Al Masry Al Youm

الساعة المناخية جرس الإنذار الأخير فى COP27

تفتح نافذة الأمل قبل دخول العالم فى طريق «اللاعودة» باقٍ من الزمن 7 سنوات على «التحول الجرىء» من الوقود الأحفورى إلى الطاقة المتجددة ‪«33.7 9‬تريليون دولار» مبلغ مستحق على مجموعة العشرين بسبب الآثار المدمرة للانبعاثات الكربونية المفرطة

- محمد عبد الخالق مساهل

تحتل الساعة المناخية مكانا بارزا ومتميزا وسط أجنحة الدول التى تنتمى لجميع قارات العالم، فهى بؤرة اهتمام جميع المشاركن من جميع الانتماءات الرسمية ومنظمات المجتمع المدنى والمراقبن ومندوبى الدول، الذين حرصوا على مشاهدتها والتقاط الصورة بجوارها وقراءتها للوقوف على أرقام خطيرة تعكس مستقبل الكرة الأرضية، لها قصة طريفة بدأت من أمريكا وتنتهى عند ساعة الصفر التى يحبس الجميع الأنفاس عند الوصول إليها، فهل يتحقق الهدف من إطلاقها والذى يتمثل فى المقام الأول فى الوصول إلى درجة حرارة 1.5 مئوية؟.

وتشكل السبع سنوات المقبلة «أفضل نافذة للبشرية،» لتطبيق تغييرات جريئة وتحولية فى اقتصادنا العالمى لتجنب ارتفاع درجة الحرارة العالمية فوق 1.5 درجة مئوية، وهى نقطة «اللاعودة» التى يقول لنا عنها العلم إنه من المحتمل أن تجعل أسوأ تأثيرات المناخ أمرا لا مفر منه، حسبما أكد مشروع الساعة المناخية.

وتمثل الساعة «أهم الأرقام» فى تحديد الموعد النهائى و «شريان الحياة » فى ساعة المناخ، وما يتعن علينا القيام به، فى الوقت المناسب، يمكن القول إنها أهم الأرقام فى العالم، يجدر فهم السبب.

ويعيش العالم حالة طوارئ مناخية، ولكن لا يزال هناك بعض الوقت الذى لا يتجاوز بضع سنن لتجنب كارثة إذا تم اتخاذ إجراءات جريئة وفورية بالسرعة والنطاق اللازمن، بما يتجاوز ما اعتبره السياسيون أمرا ممكنا من الناحية السياسية.

بدأت الساعة العد التنازلى منذ يونيو من العام الجارى حتى أواخر يوليو 2029. فإحصاء الوقت هو أداة تتبع لمدى تغير «النافذة الزمنية الحرجة» للوصول إلى انبعاثات صفرية فى الموعد النهائى، مع رصد مستوى التقدم فى مسارات الحل الرئيسية. وتمزج ساعة المناخ بن الفن والعلوم والتكنولوج­يا والتنظيم على مستوى القاعدة الشعبية لإيصال العالم إلى وقت التحرك. ومن خلال إظهار ما يتعن علينا القيام به بحلول الوقت، تضع الساعة إطارا للمهمة القاطعة، التى تتمثل فى الانتقال السريع والعادل إلى مستقبل مناخى آمن، والذى تضعه فى صدارة اهتمامنا.

تمثل الساعة المناخية سجلً موثقًا يحصى بالثوانى وبالعد التنازلى ما تبقى من زمن لإنقاذ الكرة الأرضية ومستقبل البشرية من براثن الانبعاثات الكربونية والاحتباس الحرارى وغيره من العواقب الناجمة عن التغيرات المناخية القاتلة.

أمام العالم ما يقل عن سبع سنوات لتحقيق «التحول الجرىء» من جميع أنواع الوقود الأحفورى إلى الطاقة المتجددة. انتشرت فرق ساعة المناخ فى جميع أنحاء العالم من تشياباس إلى كازاخستان، ومن كوريا إلى جلسجو. ويتم تحديث الساعة كل عام لتعكس أحدث اتجاه عالمى لانبعاثات ثانى أكسيد الكربون ومعدل الاحترار المناخى.

«ساعة المناخ» عبارة عن تصميم رقمى يوضح مدى سرعة اقتراب الكوكب من 1.5 درجة مئوية من الاحتباس الحرارى، بالنظر إلى اتجاهات الانبعاثات الحالية، حيث توضح كمية ثانى أكسيد الكربون المنبعثة بالفعل، والاحتباس الحرارى حتى الآن.

بداية الانطلاق تم إطلق ساعة المناخ فى عام 2015، لتوفير معيار قياس يمكّن المشاهدين من تتبع التقدم المحرز فى التخفيف من آثار تغير المناخ.

التاريخ الموضح عندما تصل البشرية إلى 1.5 درجة مئوية سوف يقترب مع ارتفاع الانبعاثات، ويبتعد أكثر مع انخفاض الانبعاثات.

ويشرف على الساعة معمل «هيومان إيمباكت» بجامعة «كونكورديا»، ويدعمها عدد من المؤسسات، من بينها مؤسسة ديفيد سوزوكى، و«فيوتشر إيرث »، ومشروع واقع المناخ.

فى أواخر سبتمبر ،2020 قام الفنانون والنشطاء «جان جولان، وكاتى بيتون هوفستاتر، وأدريان كاربنتر، وأندرو بويد» بإعادة تصميم الساعة فى ساحة الاتحاد فى مدينة نيويورك لعرض ساعة المناخ، حيث كان الهدف هو «تذكير العالم كل يوم بمدى خطورة اقترابنا من حافة الهاوية».. هذا بجانب ساعة «يوم القيامة»، التى تقيس مجموعة متنوعة من العوامل التى يمكن أن تؤدى إلى «تدمير العالم» باستخدام «تقنيات خطرة من صنعنا». ومن المتوقع مع تغير المناخ، باعتباره أحد العوامل الأصغر، أن يكون هذا التثبيت المحدد واحدًا من العديد من المنشآت فى المدن حول العالم.

شاركت الناشطة البيئية السويدية جريتا ثونبرج، فى المشروع فى وقت مبكر، وتلقت نسخة يدوية من ساعة المناخ.

منذ إنشائها، أضافت ساعة نيويورك المناخية مجموعة ثانية من الأرقام للنسبة المئوية لاستخدام الطاقة فى العالم والتى تأتى من مصادر الطاقة المتجددة.

وتعتمد قراءة الساعة على بيانات تمثل: حجم الانبعاثات الكربونية، ومعدل الاحتباس الحرارى، وحجم الفيضانات والحرائق.

نافذة أمل دعا مشروع الساعة المناخية، تحت شعار «نافذة من الأمل» والتحرك فى الوقت المناسب فى قمة المناخ العالمية كوب 27، إلى تجنب الأضرار التى لا مناص منها.

وحذر فريق الساعة المناخية مما سموه «التسويف» فى أزمة المناخ، وأن ذلك يعد إنكارا للأزمة قائل: «لا يمكن أن نفوز فى قضية المناخ ما لم يكن فوزنا سريعا، وأى شىء يبطئنا أو يلهينا عن هذا الهدف، فإنه لا يقدم سوى حلول زائفة، ويتسبب فى فشل أجيال المستقبل».

وأضاف: «تكشف الساعة المناخية عن كيف يستمر زعماء العالم فى وضع المكسب كأولوية على حساب الشعوب، ومن ثم مهمتنا هى ألا ندعهم يفلتون بذلك الفعل، فنحن لدينا نافذة قوامها ست سنوات حرجة كى نحمى مستقبلنا من ضرر جسيم لا يمكن تلفيه، وهو ما يستلزم دعم ومناصرة حلول حقيقية فى قمة كوب».

نسخة الخسائر والأضرار نشر مشروع الساعة المناخية ما سماه «نسخة الخسائر والأضرار» قائل: «33.7 تريليون وليس مليارًا هو المبلغ الذى يستحق على دول مجموعة العشرين الأعلى فى نسبة الانبعاثات الضارة، وهذا المبلغ لصالح الدول النامية، وذلك بسبب الآثار المدمرة للنبعاثات الكربونية المفرطة التى سببتها لباقى دول العالم». ونبه إلى أن التشديد على دفع تعويضات من جانب دول العشرين الغنية، التى تتسبب فى أعلى نسبة من الانبعاثات الكربونية، هو الحل الرئيسى للأزمة، مشيرا إلى أن هذه الأموال ضرورية لمساعدة الدول النامية فى معالجة الأضرار التى تكبدتها، ولكى تتكيف مع التغير المناخى السريع، إلى جانب تتبع مسارات بديلة نحو مستقبل أكثر عدالة واستدامة يمكن أن يفيد العالم بأسره.

تشهد الدول والمجتمعات التى ساهمت على الأقل فى تدفق الانبعاثات الكربونية أسوأ عواقب مدمرة جراء التغيرات المناخية، لكن الدول الغنية التى تربحت، تدين الآن ب«ديون المناخ».. ومن ثم دعت «الساعة المناخية» إلى استخدام أداة «شريان الحياة» الخاصة بتعويض الخسائر والأضرار، وذلك من أجل المطالبة بتحقيق العدالة المناخية. سؤال طرح نفسه بقوة مع الحملة التى يقودها مشروع «الساعة المناخية» حول العالم، هو: هل يفى زعماء العالم بالاحتياجا­ت الحقيقية التى يجب توافرها لمعالجة أزمة المناخ، أم أنهم سيرتدون ثانية إلى الحلول الزائفة؟

قال المشروع: «إننا بحاجة إلى تحرك عالمى سريع فى قمة كوب 27 لوقف التغير المناخى الكارثى، من ثم فإن الساعة المناخية سوف توفر دعما على الأرض، وآخر عبر الإنترنت للحركة المناخية كى تساعد فى الضغط على زعماء العالم من أجل التحرك».

وتقوم أداة «شريان الحياة» الخاصة بالخسائر والأضرار بتتبع ديون المناخ التى تقدر بالدولار الأمريكى والمدان بها دول العشرين بسبب الآثار المدمرة التى تسببت فيها الانبعاثات الكربونية المفرطة.

تأثيرات التغير المناخى المدمرة لن تحدث فى المستقبل، ولكنها تحدث فى الحاضر وتتزايد بشدة، وظلت تحدث بالفعل منذ عقود مضت، فى حين أن الدول التى ساهمت فى الكمية الأقل من الانبعاثات الكربونية شهدت أكبر التأثيرات السلبية، كنتيجة مباشرة للنبعاثات الأعلى مستوى الناجمة عن الدول الأكثر ثراء، والتى حققت أرباحا طائلة، ونتيجة لذلك فإن «ديون المناخ» مطلوبة لتغطية تكاليف «الخسائر والأضرار» المادية التى سببها التغير المناخى.. هذه الأموال ضرورة ملحة للدول المتضررة كى تعالج الأضرار التى لحقت بها، حتى تتكيف مع المناخ المتغير، بينما يجرى توفير الأموال لتتبع مسارات نحو مستقبل أكثر عدلا واستدامة.

العد التنازلى تستمر الساعة المناخية فى العد التنازلى حتى تصل إلى «ساعة الصفر»، وفى ذلك الوقت ستنفد الميزانية الكربونية، وستكون احتمالية حدوث تأثيرات مناخية مدمرة عالية جدا.. ومن ثم يجب اتخاذ إجراءات لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية حتى تصل نحو الصفر فى أسرع وقت ممكن فى نطاق هذه النافذة الزمنية الحرجة للعمل.

ويجرى الحصول على البيانات الخاصة بالموعد النهائى من معهد أبحاث مركاتور حول المشاع العالمى وتغير المناخ، فإذا استمرت معدلات الانبعاثات العالمية فى الارتفاع، فسوف تنفد ميزانية الكربون بشكل أسرع، وإذا خفّضنا معدل انبعاثات الكربون العالمية، فإن الوقت على مدار الساعة سيبدأ على نحو افتراضى فى الزيادة.

عواقب التغيرات المناخية أصبحت «موجات الحرارة وحرائق الغابات والجفاف والفيضانات الكاسحة» التى تسببت فيها التغيرات المناخية عناوين الصحف الرئيسية البارزة، مما يجبر 26 مليون شخص على الوقوع فى براثن الفقر كل عام.

والأشخاص الذين يعيشون فى الفقر هم أكثر احتمالا وبمعدل الضعف أن يعملوا فى قطاعات عالية الخطورة من حيث التعرض لظروف الطقس القاسية، والعيش فى ظروف سكنية هشة بمناطق معرضة للخطر، مع دعم أقل فى التعافى وإعادة البناء.

ففى عام 2021 وحده، تسببت عشرة أحداث طقس فى خسارة اقتصادية عالمية تقدر بنحو 170 مليار دولار.. فالناس لا يفقدون منازلهم وسبل عيشهم فحسب، ولكن يفقدون ثقافتهم وكرامتهم وفرصهم المستقبلية، فالغالبية العظمى من هذا الدمار الدامى والموجع للقلب يقعون فى الدول النامية.

 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt