Al-Akhbar

حائط صد أمام اختراق منظومة القيم ونواة لكيان ضخم لنشر األخالق

-

يؤكد خبراء، وإعالميون، وكتاب، على أهمية حملة «أخالقنا» التى تبنتها ّالشركة املتحدة للخدمات اإلعالمية بهدف تثبيت منظومة األخالق التى تنادى بها األديان السماوية، فى مواجهة االختراق القيمى الذى تعمل عليه بعض اجلهات عبر العديد من الوسائل وخاصة السوشيال ميديا حملو مفاهيم أصيلة فى مقدمتها: احترام املرأة، والعطف على الصغير، ومساعدة كبار السن وغيرها. فى هذا التحقيق يتحدث املتخصصون عن فوائد احلملة، ومدى تأثيرها على املواطن، ومصادفة توقيت طرحها مع جلسات احلوار الوطني، واقتراحاته­م لتطويرها وتوسيعها لتنتقل من الشاشة إلى الشارع.

يصف د. محمود علم الدين أستاذ اإلعالم بجامعة القاهرة د. محمود علم الدين حملة «أخالقنا» التى تتبناها الشركة املتحدة للخدمات اإلعالمية بأنها شديدة األهمية والشواهد على هذا كثيرة، ويرى أنه أنها تأخرت، الفتا أن املسألة ال ميكن ربطها بحدث معني، فعندما يكون هناك خلل فهو ال ينتهى بعد يوم أو اثنني أو ثالثة.

وقــال: هناك أمــور كثيرة انتشرت فى املجتمع املصرى أدت فى النهاية إلـى حــدوث هـذا اخللل بداية بتأثير نكسة 76، ومـرورا بأحداث 25 يناير التى أدت إلى سقوط تابوهات ومحظورات عديدة لدى الشباب.

ويرى أستاذ اإلعالم بجامعة القاهرة أن خطورة احلملة أنها تأتى فى هذا التوقيت، ما يعنى أنها رسالة للحوار الوطنى لالهتمام مبنظومة القيم فى مصر، الفتا أنه كتب مقاال يطالب فيه احلوار الوطنى مبناقشة مـوضـوع القيم واألخـــال­ق التى حتدث عن أهميتها الرئيس عبد الفتاح السيسى مرارا وتكرارا.

ويــرى اإلعـالمـى عمرو خليل أنها حملة مهمة فـى توقيت مهم للغاية أطلقتها الشركة املتحدة للخدمات اإلعالمية وهى استشعار منها للتحديات التى تواجه مجتمعنا، خاصة فى ظل الغزو الثقافى املوجود على السوشيال ميديا واملنصات اإلعالمية التى غزت الفكر وحتاول تغيير أخالقياتنا وعاداتنا وتقاليدنا، فهى خطوة هامة وتوقيتها هام جدا فى الفترة احلالية.

ومتنى أن يكون اإلعالم بشكل عام الرسمى العام واخلاص وحتى املنصات والسوشيال ميديا مهتمة بتقدمي ما يدعم الوعى املجتمعى بأهمية األخالق، وأن تكون احلملة شاملة غير مقتصرة على برامج وقنوات بعينها، ولكن ممكن أن تصبح أعم وأشمل ليكون لها ثمار وتستطيع أن تواجه التحديات التى متس أخالقياتنا فى الفترة احلالية.

ويشير إلى أن هناك جهدا متكامًال من الدولة ككل لطرح هذه احلملة تزامنا مع توقيت احلوار الوطني، وهـو للتأكيد على فكرة الوعى فاحلوار الوطنى بالتأكيد له محور سياسى محور اقتصادى وآخــر اجتماعى ويعتقد أن من أساسيات احملور االجـتـمـا­عـى هــى الــوعــى واألخــالق­ــيــات ومحاربة الظواهر السلبية فى املجتمع.

أما أهم ما مييز حملة أخالقنا وفق رؤية اإلعالمى

جابر القرموطى أنها درامية أكثر من كونها مباشرة، فهى حتضر جزء من الدراما املصرية وتركز على مشهد معني أو ممثل صاحب تأثير، وهذه األشياء جتعل منها جتربة جيدة جدا وفكرة عظيمة، وهى أن نقدم هذه النصائح من خالل الدراما.

وأضاف: لدى ثقة تامة أنه كما قال السيد الرئيس عندما حتدث عن بعض األعمال الدرامية التى يتم طرحها وعلى سبيل املثال «االختيار» ووصفه بأنه أفـضـل مــن ألـــف كــتــاب، ألنـــه يـصـل بشكل أســرع للمشاهد أو للمواطن.

وتابع: أما إذا جلأنا لألفالم التى لها تأثير على احلالة العامة للمواطن أو للبلد كلها سنحصل على «شغل» تسويقى كبير، فمثال فيلم نستطيع االستعانة مبشاهد من فيلم «احلــرام» أو «أفـواه وأرانــب» إذا أردنـــا التحدث عـن الـزيـادة السكانية، مـع القيام بعملية دمج املشاهد، ما يؤدى إلى وصول الرسالة بسهولة للناس، وهو ما حدث مع مسلسل «االختيار» وخاصة اجلزء األول فقد كان له تأثير ضخم على املشاهدين، خاصة مع تصوير احلالة فى سيناء وقام أمير كــرارة بتقدمي شخصية البطل املنسى وبذل

مجهودا عظيما ومعه املخرج املوهوب بيتر ميمي.

ومتنى القرموطى أن تقدم هذه النصائح فى حملة «أخالقنا» فى إطار الدراما وليس فى إطار مباشر ألنه ليس كل من يعملون فى املجال اإلعالمى لهم نفس تأثير الدراما، فليس كل ممثل سيكون جيدا وليس كل مذيع جيد وليس كل البرامج جيدة، فيجب التنقية من بني كل هذا وأعتقد أن هناك جلنة تقوم باالختيارا­ت وأن االمـر ال يكون اختيار شخصي، وأعتقد انها جتربة جيدة من املمكن أن نحصل منها على فوائد كبيرة، ونحن بالفعل منتلك رصيدا هائال من األعمال الفنية التى تسمح لنا بتقدمي هذا النوع من حمالت التوعية.

واقترح القرموطى أن نستعني باألعمال اإلذاعية أيضا، مثل برنامج «كلمتني وبس» للراحل العظيم فــؤاد املهندس، وبرنامج «طريق السالمة « الذى كانت تقدمه أيات احلمصانى وكان لها تأثير رائع، إضافة إلى « وقال الفيلسوف» الذى كانت تقدمه سميرة عبد العزيز وإسالم فارس، كل ذلك وسيلة رائعة لعمل حملة توعية خاصة إذا مت دمج األصوات اإلذاعية مبشاهد من السينما.

وأشار إلى أن الصحافة أيضا بإمكانها أن تلعب دورا فى حملة «أخالقنا» عن طريق التقليب فى األرشــيــ­ف، ونـشـر حـــوارات وحتقيقات فـى أزمنة سابقة كان لها مردود أخالقى على الناس، خاصة أن لسابقني أبدعوا ونحن نعرض إبداعهم مبا يتالئم مع املشكالت التى منر بها ونعيشها، ألننا منتلك أرشيفا هائال مـن األعـمـال ذات املستوى العالى للغاية وهو تراث عظيم منتلكه ويجب استغالله ولو جلأنا له سينفعنا كثيرا، وهذا ال يقلل من املوجود حاليا ولكن ميكننا أن نقوم بدمجهما معا ونستفيد من كل اخلبرات، فاالستعانة بالقدمي املؤثر أفضل من احلاضر الغائب وهذا أفضل للمصلحة العامة.

أمــا وجـهـة نظر الكاتب والسيناريس­ت محمد السيد عيد فهى أن الفكرة جيدة، ولكنه ال يظن أن األخالق تتغير باالعالنات، مشيرا إلى أن األعمال الفنية الراقية تستطيع ان تقدم منوذجا يحتذى للناس، الفتا إلى أعمال كثيره تقدم هذه النماذج.

وأضـاف: إذا كنا نتحدث مثال عن احترام املرأة أظـن أن مسلسال مثل «قاسم أمـني» أو «مشرفة» يقدما منوذجا للسلوك الــذى ينبغى أن يكون مع اجتاه املرأة سواء كانت أما أم زوجه أم بنتا، راجيا أن تكون هناك أعماال تقدم القدوة فى هذا املجال، فى مقابل اإلعالنات السريعة التى ال تستطيع وحدها أن تؤثر فى أخالق املشاهدين.

وتـابـع: قدمت الشركة املتحدة أعـمـاال حتتوى على الكثير من النماذج اإليجابية للتعامل مع املرأة وفيما يخص اإلنتاج الوطني، إضافة إلى أنها قدمت عددا من األعمال الفنية اجليدة التى تطرح منوذجا للتعامل الصحيح ونشر القيم اجليدة بل وللتضحية من أجل الوطن واملبادئ، فى مقابل أعمال كثيرة نرى فيها خلال فى القيم.

وتتذكر الكاتبة سلوى بكر أنهم كانوا يكتبون لهم على ظهر الكراسات التى يتم توزيعها مجانا على التالميذ فى املـاضـي، عـبـارات مثل: العمل حق، العمل شرف، العمل واجب، ال تكن ثرثارا بني الناس، اغسل يديك قبل األكل وبعده.. ومجموعة من العبارات التى حتض على محاسن السلوكيات واألخـــال­ق احلميدة، وتتساءل: ملــاذا ال يعاد هذا التقليد، وملاذا ال تقوم الشركة املتحدة بعمل توصية ملن يطبع الكراسات املدرسية بوضع عبارات من

هذا النوع بجانب ما تقدمه على الشاشة الصغيرة؟.

وتــطــالـ­ـب الــشــركـ­ـة املــتــحـ­ـدة بـبـث الـقـيـم عبر املسلسالت وبـرامـج التليفزيون حتـض على عدم الكذب وإتقان العمل الذى أصبح قيمة غائبة عن حياتنا، وعـدم النفاق ومعاملة األخرين بالتى هى أحسن، وأن النظافة من اإلميان، والتأكيد على كا يكتب من عبارات على أسوار املدارس من عبارات مثل: مدرستى نظيفة وجميلة ومتطورة، ملــاذا ال يكتبون النظافة من اإلميان وهو حديث نبوى شريف وال يختلف عليه أحد.

وقالت: هناك عشرات الطرائق لعودة األخالق ولكن أوال وقبل كل شيء عمود األخـالق هو عدم الفساد االجتماعى مثل الرشوة واحملسوبية وتفضيل األنــا على اآلخــر وحـب الـــذات، وكـل هـذه األشياء لـألسـف أصبحت وكـأنـهـا بديهيات مــوجــودة فى حياتنا، فمن البديهى أن تدفع رشوة لتعيني ابنك وقد وقع املجتمع كله ذات مرة ألن فالن كان يرغب فى توظيف ابنه، فقد كان لدينا رئيسا يرغب فى تعيني ابنه مثل باقى الناس خاصة أن دكتور اجلامعة يعني ابـنـه مثله والطبيب كـذلـك وحـتـى املمثلني واملغنيني يورثون أبناءهم املهنة، وما أدى لتفشى هذا الفساد الفاحش هو غياب القيم األساسية التى تبنى املجتمع وفى مقدمتها أن يوضع الرجل املناسب فى املكان املناسب، وقد كان هذا الشعار مطروحا فى فترة ما وهو ما نتج عنه إظهار أفضل األشخاص، فيجب مـنـح فـــرص للجميع وهـــو أهـــم شـــيء فى املنظومة األخالقية «عدم تفضيل األقارب الفاشلني على األشخاص النادرين واملميزين».

تابعت الكاتبة سلوى بكر: يجب أن تركز احلملة على أن املال ليس القيمة األساسية، خاصة النفط بقوته الهائلة قلب موازين القيم األخالقية أى أنه إذا كان معك قرش فتساوى قرشا، وهذا هو الشعار الذى يطرحه الكثيرون، إمنا إذا قلنا أن اإلنسان يساوى الكثير بأخالقه وسلوكه واستقامته سيكون من أهم شعارات املرحلة، باإلضافة إلى أنه على املؤسسة اإلعـالمـي­ـة «الـشـركـة املـتـحـدة» أن تنظم اجتماعا مصغرا لعدد معني من عشرات الكتاب واملثقفني واملبدعني على مائدة مستديرة وتستمع ألرائهم حول كيفية طرح اجلمل التى يريدون تقدميها للناس سواء باملوسيقى أو األدب أو الفن التشكيلى وغيره، ولكن ال ميكن ان يسير االمـر بشكل جيد إذا كانوا هم فقط من يقومون بالتفكير والتنفيذ.

ويقترح الــروائــ­ى فتحى سليمان على الشركة املتحدة فى حملتها الدعائية « أخالقنا» أن تتبنى حملة عشوائية فى الشارع ومتنح من خاللها جائزة عينية للسلوكيات الصحيحة مثال لسائق يربط حزام األمــان، أو لشابة تساعد سيدة مسنة على عبور الطريق، أو ملشجع ألقى زجاجة مياة باردة فى إحدى املباريات جلندى يحمى األمن فى االستاد.

وأضــــاف: كـمـا يـجـب أن تلقى احلـمـلـة الـضـوء على متطوعى جمعية أوالدنــا الذين ال يتقاضون مقابال وهم يساعدون ذوى االحتياجات اخلاصة فى مهرجانهم السنوي، والشباب الذين يساعدون مرضى الزهامير فى جمعية أو دار مسنني.

وأخيرا الطلب الصريح لكل كاتب وسيناريست بالشركة املتحدة أن تشمل أعمالهم األدبية بعض املشاهد غير املباشرة التى حترض على األخالق عمليا وليس بخطاب دعوي فقط.

عمرو خليل: نواجه غزًوا ثقافًيا مرعًبا والحملة استشعار للمسئولية الوطنية

القرموطى: يميزها رسائلها غير المباشرة ولدينا تراث فنى عظيم يمكن االستفادة منه

عيد: نجاح «المتحدة» فى الدراما الوطنية يبشر بتأثير كبير للمبادرة

فتحى سليمان: أتمنى أن تتضمن جزءا لتصحيح سلوكيات الشارع وعلى صناع الدراما االنضمام لها

 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt