Al Masry Al Youm

المنافسة الإيجابية

- elshobaki6­2@gmail.com د. عمرو الشوبكى

اجتمع، أمس الأول، فى قمة العشرين بإندونيسيا الرئيسان الأمريكى والصينى بعد سنوات من التصعيد المتبادل، وتحدثا عن ضرورة إعادة العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها، وأكد الرئيس بايدن ضرورة تلافى الدخول فى حرب باردة جديدة مع الصين.

والحقيقة أن التعبير الذى أشارت إليه العديد من الصحف العالمية حول شكل العلاقة الجديدة بين الصين والولايات المتحدة بالقول إنها ستكون «منافسة إيجابية»؛ أى أن هناك اعترافاً بأن المنافسة ستستمر، ولكن يجب أن تكون «إيجابية» فى صالح الشعبين وألا تتحول إلى منافسة «سلبية» أو خشنة تنعكس سلبا على الشعبين وعلى الاستقرار العالمى.

والحقيقة أن النظام العالمى صمم على مدار ما يقرب من قرن من الزمان على أن هناك قوة أولى هى الولايات المتحدة الأمريكية متفوقة على الجميع بمسافة كبيرة رغم وجود منافسين من بعيد لها، كالاتحاد السوفيتى السابق، وحلفاء ليسوا معها على طول الخط، مثل فرنسا وبعض الدول الأوربية، أما الصين التى كانت طوال النصف الأخير من القرن الماضى بعيدة عن تلك المنافسة، فهى الآن تغير الوضع بها وأصبحت ثانى أكبر اقتصاد فى العالم وثانى أكبر قوة عسكرية وتكنولوجية، ومرشح اقتصادها لأن يكون الأول مع بدايات العقد المقبل.

لقد أصبحت الصين أكبر دولة مصدرة للسلع فى العالم منذ عام 2005 وحتى الآن، حيث بلغت قيمة صادراتها حوالى 3 تريليونات دولار أمريكى قبل كورونا، مقارنة بصادرات سلعية أمريكية بحوالى 2 تريليون دولار فى نفس الفترة.

وتشير بيانات صندوق النقد الدولى إلى أن معدل النمو للناتج المحلى الإجمالى فى الصين بلغ 6.7% فى عام 2016، مقارنة بنحو 1.6% للولايات المتحدة الأمريكية، وجاء مشروع «الحزام والطريق» كإعلان عن قوة الصين وحضورها الدولى.. صحيح أن علاقتها بالدول الإفريقية لم تخلُ من المشاكل، خاصة بعد أن قدمت لكثير منها «مغريات الإقراض»، والتى سرعان ما تحولت إلى قيد على عدد منها.

والحقيقة أن قوة الصين مؤكدة وأن لقاء الزعيمين الأمريكى والصينى فى قمة العشرين سيفتح الباب لإعادة اعتراف الولايات المتحدة بالقوة الصينية المتزايدة، وأيضا إعادة تنظيم المنظومة الدولية على أساس الاعتراف بهذه القوة التى من الصعب كسرها، وهو لا يعنى انهيار القوة الأمريكية وإنما سيعنى أن العالم سيشهد وجود قوتين كبيرتين، ستكون فيها قوة الصين أكبر من قوة الاتحاد السوفيتى السابق، وهو ما يجب على الولايات المتحدة أن تقر به.

المنافسة الإيجابية فى الاقتصاد والسياسة ستكون سمة المرحلة القادمة، ولن تكون فقط فى المجال الاقتصادى، وإنما أيضا بين نموذجين: أحدهما مركزى يؤكد الإنجاز والعلم وتغيب عنه الديمقراطي­ة، وآخر أسس لدولة قانون ديمقراطية كبرى تعانى من تحديات كثيرة، وهو ما سيجعل هناك منافسة السياسة والاقتصاد، ولكن المهم للعالم أن تظل «منافسة إيجابية».

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt