Al Masry Al Youm

صورة السيسى وبيلوسى

- فتحية الدخاخنى

«الصورة تغنى عن ألف كلمة».. عبارة كثيرا ما نرددها للتعبير عن مدى تأثير الصور على الجماهير، وقدرتها على إيصال رسائل معينة دون استعانة بأى كلمات أو وسائل مساعدة، فهى وحدها تؤدى المهمة المطلوبة بفاعلية وإتقان، ما يجعل مسألة اختيار الصورة المناسبة والمعبرة عن حدث أو رسالة ما مهمة بالغة الصعوبة، تتطلب قدرا عاليا من الدقة والوعى، فتعبير واحد على الوجه فى صورة قد يقنع الناس برسالة لا تفلح آلاف الخطب والبيانات فى إقرارها، لاسيما فى عالم اليوم الملىء بالشائعات، والحروب الافتراضية التى تقودها لجان إلكترونية. فرضية قوة الصورة تدعمها دراسات علمية بعضها يتحدث عن أن الإنسان يتذكر 2٠٪ مما يقرأ، و٨٠٪ مما يرى، وأن عقل الإنسان يعالج المشاهد البصرية أسرع من المادة المكتوبة بنحو ٦٠ ألف مرة، ما يجعل الصور واللقطات الحية بالفيديو وسيلة قوية للجذب والإقناع وبيع الفكرة أو السلعة، لتكون عنصرا أساسيًا فى صناعة الإعلان والإعلام أيضا، وأداة فاعلة فى نقل رسائل سياسية. مثل هذه الرسائل حملتها صور لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى مع رئيسة الكونجرس الأمريكى نانسى بيلوسى، على هامش فعاليات مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة حول المناخ «كوب 2٧»، المنعقدة حاليا فى مدينة شرم الشيخ.

عبرت الصور التى نشرتها رئاسة الجمهورية للرئيس السيسى وبيلوسى عن عمق وحميمية العلاقات بن مصر والولايات المتحدة الأمريكية، فى رد قوى على دعاوى «قوى الشر» التى دأبت على الترويج ل«توتر وفتور» فى العلاقات منذ تولى جو بايدن رئاسة أمريكا، ولا عجب أن هذه الصور كانت حديث مواقع التواصل الاجتماعى لساعات، وسط مشاركات واسعة وضعت العلاقات بن القاهرة وواشنطن فى قلب الأحداث.

وفى اليوم التالى، جاءت صور اللقاء الذى جمع الرئيس السيسى وبايدن فى شرم الشيخ لتستكمل الرسالة بما تضمنته من مشاعر ود وحميمية، توحى بانتقال العلاقات بن البلدين إلى آفاق أوسع فى المستقبل، عززته صيغة البيان الرئاسى التى تضمنت تأكيدات وإشارات واضحة على عمق العلاقات الاستراتيج­ية.

وتكمن أهمية هذه الصور، كونها تأتى فى فترة يكثر فيها الحديث عن «توتر العلاقات»، خاصة بعد تعليق الكونجرس جزءا من المساعدات العسكرية لمصر، وسط محاولات لإثارة ملف حقوق الإنسان باعتباره مثار خلاف بن البلدين، لكن مفاتيح اللعبة السياسية مختلفة، والعلاقات بن القاهرة وواشنطن علاقات استراتيجية قائمة على الاحترام والمصالح المشتركة، حيث تدرك الإدارة الأمريكية أهمية مصر كفاعل إقليمى فى المنطقة. كان من الممكن أن تكتفى رئاسة الجمهورية بنشر صور بروتوكولية رسمية للقاءين، لكنها اختارت نشر صور تحمل فى طياتها رسائل سياسية أكثر بلاغة من الكلمات، ما يشير إلى وعى سياسى وإعلامى ملحوظ لدى القائمن على صياغة الصورة الإعلامية للرئيس ولمؤسسة الرئاسة، يستحقون عليه كل التحية والإشادة، وهى سياسة نأمل تعميمها فى مؤسسات الدولة الأخرى.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt