فى غياب الملكة
عــــاد الــعــالــم مــــرة أخــــرى ملتابعة االنــغــمــاس فـــى صــراعــاتــه وحــروبــه ومشاكله وأزماته احلـادة واملتفجرة وامللتهبة والساخنة.. وأيضا الباردة، بعد استراحة اجبارية عامة دامت أحد عشر يومًا متصلة.
هذه االستراحة االجبارية وغير املعتادة وال املتوقعة، قضاها العالم شرقه وغربه وهو شاخص ومشدود ببصره إلى اململكة املتحدة، ملتابعة مـــراســـم واجـــــــراءات ووقـــائـــع الــــوداع الـتـاريـخـى واملـهـيـب لعميدة ملوك العالم اليزابيث الثانية التى تربعت على العرش البريطانى لسبعة عقود كاملة سبعون عاما بالتمام والكمال، حافلة بالعديد من األحداث والكثير من املتغيرات والوقائع والتطورات.
وال أظـــن وال أعــتــقــد، بـــل أجـــزم، بـــأن الــعــالــم لــن يـشـهـد فــى تـاريـخـه املنظور وقـادم أيامه، مثل ما شهده مــن احــتــشــاد ضـخـم وغــيــر مسبوق لالجراءات واملراسم امللكية العريقة واملـعـتـقـة، طـــوال األحـــد عـشـر يوما الـتـاريـخـيـة، الـتـى بـــدأت فـــور إعــالن وفــــاة املــلــكــة الــيــزابــيــث الــثــانــيــة فى الــثــامــن مـــن سـبـتـمـبـر احلـــالـــى فى قـصـرهـا الـصـيـفـى فــى اسـكـوتـلـنـدا، وحتى مـــواراة جثمانها فـى املدافن امللكية فى قلعة وندسور غرب لندن، بجوار والدها امللك جورج السادس ووالدتها وزوجها األمير فيليب أول أمـــس، املــوافــق يــوم االثـنـن التاسع عشر من سبتمبر احلالى.
وبــــكــــل املـــقـــايـــيـــس والـــتـــقـــديـــرات املعمول بها واملألوف األخذ بها فى العالم، نستطيع القول بأن ما شهده العالم خالل األحد عشر يوما كان جتسيدا لعراقة التقاليد البريطانية املتراكمة على مر العصور، وصوال إلى اليوم األخير حيث مراسم تشييع اجلثمان فى جنازة تاريخية مهيبة، بحضور حشد ضخم من قادة وملوك وزعماء العالم، جاءوا للمشاركة فى جنازة القرن عميدة امللوك وامللكات.
وبوفاة امللكة وتولى عرش اململكة املتحدة ملك جديد هو ابنها امللك تــشــارلــز الــثــالــث الــبــالــغ ٣٧ ثـالثـة وســبــعــن عـــامـــا، بــعــد أن قــضــى ما يزيد على الستن عاما كولى للعهد، تبدأ بريطانيا صفحة جديدة من التعامل واملعايشة فى غيبة امللكة، الـتـى اعـــتـــادوا عـلـى وجــودهــا طــوال السبعة عقود املاضية، وهناك توقع من الكثيرين فى بريطانيا وأيضا فى العالم بأنها ستكون صفحة مختلفة عما كان بحكم تغير الظروف وأيضا امللك اجلديد عن امللكة الراحلة.