حكم كفارة اليمين

جـمـلـة نـقـشـت عـلـى األحـــجـــار فى أوروبـــــا مـنـذ خمسمائة عـــام، حينما عم اجلفاف أنهار أوروبا، نقش بعض الـبـشـر آنـــــذاك عـلـى بـعـض األحــجــار التى ظهرت عند جفاف األنهار والتى كانت فى قيعانها جملة (إذا رأيتنى فــابــكــي)، واآلن تـظـهـر هـــذه اجلملة لــشــعــوب أوروبـــــــا لـتـنـبـئـهـم عـــن قــرب وقوع الكارثة مرة أخرى، وإذا أثرنا ما يحدث فى أوروبــا وبعض دول العالم األخرى من جفاف فى بعض املناطق وفيضانات وسيول فى مناطق أخرى، وغيرها من التغيرات املناخية ، فمن الطبيعى عند التفكير فى هذا املوضوع أن تطرأ على أذهاننا بعض األسئلة منها على سبيل املثال: ما دورى كإنسان موجود على سطح األرض للحد من هـــذه الــتــغــيــرات؟ وهـــل بـالـفـعـل هـذه الــتــغــيــرات املــنــاخــيــة تـنـبـئ عـــن قــرب انتهاء العالم؟…بالنسبة للسؤال عن دورنـــا وواجـبـنـا كــأفــراد نحو التقليل من التغيرات املناخية فاحلقيقة أن الـــدراســـات تـوضـح أن لـنـا دورا مهما للحد من هذه التغيرات وإن كان هذا الدور صغيرا ومحدودا بالنسبة حلجم الحتياطات التى يجب أن تتخذها احلكومات واملؤسسات الكبرى، فدورونا كأفراد ينحصر فى اإلكثار من زراعة األشجار، والتوقف عن قطع الغابات، واسـتـخـدام بـدائـل الطاقة الصديقة للبيئة، أما بالنسبة للسؤال عما إذا كـانـت هـــذه الـتـغـيـرات تنبئ عــن قرب نهاية العالم أم ل؟ وإن بدا هذا السؤال مهما إل أنه ليس مبا يبدو من أهمية، نعم رسول اهلل قد أخبرنا أن من عالمات الساعة ما يتعلق بالتغيرات املـنـاخـيـة كـجـفـاف بـعـض الـبـحـيـرات كبحيرة طبرية، وانحسار نهر الفرات عـن جبل مـن ذهــب، وهــذا يعتبر من معجزات نبوته صلى اهلل عليه وسلم، ودلـــيـــال قــويــا عـلـى اقـــتـــراب الـسـاعـة، ونهاية الـعـالـم، لكن الـــذى يجب أن يشغل بالنا عند حتقق تلك األمارات أو قرب حتققها ليست نهاية العالم، فقد نشهد نهايته وقد ل نشهدها... الـــذى يـجـب علينا النــشــغــال بــه هو نهايتنا نحن... نهاية عاملنا نحن... فلكل واحد منا عامله اخلاص ينتهى هذا العالم بانتهاء حياته... سيحاسب على كل دقيقة قضاها فيه، وكل فعل فعله، ول يـدرى أحدنا متى ستحني حلظة النهاية، ومن األفضل أن نستعد لها بسرعة التوبة واإلنــابــة إلــى اهلل الواحد القهار، ويكون بكاؤنا كموحدين بكاء ندم على تقصيرنا، ونكون على استعداد دائم لهذه اللحظة.

أوضـــح مـرصـد األزهـــر للفتوى اإللكترونية املقصود باليمني شرعا هو القسم باهلل تعالى أو بصفة من صفاته على شيء أن يفعله احلالف أو ل يفعله، ول يكون احللف إل بعظيم، وليس أعظم من اهلل تعالى وصفاته؛ قال سيدنا رسول : «أََل ِإ َّن ا َهلل َع َّز َو َج َّل يَن َها ُك ْم أَْن ْحت ِل ُفوا ِبآبَا ِئ ُك ْم، َف َم ْن َكا َن َحا ِل ًفا َفلَْي ْح ِلف ِبا ِهلل أَ ْو ليَ ْص ُم ْت». «متفق عليه». وأكـــد أنـــه ينبغى تـوقـيـر اســـم اهلل سبحانه وتنزيهه عن لغو الكلم، وكثرة احللف به دون داع، والجتهاد فى حفظ يني اهلل وصيانتها من احلنث، قال اهلل تعالى: «واحفُظوا أيانكم»، ُّْ َُ ََ َْ ََْ ًَ ُْ وقال: «َوَل ْجتَعلُوا اَهلل عرضة أن تبروا ِِ ِْ ِألَيانكم وتتقوا وتصلحوا بني الناس َواهلل َسميٌع َعِليٌم». وعد سيدنا النبى اليمني الغموس من كبائر الذنوب، وقرنها بالشرك باهلل وعقوق الوالدين، وهى اليمني التى يعقدها صاحبها موقنا كذب ًُِ نفسه، وتسمى اليمني الكاذبة؛ عن عبد اهلل بن َََِّ ُُِ َْ َْْ َََِّّ عمرو رضي اهلل عنهما، قال: جاء أعرابي إلى ََّ ََ َُ َُْ َُِ ِْ َِ النبى ، فقال: يا رسول اهلل، ما الكبائر؟ قال: «اإلشـراك باهلل» َقاَل: ثُم ماذا؟ قال: «ثم عقوق ُُ ََّ َِ الوالدين» قال: ثم ماذا؟ قال: «اليمني الغموس»

ُقلُْت: َوَما اليَِمُني الَغُموُس؟ َقاَل: يَْقتَِطُع َماَل اْمِرٍئ ُمْسِلٍم، ُهَو ِفيَها َكاِذٌب» اختُِلف فى الكفارة عنها، وهى أولى.

وأوضـــح أنــه جتـب الكفارة عند احلنث فى اليمني املنعقدة، وهى التى حلف فيها املسلم على شيء يفعله أو ل يفعله، ثم لم يستطع الوفاء، أو ترتب على الوفاء بها إثم أو قطيعة رحم؛ فَعْن َعبِْد ال َّر ْح َم ِن ب ِن َس ُم َرةَ، َقا َل: َقا َل َر ُسو ُل ا ِهلل : «و ِإ َذا َحلَْف َت َعلَى ِي ٍني، َف َرأَيْ َت َغيْ َر َها َخيْ ًرا ِمنْ َها، َف ْأ ِت ا َّل ِذى ُه َو َخيْ ٌر، َو َك ِّف ْر َعن ِيي ِن َك». «أخرجه الـبـخـاري».. وأضــاف أن كفارة اليمني حددها املولى -عز وجل- فى كتابه الكرمي، فى قوله: «ل يُ َؤا ِخ ُذ ُك ُم ا َّهللُ ِباللَّ ْغ ِو ِفى أَ َيا ِن ُك ْم َولَ ِك ْن يُ َؤا ِخ ُذ ُك ْم َمبا َع َّق ْد ُت ا ْألَ َيا َن َف َك َّفا َرتُ ُه ِإ ْط َعا ُم َع َش َر ِة َم َسا ِك َني ِمْنأَْوَســِط َماتُْطِعُموَنأَْهِليُكْمأَْوِكسَوتُُهْمأَو ْحت ِري ُر َرق َب ٍة َف َم ْن لَ ْم يَ ِج ْد َف ِص َيا ُم ثَ َلثَة أيام ذلك

ََ ِِ ََ َُ َكفارة أيانكم إذا حلفتم واحفُظوا أيانكم َكذلك يُ َب ُني اهلل لَ ُك ْم آيَا ِت ِه لَعلَّ ُك ْم تَ ْش ُك ُرو َن» «املائدة: ،»89 أى أن كفارة اليمني على الترتيب، وفق اآلتي:

إطعام عشرة مساكني من أوسط طعام أهل البلد التى يسكن فيها احلالف، مما اعتاد أن يُطِعم منه أهله، من غير إسراف ول تقتير. «اَِّلـذى ، وقد

أو كسوة عشرة مساكني، بثوب يستر العورة، ويكفى ألداء الصلة فيه، واملرجع فى ذلك إلى العرف وعادة الناس، وعتق الرقبة ذهب محلها بانتهاء الـــرق. فــإن عجز احلـالـف عـن األمــور السابقة؛ صــام ثـلثـة أيـــام، ويـلـزم تبييت نية صيامها من الليل.

ويـجـوز إخـــراج قيمة الكفارة مــال إذا كانت مصلحة الفقير فى ذلـك.وإذا تكرر احللف على محلوف عليه واحد كفت عنه كفارة واحدة، أما إن تعددت األيان على أفعال مختلفة؛ لزم التكفير عن كل يني منها بكفارة مستقلة، إذا حنث فيها جميعا.

وأكـد أن كفارة اليمني واجبة على الفور، ل يجوز تأخيرها إل عند العجز عن الوفاء بها فورا.

وأوضــح أن يني اللغو ل كفارة عليها، وهى اليمني التى قد جترى على لسان املسلم عفوا دون قصد عقدها على فعل أمر أو تركه، وهذا من رحمة اهلل تعالى بعباده، فقد ورد عن السيدة عائشة فى تفسير قول اهلل تعالى: «ل َُ يؤاخذكم اَّهللُ ِباللَّْغِو ِفى أََيانُكْم» «البقرة: »225 َقالَْت:

َِ «أنزلت فى ِْ قوله:ل واهلل، بلى واهلل». «أخرجه البخاري».