من يعيد «أباطرة الحرب» للتفاوض!
انقسام العالم يزداد خطرًا. ورغم األزمات وشبح حرب عاملية ثالثة وأوضـاع اقتصادية تهدد كل دول العالم.. فإن أحدا ال يتوقع أى شىء من دورة األمم املتحدة التى بدأت بحضور أكبر مستوى من القادة واملـسـئـولــني عـمـا كـــان عـلـيـه فــى الــعــامــني الـسـابـقـني بعد انقشاع خطر «كورونا»!
ال أحــــد يـــتـــوقـــع شـــيـــئـــا فـــى ظـــل عـــــودة االنـــقـــســـام الــعــاملــى وانــقــطــاع الــتــواصــل الــســيــاســى بـــني الـــدول الكبرى وإغــالق أبــواب التفاوض اجلــاد بـني أمريكا مــن نــاحــيــة، وروســـيـــا والــصــني مــن نــاحــيــة أخــــرى!.. وبالتالى لن تشهد دورة األمم املتحدة إال املزيد من السجال واالتـهـامـات املتبادلة حـول حـرب أوكرانيا وأزمة الغذاء التى تزداد قسوتها على فقراء العالم.
وقــبــل انـــطـــالق املـــوســـم الــســيــاســى اجلـــديـــد لــأمم املــتــحــدة، كـــان الـكـثـيـر مـــن زعـــمـــاء الــعــالــم فـــى وداع مـلـكـة بـريـطـانـيـا الــراحــلــة، وكـــان االنــقــســام الـعـاملـى يــثــبــت وجـــــوده حــتــى فـــى هــــذه املــنــاســبــة. فــقــد غــاب الرئيسان الروسى والصينى وإن اختلفت الظروف.. فــالــدعــوة لــم تــوجــه أصـــال لـبـوتـني رغـــم أنـــه كـــان من أوائــل من قاموا بالعزاء فى رحيل امللكة والتعبير عن احترامه لها«!!» بينما وجهت الدعوة للرئيس الـصـيـنـى «تــشــى» ثــم أوكــلــت لبعض أعــضــاء مجلس العموم مهمة اإلعــالن عن عـدم الترحيب بوجوده، ليغيب هو اآلخر.
ورغــــم أن تـــوديـــع املــلــكــة لــيــس مــنــاســبــة ملـبـاحـثـات سياسية، إال أن مشاركة الرئيسني الروسى والصينى كانت ستمثل اختراقا للجدار العازل بني التكتلني، وهـــو أمـــر شــديــد األهـمـيـة فــى ظــل تـصـاعـد الــصــراع وغـيـاب الـطـرف الثالث الـقـادر على تقريب وجهات الـنـظـر، واسـتـدعـاء احلــل الـسـيـاسـى، وإعـــادة احلياة لـلـدبـلـومـاسـيـة والــتــفــاوض بـعـد أن أصــبــح الــصــدام املـــبـــاشـــر بــــني الــــقــــوى الـــكـــبـــرى فــــى مــــيــــدان الــقــتــال احتماال قريبا أكثر من أى وقت مضى!!
كانت كل من فرنسا والصني مرشحتني للعب دور فــى الــتــهــدئــة، وأصــبــحــت الــدولــتــان ضـمـن الــصــراع، وغـايـة مـا وصـلـت إلـيـه جـهـود األمم املـتـحـدة ومعها تركيا هو اتفاق تسهيل تصدير القمح، وهو اتفاق مـــرحـــلـــى ملـــــدة أربــــعــــة شـــهـــور مـــضـــى مـــنـــهـــا شـــهـــران، وجتديده موضع تساؤل فى ظل التصعيد!
أخــطــر مـــا فـــى االنــقــســام الــعــاملــى اآلن هـــو غـيـاب طـــــرف ثــــالــــث يـــعـــبـــر عــــن مـــصـــالـــح غـــالـــبـــيـــة شـــعـــوب العالم كما فعلت حـركـة عـدم االنـحـيـاز فـى مرحلة ســابــقــة مـــن احلــــرب الــــبــــاردة بــقــيــادة مــصــر والــهــنــد ويوغوسالفيا السابقة.
اآلن تـغـيـب املــســاحــة الــفــاصــلــة بـــني املــتــصــارعــني، ويــغــيــب أى تـــفـــاوض جــــاد إلنـــهـــاء احلـــــرب، ويـصـبـح غــذاء العالم رهينة فـى يـد أبـاطـرة احلــرب الـتـى ال يفكر أطرافها إال فى املزيد من التصعيد!!