Al Masry Al Youm

جولة جديدة على الرؤوس

- ‪aminakhair­y@ gmail. com‬ أمينة خيرى

فى الثمانينيا­ت بدأت موجة حجاب عدد من الممثلات والمطربات واعتزالهن. الموجة كانت جزءا من التوجه الكبير العميق معروف المصدر والمنبع والغاية والغرض، ومجرد الإشارة إليه تغضب البعض ممن يعتقد أن مصر لم تكن إسلامية حتى السبعينيات والثمانيني­ات. من الفنانات من ارتدت الحجاب واعتزلت ولم نعد نسمع عنها كثياً، ومنهن من تحجبت واعتزلت ثم تحولت من الفن إلى النضال الدينى والعمل من أجل إقامة دولة الخلافة، ومنهن من وجدت نفسها تتأرجح بين الحجاب ونصف الحجاب وربعه وثلثه والسؤال الشاغل البال لها هو: أعود أو لا أعود؟!، وفى مقابل الفريق الداعى بأن هذه حريتهن الشخصية وطالما يتأرجحن بعيدا عنا، أو يناضلن فى دولة أخرى، أو يلقين خطبا ودروسا دينية حضورها ليس إجباريا فهذا شأنهن، هناك فريق آخر يؤمن بأن الصراع على رأس الأنثى المعروفة أو ذات الشعبية أو صاحبة الانتشار صراع محموم واستراتيجى وحيوى وبالغ الأهمية فى الصراع الأكبر نحو إعلاء شأن الدولة الدينية. تبادل اللكمات على رأس المرأة أسهل بكثير من عمل دفاتر تحوى أسماء من يصلّون بانتظام ومن يفوّتون بعض الفروض ومن لا يصلّون مثلا. واستمرار المباراة وتبادل اللكمات بين من يعتبر أن الدولة المسلمة لا تعرف إلا برؤوس نسائها، وبين من يرى أن الدولة بأدائها وإنتاجها وعملها ومكانتها وتطبيق مبادئ المساواة والقانون والحقوق والواجبات لا يحلو أو يستوى أو يجذب الاهتمام المنشود إلا على رأس الأنثى المصرية. والباقى يعرفه الجميع. فمن يقول إن رأس المرأة يكاد ينفجر من فرط تحميله ما لا يحتمل من صراع بين أبناء فكر الجماعات التى توغلت حتى ترسخت فى ربوع المحروسة، وبين الناجين من هسهس ثالوث المرأة والشعر والجنس يجرى ترهيبه بالجملة الخالدة: أنت تريد إذن أن تمشى النساء عرايا، ومن ثم تطأطئ رأسك خجلا وتتقهقر رعبا، وتلتزم كنبتك خوفا وهلعا من كرباج تعرية المرأة. تحجيب أو حجاب فنانات تبعه تحجيب أو حجاب مذيعات. فمن غيرهن أكثر ظهورا وانتشارا وتأثيرا وقدرة على إشهار الهوية الجديدة التى كان يجرى غرسها، وفى أقوال أخرى هن أقوى وأسهل وأسرع وسيلة لإدخال الإسلام مصر. هذه الآونة، يعرف الجميع أنه لا الفنانات ولا المذيعات يحظين بالقدر نفسه من التأثير والمتابعة والانتشار حيث دخلت منصات ال «سوشيال ميديا » منافسا ومنازعا. ولذلك كان لا بد أن تكون الجولة الجديدة من الملاكمة الجارية على رؤوس النساء موجهة نحو ال«إينفونسرز» أو المؤثرات. فلانة تطبخ طبخات صحية، علانة تعلمنا ارتداء الملابس، الأستاذة تخبرنا بقواعد الميك آب، وغيرهن. فى الأيام القليلة الماضية، هدى الله قلوب عدد منهن لا يعرفن بعضهن البعض إلى الحجاب إذ فجأة. )تذكرة: لا يا فندم أنا لا أريد أن تمشى المؤثرات عرايا( ولو انتقلت الأنظار غدا إلى نساء المريخ أو عطارد، فستنتقل الجولة المقبلة صوب رؤوسهن.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt