األزمة األسوأ (١)
بـــات مـــؤكـــدا اآلن مبـــا ال يــدع مـــجـــاال لــلــشــك عــلــى اإلطـــــاق، صـعـوبـة الـتـوقـع مبــوعــد انتهاء األزمــــــــة االقـــتـــصـــاديـــة الــعــاملــيــة الـــتـــى حتــيــط بــكــل دول الـعـالـم اآلن شرقه وغربه، دون استثناء لشعب من الشعوب أو دولـة من الـــــدول بــطــول الــدنــيــا وعـرضـهـا مـــهـــمـــا صـــغـــر حـــجـــمـــهـــا أو زاد وارتفع شأنها.
وأحسب أن الكل يــدرك اآلن أن ما يتعرض له العالم حاليا هـى األزمـــة االقـتـصـاديـة األســوأ عــلــى اإلطــــــاق، الــتــى يشهدها العالم خال املائة عام األخيرة، حــــيــــث لــــــم ميــــــر عــــلــــى الـــعـــالـــم مـــا يــشــابــهــهــا أو يــضــاهــيــهــا فى شدتها وعموم انتشارها وفداحة تـأثـيـراتـهـا االقــتــصــاديــة شـديـدة الـــوطـــأة مــنــذ عــشــريــنــات الــقــرن املاضى.
وفـــى هـــذا اخلــصــوص قــدرت اخلـــســـائـــر االقـــتـــصـــاديـــة اجلـمـة التى يتعرض لها العالم نتيجة األزمــــة احلــالــيــة، مبــا يــزيــد عن اثــنــى عـشـر تـريـلـيــون دوالر من الــنــاجت اإلجـمـالـى الـعـاملـى وفقا للتقارير الصادرة عن املؤسسات املالية واالقتصادية الدولية.
وهـــذه الــتــقــديــرات تــعــود إلـى االنـخـفـاض فـى مـعـدالت النمو على مستوى العالم إلى ما يقل عن نسبة ثاثة ونصف باملائة، بعد أن كان قد بدأ فى التعافى مـــــن اآلثـــــــــار املـــــدمـــــرة جلــائــحــة كـــورونـــا، وكــــاد أن يــتــجــاوز نسبة األربـــعـــة ونــصــف بــاملــائــة، ولكنه عاد لانتكاس على وقع الضربة الـشـديـدة الـتـى أصـابـتـه نتيجة احلرب الروسية األوكرانية.
وفــــى ظـــل هــــذه الــتــداعــيــات وتـــــــلـــــــك املــــــعــــــلــــــومــــــات أصــــبــــح مـــــن املــــهــــم واملـــنـــطـــقـــى أيـــضـــا، اإلدراك الــــــواعــــــى بــحــقــيــقــة أن األزمـــــة االقـــتـــصـــاديـــة الــتــى تــــــعــــــانــــــى مـــــنـــــهـــــا مــــــصــــــر اآلن وطـــــــوال الـــشـــهـــريـــن املـــاضـــيـــن، لــيــســت نــاشــئــة عـــن تـــدهـــور فـى األوضـــاع االقـتـصـاديـة املصرية ولـــيـــســـت نـــاجـــمـــة عـــــن اخلـــطـــأ فـــى الــســيــاســات أو اإلجـــــراءات االقــتــصــاديــة الــداخــلــيــة ميكن تصحيحها أو تعديلها.
ولــكــنــهــا تـــعـــود فــــى األســـــاس إلـــى تـداعـيـات وتــأثــيــرات األزمـــة االقـتـصـاديـة الـعـاملـيـة الكاسحة وغــيــر املــســبــوقــة، الــتــى أحــاطــت بــالــعــالــم كــلــه مـــن شــرقــه لغربه كــنــتــيــجــة مـــبـــاشـــرة لـــتـــداعـــيـــات احلـــــرب الـــروســـيـــة األوكـــرانـــيـــة. «وللحديث بقية».