Al Masry Al Youm

مجدى يعقوب الأيقونة المصرية: كل سنة وأنت طيب

نال جميع أنواع التقدير من الحكومة البريطانية، فقد حصل على لقب سير، ثم حصل على جائزة فخر بريطانيا، وأصبح اسمه علمًا لفنون جراحة القلب فى العالم كله. وفى يناير عام ٢٠١١ حصل على أعلى وسام مصرى وهو قلادة النيل.

- د. محمد أبوالغار يكتب:

يحلّ هذا الأسبوع عيد ميلاد أحد أعظم نجوم مصر العلمية الوطنية. ولد مجدى يعقوب فى 16 نوفمبر عام 19٣5 فى مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية. درس الطب فى قصر العينى، وتخرج فى يناير 1957، وتم تعيينه كنائب للجراحة العامة وتدرب على يد الأستاذ الراحل أحمد أبوذكرى، وبعدها سافر إلى بريطانيا لاستكمال التدريب حتى حصل على زمالة الكلية الملكية البريطانية، وبدأ فى العمل فى جراحات القلب، ثم سافر إلى شيكاجو للعمل مدة قصيرة، وعاد ليعمل فى بريطانيا فى مستشفى هارفيلد منذ عام 1969 حتى عام ٢٠٠1، وفى الوقت نفسه، عين فى معهد القلب البريطانى عام ،19٨6 وخلال عمله اهتم بتطوير تقنيات جراحات نقل القلب، وقام فى عام 19٨٠ بعملية نقل قلب لرجل عاش بعدها ٣٣ عامًا، وهى أطول مدة بعد إجراء هذه العملية.

ونال جميع أنواع التقدير من الحكومة البريطانية، فقد حصل على لقب سير، ثم حصل على جائزة فخر بريطانيا، وهى أعلى تقدير علمى فى بريطانيا، وأصبح اسمه علمًا لفنون جراحة القلب فى العالم كله. وفى يناير عام ٢٠11 حصل على أعلى وسام مصرى وهو قلادة النيل.

عمله فى بريطانيا كان أسطوريًا، فقد أجرى ٢5٠٠ عملية نقل قلب، وهو أكبر عدد تم إجراؤه بواسطة طبيب واحد ومجموعته فى أى مكان فى العالم. وأجرى عمليات وجراحات نادرة للأمراض الخلقية فى قلوب الأطفال.

لم يكتف مجدى يعقوب بأن يكون الملك المتوج فى العالم لجراحة القلب، بل قام بتأسيس والإشراف على مركز أبحاث به 6٠ عالمًا فى لندن لتصنيع صمامات القلب من الخلايا الجذعية، ويعتقد أنه فى غضون عشر سنوات سوف يمكن تصنيع جميع الصمامات والأنسجة المختلفة للقلب فى هذا المركز.

لم ينس مجدى يعقوب مصر أبدًا وظل قلبه ينبض بحبها، وفى عام ٢٠٠٨ قام بإعلان مؤسسة مجدى يعقوب الأهلية المصرية غير الهادفة للربح، واشترك معه فى التأسيس الراحلان د. أحمد زويل والسفير محمد شاكر. وقررت الجمعية إنشاء مركز أسوان لعلاج أمراض القلب مع توفير أحدث الخدمات العالمية وإعطاء الأولوية للأطفال، وتدريب أجيال جديدة من الأطباء على الجراحات الحديثة للقلب، وتدريب مكثف للممرضين والممرضات، وفتح باب التبرع لهذه المؤسسة الوليدة للمساعدة أيضًا فى بدء أبحاث علمية متطورة. وتكون مجلس إدارة لمركز أسوان يرأسه د. مجدى إسحق، المقيم فى لندن، ومعه مجموعة من رجال الأعمال الوطنيين المصريين. وقام هذا المجلس بجهود كبيرة فى جمع التبرعات للمركز وحقق نجاحًا كبيرًا ساهم فيه جموع المصريين من جميع الطبقات، حتى إنه فى عام ٢٠17 زار المركز فى أسوان ٢4 ألف مريض، وعالجوا ٣641 مريضًا، وأجروا 1٠٢٣ عملية قلب مفتوح و٢71٨ قسطرة قلب.

وبدأ التفكير فى زيادة التمويل، وذلك بالاستعانة بالمصريين فى الخارج، وأصبح ذلك مُلِحًّا حين بدأ مشروع مجدى يعقوب العملاق بإنشاء مركز عالمى فى القاهرة على أحدث طراز.

تكونت المؤسسة الأهلية الأمريكية لمساعدة مشروع مجدى يعقوب الطبى غير الهادف للربح عام ٢٠14 بعد زيارة مجدى يعقوب ومجدى إسحق لأمريكا وتقابلا مع الأستاذ رضا إثناسيوس، وتكوّنت المؤسسة برئاسة مجدى إسحق رئيسًا ورضا إثناسيوس أمينًا عامًا.

كان النجاح بطيئًا، فتقرر فى عام ٢٠17 تغيير نظام المؤسسة، بحيث أصبح رضا إثناسيوس هو المدير التنفيذى للمؤسسة فى أمريكا، وكان ذلك نقلة كبيرة للمؤسسة، وبدأ العمل بقوة ونجاح منذ عام ،٢٠19 وتم التركيز على رجال الأعمال المصريين الأمريكيين، وكان أمرًا مهمًا أن تحصل المؤسسة على وضع قانونى أمريكى، يعطى المتبرع الحق فى خصم تبرعاته من الضرائب.

وبالعمل الجاد الذى قام به رضا إثناسيوس، تضاعفت التبرعات ٢٠ ضعفًا فى ظرف ٣ سنوات فقط، وأصبحت الجمعية تُصنف كإحدى المنظمات الكبيرة التى تساعد المنطقة، وحتى هذه اللحظة وفى هذا العام شديد الصعوبة اقتصاديًا، حولت الجمعية أكثر من 6 ملايين دولار إلى مؤسسة مجدى يعقوب فى مصر، وكان أكبر المتبرعين هم: رجل الأعمال المخترع عمرو عوض الله، أحد رواد الذكاء الصناعى فى كاليفورنيا، وعاطف الطوخى رئيس إحدى شركات وادى السيليكون وأحد رموز الابتكار، وماجد برسوم، رجل الأعمال فى بوسطون.

من المعروف أن الأمريكيين يقدمون تبرعات للمشروعات الخيرية تفوق نصف تريليون دولار، منها 5٠ مليار دولار تصرف إلى المؤسسات خارج أمريكا. مصر تصلها فقط ٢٠ مليون دولار معظمها إلى المنظمات القبطية والكنائس، والمعروف أن إسرائيل تصلها مئات أضعاف ما يصل مصر.

أما مجدى يعقوب الإنسان، فقد تعرفتُ عليه عن قرب فى جامعة زويل التى تزاملنا فى مجلس إدارتها وفى لجنة الخمسين لصياغة الدستور المصرى حين فوجئ مجدى يعقوب بتليفون من رئيس الجمهورية المستشار عدلى منصور، يطلب مشاركته فى لجنة الدستور. وقال لى د. مجدى فى أول يوم لاجتماع اللجنة، وكان معنا د. محمد غنيم، إنه رجل علم وليس له علاقة بالسياسة، ولكنه قَبِلَ التكليف لحبه لمصر ويريد أن يحتوى الدستور المصرى على مادة واحدة سوف يقاتل فى إضافتها، وهى أن يسمح الدستور بنقل الأعضاء البشرية، على أن ينظمها قانون لاحقًا، وفعلًا تمت الموافقة على هذه المادة.

أقابل د. مجدى فى عشاء عند بعض الأصدقاء بين حين وآخر، وأقابله فى حفلات عامة، كانت آخرها فى سان فرانسيسكو فى عشاء لجمع تبرعات لمركز مجدى يعقوب منذ أسبوعين.

سير مجدى يعقوب ابن مصر الحقيقية، حفيد الفراعنة، والمحب للوطن وللناس وللفقراء، والذى بذل من جهده وفكره وعقله الكثير فى سبيل إنشاء مشروع غير مسبوق، وكان اسمه وسمعته وراء التبرعات الكبيرة التى تصل إلى المشروع.

أقول لك أخيرًا، ربنا يخليك لمصر، فمثلك هم الذين يرفعون من شأنها ويعيدون الأمل لنا، وكل سنة وأنت طيب وعقبال 5٠٠ سنة. وعندما أختم مقالاتى بجملة من أغنية سيد درويش «قوم يا مصرى»، فهذا مثال واضح أن المصرى مجدى يعقوب قام فعلًا، وأرجو أن يقوم مثله بقية المصريين.

قوم يا مصرى مصر دايمًا بتناديك.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt