Al Masry Al Youm

فتاوى تنشر السموم

-

الإفتاء إخبار عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأن الله أحلَّ هذا، أو حرَّم ذلك. فالفتوى فى شريعة الإسلام مرسوم دينى، يقوم بإصدارها علماء الفقه والشريعة حسب الأدلة الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، لما لها من هيبة وقداسة ومكانة عظيمة، فلا يجوز أن يشتغل بها من ليس أهلًا لها. فالصحابة رضوان الله عليهم تهيبوا الإفتاء وتحاشوه قدر المستطاع، وحذروا منه. أماّ الواقع فيؤكد أن هناك حالة فوضوية فى مجال الإفتاء، ويعد من أهم أسبابها الجهالة، وعدم التريث، وعدم إدراك خطر هذه المسؤولية. وهو ما نتج عنه عدد من الفتاوى الشاذة، يستغلها ضعاف النفوس فى نشر أفكارهم المتطرفة، والتى تبدأ من الإرهاب اللفظى وتنتهى بالإرهاب الفعلى على أرض الواقع. ويأسف كل مخلص أن تصبح الفتوى مطعمًا مباحًا لغير القائمن على أمورها، من المؤهلن فى الأزهر أو رجال الدين الأخيار، حتى إنها أصبحت لكل جائع وشارد، يمتهن الفتوى كمهنة ليصل بهم إلى شاطئ الاسترزاق دخولًا إلى بحر يفيض بدماء الأبرياء، فتحولت الفتوى وخرجت عن مهمتها المفترضة بوضع حل أو علاج أو اقتراح للمشكلات، إلى تشريع للجرائم وتأصيل للعنف وتقنن للإرهاب، وإثارة للفتن وإشعال الحروب والتفرقة بن الناس، وهو ما يختلف مع تعاليم الإسلام السمحة. فمن الواجب على مجتمعنا أن ينشغل بتسوية خلافاته مع فكره وتصوراته بضبط الفتوى وتنظيمها، ورد الاعتبار إليها، والذى أصبح واجبًا فى أيامنا الحالية أكثر من أى وقت مضى، بحيث تقتصر الفتاوى على رجالها، من أصحاب الدين والعقل والحكمة، من خلال الهيئات والمؤسسات الخاصة بها. وكذلك أن يتوسط بن الناس والمفتن إعلاميون مهنيون محترفون يتميزون بحسن الخلق، ولا يسمحون لغير أهل الفتوى بالاشتغال بها، لا سيما أن الايام أثبتت أن الإفتاء الفردى يترتب عليه الكثير من الشرور، ويجانبه الصواب أحيانًا مهما كانت أدوات القائمن عليه. فالأخطار التى نعيشها تقتضى أن تتوقف الفتاوى الانتقامية والفوضوية، الممتدة عن رغبات أصحابها فى التسلط على الناس، والانتقام منهم بهذه السموم التى تصيب جسد المجتمع بالضعف إن لم تقض عليه. المستشار/ محمد جلال عبد

الرحمن

mdgalal3@gmail.com

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt