الحوار الوطنى.. عقد اجتماعى جديد
وزيرة القوى العاملة األسبق (احلــــــوار) حقيقة اجـتـمـاعـيـة وإنـسـانـيـة، فأينما وجــد املجتمع البشرى وجــد احلــوار ألن اللغة قاسم مشترك بني البشر ويعرض فيه اإلبانة عن املواقف، والكشف عن خبايا النفس.
واحلوار هو منط حياة، وأسلوب تفكير، وقد أولى القرآن الكرمي عناية كبيرة باحلوار، فهو األسلوب الغالب فى قصص األمم السابقة، وهو األداة األولى لأنبياء وأتباعهم فى نشر الدعوة.
وقـــــد أشـــــــارت املـــعـــاجـــم الـــلـــغـــويـــة، وبــعــض املؤلفات املعتبرة فى املعنى اللفظى للحوار أو إلـــى مـفـهـوم احلــــوار كـلـغـة إلـــى انـــه يعنى التحادث، والتجاوب القولى، فاحملاورة تعنى حسن احلــوار وهـى تعطى فى طياتها داللة خلقية تتعلق بكيفية احلوار وآدابه، فاحلوار ال يتم إال بني طرفني أو أكثر وال يتم اال فى جو أدبى يتيح السمع والقول بني املتحاورين ومن ثم تعديل الرأى أو الرجوع عن مواقف أو أمور تبعا ملستجدات فى العقل أو احلياة أو األحداث.
وقـــد ال أكــــون أول مـــن أشــــار الـــى أن دعـــوة الرئيس عبد الفتاح السيسى ليست األولى فـى تـاريـخ الـوطـن معه فقد سبقتها دعـوات على مر حكم رؤساء الدولة السابقني.
فـقـد جــــاءت الـــدعـــوى األولـــــى لــلــحــوار من الــرئــيــس الـــراحـــل جــمــال عــبــد الــنــاصــر فى مــايــو 1962 خـــالل املــؤمتــر الــوطــنــى للقوى الشعبية والــذى انتخب فيه حوالى )1500( عضو ميثلون كـل الـقـوى االجتماعية، ومت خالله احلوار حول تصور القيادة السياسية (مليثاق العمل الـوطـنـي) وتشكيل (االحتـــاد االشتراكي) وإجــراء انتخابات عامة ملجلس األمـــة ووضـــع الـدسـتـور املــصــرى الــدائــم عام .1964
كما جاءت الدعوة الثانية للحوار للرئيس الراحل محمد أنور السادات فى إبريل 1974 عن مسمى (ورقــة أكتوبر) والتى حـدد فيها مستقبل مصر حتى عام ،2000 وإستراتيجية الــعــمــل الـــوطـــنـــى والـــتـــى أدت الــــى الــتــحــول الــتــدريــجــى الــــى اقــتــصــاد الـــســـوق وحتـقـيـق السالم مع إسرائيل.
وجاءت الدعوة الثالثة للحوار فى عام 1982 للرئيس الراحل محمد حسنى مبارك على ثـالث صـور األولــى منها كانت فى عـام 1982 حــول األهـــداف االقتصادية للبالد، وجــاءت الثانية عام 1986 والتى دعا فيها سيادته الى حوار وطنى حول مشكلة الدعم، أما األخيرة فقد جـاءت عام 1988 حول قضايا اإلصالح الــســيــاســى، وقـــانـــون االنــتــخــابــات الـرئـاسـيـة ومعايير انتخاب رئيس اجلمهورية.
وأيــــا كــانــت األصـــــوات واآلراء الــتــى تدعى إخــفــاق احلــــوار الــوطــنــى عـلـى مــر الـسـنـوات املاضية فاحلقيقة املـؤكـدة هى أن معظمها يرجع الى رغبة القيادة السياسية فى إشراك القوى االجتماعية والسياسية، والتخطيط ملستقبل وطن.
وإن دعــوة الرئيس السيسى والــذى حرص فيها على إطالقه فى كافة احملاور هى امتداد أصيل لفكر مصرى تتطلبه حقيقة املرحلة وإن جنـــاحـــه مـــرهـــون بـتـكـاتـف وتــضــافــر كل اجلهات واجلهود فالتوازن املنشود، واملستقبل املــرتــقــب هـــو مـحـصـلـة لـتـفـاهـم وتـــشـــاور فى صورة (عقد اجتماعى جديد) يتوافق عليه كافة األطراف وسوف يكون لهذا احلوار أبعاد سياسية، واجتماعية، واقتصادية.