Al-Akhbar

هذا الرجل ظلمناه !

- كرم جبر karam.gabr1@gmail.com

اخلديو إسماعيل بنى قـصـورا فخمة مثل قصر عابدين والقبة ورأس الـتـني، وكــوبــرى قصر النيل، وحـفـر قـنـاة السويس ودار األوبـــــ­را وإنـــــار­ة الـــشـــو­ارع ومـــد أنــابــيـ­ـب املــيــاه ودار اآلثـــار املـصـريـة، وحـفـر الــتــرع وإنــشــاء الـكـبـارى وزيــــادة الرقعة الزراعية، وإجنازات أخرى هائلة يصعب حصرها.

فـــى الـــرابــ­ـعـــة عـــشـــرة مـــن عـــمـــره ســـافـــر إســمــاعـ­ـيــل بن إبــراهــي­ــم بــن محمد عـلـى إلـــى فيينا عـاصـمـة النمسا، ليعالج من رمد صديدى، فقضى بها عامني، ثم انتقل إلـى باريس، لكنه لم يفنت بجامعاتها ومصانعها، فلم ينضم إلى جامعة، واكتفى من العلم بقسط ضئيل من علوم الهندسة والرياضة والطبيعة، وهـو قـدر ال يؤهل لتكوين عقلية ناضجة متكاملة.

فتنت باريس إسماعيل بشىء آخـر، بجمال شوارعها ومبانيها، فـــأراد أن ينقل بـاريـس إلــى الـقـاهـرة ومــن ير مـيـدان األوبـــرا فـى بـاريـس فهو صـــورة طبق األصـــل من مــيــدان األوبــــر­ا فــى الــقــاهـ­ـرة، ولكننا "بـهـدلـنـا" اجلـمـال والروعة باملبانى القبيحة وكل صور العشوائيات.

شــهــد عــــام 1866 اخلـــطـــ­وة األهـــــم فـــى تـــطـــور احلــيــاة النيابية فـى مصر بإنشاء "مجلس شــورى الــنــواب" فى عهد اخلـديـو إسماعيل، هــذا املجلس الـــذى اعتبر أول برملان ميتلك اختصاصات نيابية، وليس مجرد مجلس اسـتـشـارى تغلب عليه الصفة اإلداريـــ­ـة، وتـكـون مجلس شـــورى الــنــواب آنــــذاك مــن 75 عــضــوًا منتخبًا مــن قبل األعـــيــ­ـان: فــى الــقــاهـ­ـرة، واإلســكــ­نــدريــة، ودمـــيـــ­اط، وعمد الـبـاد ومشايخها فـى بـاقـى املـديـريـ­ات الـذيـن أصبحوا بدورهم منتخبني ألول مرة فى عهد اخلديو إسماعيل، إضــافــة إلـــى رئــيــس املـجـلـس الــــذى كـــان يـعـني بــأمــر من اخلديو.

وقـــد سـاعـد عـلـى هـــذا الـتـطـور انـتـشـار أفــكــار التنوير على يـد مجموعة مـن كـبـار املفكرين والـكـتـاب، إضافة إلــى ظهور الصحف فـى ذلــك الـوقـت ممـا عــزز املطالبة الشعبية بإنشاء مجلس نيابى له صاحيات تشريعية ورقابية أوسع.

حـــدث جـــدل كـبـيـر بــني املـــؤرخـ­ــني حـــول "االســـتــ­ـدانـــة"، ولكنه استدان ليبنى ويعمر فى ظل ضيق موارد الباد.

الباب العالى كما يسمونه ال يريد أبوابًا تعلو عليه، ومصر كانت مؤهلة لذلك با منازع، فصدر فرمان بعزل اخلـديـو إسماعيل، بزعم أن اسـتـمـرار­ه يــؤدى إلــى إثــارة املـشـاكـل واملــخــا­طــر ملـصـر وللسلطة الـعـثـمـا­نـيـة، وُأسـنـد منصب اخلديوية إلى األمير توفيق باشا.

لــم يـكـن أمــــام إسـمـاعـيـ­ل بــاشــا إال اإلذعـــــ­ان للفرمان السلطانى، فسافر إلى نابولى بإيطاليا، وانتقل بعدها إلــى األسـتـانـ­ة، وتـوفـى فـى محبسه فـى قصر أمير جان مارس ،1895 عن عمر يناهز 64 عاما.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt