Al-Akhbar

«اإلحصاء»: مصر األولى عربيًا والرابعة عشر عالميًا واألمم المتحدة تحذر من الزيادة السكانية

ما يحدث اآلن مجرد اجتهادات فردية واألمر أكبر من ذلك تغيير ثقافة «العزوة» الخطوة األولى لنجاح أى حملة جديدة

-

خــال السنوات القليلة املاضية عملت الدولة جاهدة حملاولة إدارة ملف الزيادة السكانية بشكل مختلف لتحقيق نتائج ملموسة، فلم تلجأ لـعـبـارات رنـانـة مثل «الــراجــل مش بس بكلمته..الراجل برعايته لبيته وأسرته» أو االعتماد على محمدين وحـسـنـن إلقـــنـــ­اع األســـــر­ة بتنظيم نـسـلـهـا، بـــل اجتــهــت إلطــــاق عـدة مشروعات ملواجهة الزيادة السكانية منها املشروع القومى لتنمية األسرة املصرية، و مشروع تنظيم األسـرة، بجانب مشروع 2« كفاية» وغيرها، وتعاونت معها كافة اجلهات املعنية بــــدءاً مــن الــــــوز­ارات حـتـى مجلس الـنـواب والـشـيـوخ، وبـالـرغـم مـن أن ثمار كل هذه اجلهود حتتاج لسنوات لتظهر آثارها، إال أن أرقـام الزيادة السكانية فى مصر تقف عائقاً أمام حتقيق املرجو من كل تلك اجلهود، لــيــتــس­ــاءل الــبــعــ­ض أيـــن احلــمــات اإلعامية الضخمة لتنظيم األسرة التى من شأنها التأثير على املواطن ودفعه التخاذ موقف إيجابى جديد؟

قبل اإلجابة على السؤال السابق ومـنـاقـشـ­ة أهـمـيـة حــمــات تنظيم األســـــر­ة اإلعـــامـ­ــيـــة، دعـــونـــ­ا نقف أمــام األعـــداد الرسمية التى وصل لها املجتمع املصري، فوفقاً لتقرير اجلـــهـــ­از املـــركــ­ـزى للتعبئة الـعـامـة واإلحـصـاء ، قـد ارتـفـع عـدد سكان

مصر من 72.8 مليون نسمة وفقاً لتعداد عام 2006 إلى 94.8 مليون نسمة فى تعداد عام ،2017 ثم إلى 102.9 مليون نسمة فى تقديرات 2022/1/1 بـــزيـــا­دة قــدرهــا 8.1 مليون نسمة عن بيانات آخر تعداد، لتصبح مصر بذلك األولى عربياً فى عدد السكان، وليس ذلك فحسب بل أنه وفقاً ملا أعلنته إدارة األمم املتحدة للشئون االقتصادية واالجتماعي­ة فإن نـصـف سـكـان الـعـالـم سيتمركزون خال العقود املقبلة فى ثمانى دول فقط من ضمنها مصر.

ورمبـــا يظن البعض أن املـواطـن املصرى ليس على دراية مبا يحدث من زيـادة كبيرة فى تعداد السكان، وأن اسـتـمـرار األســـر فـى اإلجنــاب مبعدل مرتفع يعود إلى عدم علمهم بخطورة وأهمية هـذه القضية، إال أنه قد اتضح أن األمر ليس كذلك، فــمــؤخــ­راً أجــــرى مـجـلـس الـــــوزر­اء اســتــطــ­اعــاً لــلــرأى حـــول القضية السكانية لقياس مدى وعى املصرين بها، وكانت النتائج مفاجئة، فأكد االستطاع أن %70.7 من املواطنن بالعينة يرون أن مصر تواجه بالفعل مشكلة زيادة سكانية.

ومن هنا وبعد أن تبن أن هناك جهوداً من قبل الدولة، ومعرفة جيدة مــن قبل املــواطــ­ن مبشكلة الــزيــاد­ة السكانية ، ملاذا لم يتم إطاق حمات تنظيم أسرة مكثفة حملاولة احلد من نتائج تلك الزيادة الكبيرة؟.. األخبار الخرباء: تواصلت مع عدد من اخلبراء ملناقشة اإلجابة.

فى البداية تقول: سناء السعيد، عــضــو املــجــلـ­ـس الــقــومـ­ـى لــلــمــر­أة، أكدت أن األمر يتطلب تكاتف كافة مــؤســســ­ات الـــدولــ­ـة وعــلــى رأســهــا احلــكــوم­ــة املــصــري­ــة إليــجــاد حلول واحلـد من الزيادة السكانية، والتى ال تـعـد ظــاهــرة اآلن بــل أصبحت ثقافة مجتمع، فكلما زادت الطبقات زادت نسبة الفقر العالية واألمية العالية زاد عدد األبناء داخل األسرة الـــواحــ­ـدة، والــعــكـ­ـس صـحـيـح كافة الدراسات واإلحصاءات أكدت ذلك األمـــر، فنجد األســـرة حتى إن كان األب أو األم مريضن فيستمروا فى اإلجناب ألنها ثقافة لديهم.

وأضافت السعيد أن معاجلة هذا األمـر بيد كل من مؤسسات الدولة ومؤسسات املجتمع املدنى للتوعية بـخـطـورة األمــــر، فــا تستطيع أى جهة مبفردها تـولـى زمـــام األمـــور، مـوضـحـة أن هــنــاك أهـمـيـة ماسة للحمات التثقيفية التى يتم نشرها

فى القرى والنجوع ملخاطبة األسر بكافة طبقاتها، وكذلك داخل األزهر والكنيسة، وكل ذلك لتغيير املوروثات الثقافية داخـل هـذه الطبقات التى جتعلها تنجب دون تفكير فى عاقبة األمور.

على جانب آخـر تـرى السعيد أن وسائل تنظيم األسرة بحد ذاتها على اجلهات املعنية توعية املرأة بها بشكل دائــم، حتى ال تستخدم األم وسيلة غير مناسبة فتنجب دون تخطيط لألمر وهـو ما يحدث كثيراً، فعلى وزارة الصحة زيادة حمات التوعية والتحدث مع السيدات بشكل أعمق، وكـل ذلـك فى سبيل احلصول على جيل يتمتع فيه الطفل بصحة جيدة وتعليم وجيد.

وأضافت أنه اإلعام أيضاً مطالب بنقل كل هـذه اجلهود للمجتمع إال أن هـذه التغطيات ليست هى دليل النجاح بل أن أى جهة تنسق فعالية أو مبادرة أو حملة، فإن التأثير واملردود اجليد لهذه احلمات هو ما يفرض نفسه عـلـى أفــــراد املـجـتـمـ­ع ســواء بدعاية من اإلعام أو بدونها، والسر فى النجاح دائما يتمركز فى اجلدية واالسـتـمـ­راريـة فـى هــذه الفعاليات واحلمات، وإبراز النماذج الناجحة وإيصال صوتها للجميع.

من جانبها تـرى د.سهير عثمان، أستاذ بكلية اإلعام جامعة القاهرة،

أن الزيادة السكانية مشكلة مزمنة ال تـكـمـن فـــى األرقـــــ­ـام واألعـــــ­داد فـقـط، بــل تكمن فــى األســــاس فى مـوروثـات ثقافية واجتـاهـات أفـراد من الصعب تغييرها بطرق تقليدية، وهو األمـر الـذى يضع عقبات أمام وسـائـل اإلعـــام وكــل رواد االقـنـاع، إلن اجتـاهـات األفـــراد مـن الصعب تغييرها، ومن هنا فتشير عثمان إلى أن وسـائـل اإلعـــام ليست مقصرة فى املقام األول والدليل أن هناك العشرات مـن احلـمـات اإلعامية واإلعانية وحمات توعوية فى كافة الوسائل املقروءة واملسموعة ووسائل التواصل االجتماعى لكنها لم جتد نفعاً.

وتـبـرر عثمان األمــر عــدم جـدوى هـــذه احلــمــات بـأنـهـا لــم تستطع حتـديـد الطريقة الصحيحة التى يتم من خالها تغيير ثقافة املواطن املــصــرى الــــذى تــأصــل لــديــه مبدأ «الــعــزوة»، وهـو نفس املـواطـن الذى ال يفكر فى وضعه االقتصادى إذا أجنب 3 أو 4 أو 5 أطفال بل ما يهمه أن يكون لديه عزوة من حوله حتمل اسمه واســم أجـــداده وعائلة وسط قريته أو مدينته.

وتوضح أن احلل يكمن فى حمات إعانية وإعامية تستطيع مواجهة فــكــرة تغيير ثـقـافـات مــحــددة فى املجتمع مثل «العزوة»، وتوضيح كيف أنها ال تتوافق مع الوضع االقتصادى لألسرة وللمجتمع وللعالم ككل فى اآلونـة األخيرة، وأن مصلحة األبناء وحتقيق معيشة كرمية لهم هو األحق بدال من التفكير فى موروثات قدمية.

أمــــا الــســبــ­ب الـــثـــا­نـــى فـــى عــدم احلـصـول على التأثير املـرجـو من احلمات اإلعامية وبالتالى قلتها، وهـو عـدم استخدام «وجــه مقبول» لـدى املجتمع املصرى فى إقناعهم بضرورة تنظيم األسرة، وهو ما يدفع املـواطـن لتجاهل تلك الـرسـائـل بل على العكس أحيانا يتم عمل حمات إعانية بطريقة تستفز قطاعات معينة من املجتمع املصري، وهو ما حدث مؤخرا.

وتشير عثمان إلى أننا فى حاجة إلــــى وجــــه مــقــبــو­ل إعـــامـــ­يـــاً لــدى املصرين لكى نستطيع تنفيذ حمات نـاجـحـة، ولـكـى تستطيع احلكومة متويل حملة نضمن على األقل قبول املواطن لها، دون أى مغامرة.

واختتمت عثمان حديثها قائلة: «إن هناك جانباً مهماً لهذه القضية مـن شأنه أن يضمن للجميع جناح احلمات اإلعامية التى تستهدف احلد من الزيادة السكانية وهو سن قــانــون يجبر األســـر على االكتفاء بطفلن فقط، ألن املجتمع املصرى بطبعه تؤثر فيه القوانن أكثر من أى وسائل أخرى».

 ?? ?? ◼ د.سهير عثمان
◼ د.سهير عثمان
 ?? ?? ◼ سناء السعيد
◼ سناء السعيد

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt