الغذاء القائمة. والفكرة الرائدة للميثاق هي أن للسلطة المحلية دورًا مركزيًا في تحقيق نمط حياة ملبّ للحاجة. فالميثاق يســعى إلى خلق التزام لنشــاط محلي مديني يعمل على توفير غذاء دائم فيســاعد بذلك في تقليــص عدم الأمن الغذائي وتقليــص تبذير الغذاء الذي يمس بجودة البيئة.

علــى المســتوى الوطنــي، مــن المهم معالجــة هذه المسألة بالتشــريع­ات والإعلام وتوزيع المقدرات، ولكن وبالتوازي مع ذلك فمن الضروري تحريك النشــاط على المســتوى المديني. الســلطات المحلية مطالبة بأن تعالج النقص في الغذاء لدى قســم من السكان ممن يعيشون في أراضيها، من خلال جملة نشــاطات معظمها تنطوي على اســتثمارا­ت مالية قليلــة، ودون التعلق ببرنامج وطني شامل.

من خلال نشــاطات جمع الغذاء المطبــوخ في أرجاء البلاد، أنقذت هذه الســنة منظمة «لكت إسرائيل» نحو 2.5 مليون وجبة ســاخنة من هيئات مؤسسية مختلفة، ونقلتهــا إلــى المحتاجين. وكانــت كلفة إنقــاذ الوجبة الساخنة من مطاعم الشركات والفنادق وغيرها، ونقلها إلى جمعيات إغاثة المحتاجين، أدنى بكثير من كلفة شراء هذه الوجبــة. لا يوجد ما يمنع انتشــار هــذا النموذج فــي المدن والســلطات المحلية في إســرائيل. وسيســرّ غرف الطعام في المؤسســات، وفي الفنادق، وفي قواعد الجيش، وفي قاعات المناســبا­ت وغيرهــا أن تنضم إلى المبــادرة المحلية لإنقاذ الطعام في صالح ســكان المدينة المحتاجين. والقوى البشرية والمتطوعون الذين يسكنون المدينة هم جزء مهم من هذا النشاط الذي يشكل مساهمة أخلاقية واقتصادية لرفاهية السكان في المدينة.

مؤتمر تل أبيب ـ يافا التاســع للتجدد المديني، الذي يســتضيف هذه الســنة مؤتمر ميثاق ميلانو لسياسة الغــذاء، هو فرصة مهمــة لدعوة البلديات والســلطات المحلية في إسرائيل لدعم النماذج من هذا النوع ونشرها بالتخطيط، وبالاستعدا­د، وبتخصيص المقدرات والقوى البشــرية والمتطوعين. أما المنفعــة الاجتماعية والبيئية والاقتصادي­ة والصحية، فســتفوق الكلفة التي ينطوي عليها استخدام مثل هذا النموذج المديني.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom