Al Masry Al Youm

الشير على الودان أمر من السحر

- أمينة خيرى ‪aminakhair­y@ gmail. com‬

لو علمنا أثر «الشير» دون تفكر، لفكرنا مرارا وتكرارا، ومنعنا دقة الزر القاتلة التى تنشر الجهل والتطرف والكراهية والتفاهة وتشويه التاريخ ولخطبة الجغرافيا وانتحار المنطق والعقل. فرق كبير بين أن تقرأ تدوينة أو تغريدة لصديق فيعجبك رأيه أو تحليله، فتقوم بعمل «شير» لأن المحتوى يمثلك، أو لتعرض رأيا مختلفا بغرض النقاش، وبين أن تكون مهمتك هى الدق على «الشير» لتنقل قصص «جاء إعرابى» أو «احذر أخى المسيحى فإن المسلمين يتربصون بك» أو «احذرى أمة الإسام العالم يكيد لك»، إلى آخر الكام المرسل غير المثبت وغير المعضد إلا بآفات جنون العظمة أو علل الشعور بالاضطهاد. هذا عمليا نشر للأمراض النفسية. كم الشير والمنقول الذى يحوى ترهات وسخافات لا تصدر إلا عن أشخاص لا عمل لهم إلا كتابة الهراء، وتصديره إلى أبرياء يقومون بفعل «الشير» المذموم دون تدبر أو إعمال للشىء الرخو القابع فى الدماغ مذهل. وللعلم والإحاطة، الميليشيات الإلكتروني­ة- وهى أمر واقع لا مجال لنفيه- تعمل فى كل المجالات. منها ما يعمل فى مجال انتخابات الدول الكبرى لترجيح كفة مرشح على آخر، ومنها ما يروج لمنتج أو دواء أو فكر أو نظرية، ومنها ما يعمل لخلق ثقافة بعينها تتسلل إلى مستخدمى منصات التواصل وتتحول إلى جزء من تكوينهم دون أن يشعروا. تخيل سيادتك لو أرسلت لك يوميا رسائل عن المؤامرات التى يتم نسجها ضد الإسام من مصممى الأزياء العالميين لهدم الدين على أدمغتنا والقضاء على المتدينين، ثم جودت فبت أضع ال«تتش» الخاص بى فأخبرك بأن هذا المصمم صمم خطا بعينه، الغرض منه زعزعة الإيمان وهدم دعائم الاعتقاد ونشر الفسق. مرة أرسل لك هذه الترهات باعتبارها صادرة عن مستر هرطق برطق أستاذ تاريخ الأديان وخبير علم الإيمان، وأخرى باعتبارها تصريحا خطيرا أطلقته جمعية «بشر با حدود وأمخاخ با قيود» تحذر فيه من خط الأزياء ذاته الصادر عن مجلس إدارة العالم المتفرغ لمحاربة المسلمين والنيل من أبنائهم. أغلب الظن أنك ستبنى ترسانة «معرفية» قائمة على هذا الهراء. وبمرور الوقت يتحول الهراء إلى بناء والبناء إلى أفعال والأفعال إلى دفاع عن الدين وذود عن المتدينين. وحين تسأل أحد «المشيرين» عن مصدر المعلومة، فإن الرد حاضر والدفاع جاهز. «جاءتنا كما هى فقلت أقوم بواجبى وأشيرها». لا يا فندم. واجبك البحث فيما تشاركه، وإلا تكون طرفا فى جريمة التجهيل والتغييب ونشر الترهات. وربما توفر على نفسك جهد البحث، وتسأل نفسك: الثقافة أو الدين الذى يهدم بسبب موضة هى ثقافة هشة أو دين مغلوط. هنا تسطع الحقيقة أمام عينيك وتراجع نفسك وتستعيد ثقتك بثقافتك القوية ودينك الحق، وتعرف أن ما كنت مقبا على «تشييره» هو مساهمة فى هدم ثقافتك ودينك بالفعل، لكن من بوابة تغييب العقول وتسطيحها. الشير على الودان أَمَر من السحر.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt