Al Masry Al Youm

المفتى: الخطاب الدينى بحاجة ماسة إلى التجديد

⏮«علام» بمؤتمر «تعزيز قيم المواطنة والتعايش»: الفكر الإسلامى ينبغى أن يعى متطلبات الواقع

-

كتب- أحمد البحيرى: أكد الدكتور شوقى عام، مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، أن قضية الأصالة والتجديد من القضايا التى فرضت نفسها بقوة على الساحة العلمية والفكرية، كما أنها من القضايا التى حدث فيها كثيرٌ من التلبيس، حيث ظن البعض أن تجديد الخطاب الدينى يعنى تغيير ثوابت الدين الإسامى وأصوله لجعل الإسام متائمًا مع ظروف العصر، وليس الأمر كذلك، فالثوابت الإسامية كأساسيات العقيدة ومواضع الإجماع اليقينى المستند إلى النصوص الشرعية فيما ليس للعقل فيه مجالٌ لا تقبل التغيير.

وقال مفتى الجمهورية، خال فعاليات المؤتمر الدولى «الدراسات الإسامية فى الجامعات: نحو تعزيز قيم المواطنة والتعايش»، الذى تنظمه جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، خال الفترة من 22 ل24 نوفمبر الجارى، إن أحكام الفقه ممَّا يتعلَّق بمقاصد الشريعة فى العبادة والعمران، ويختلف باختاف الحال والزمان والمكان، وكذلك وسائل الدعوة إلى الإسام وتبنى المناهج والوسائل العلمية والعملية الحديثة فيما يتعلق بعلوم الشريعة ونقلها وتوثيقها وتدريسها، فإن ذلك كلّه مناطٌ للنظر والتجديد، فالتجديد إذن لا يعنى هدم التراث والتخلى عن الثوابت والمبادئ العامة التى تحكم الإسام، إنما الاستفادة من التراث الإسامى والبناء عليه لمواجهة قضايا العصر الأساسية.

وأضاف المفتى: «إذا نظرنا إلى معنى الأصالة والمعاصرة فإننا نجد فى الأصالة حفاظ الأمة على شخصيتها وذاتيتها التى كوَّنتها الأحداث والأجيال الطويلة والمؤثرات الأصيلة فى حياتها من الدين واللغة والأخذ بمنجزات العصور المتعاقبة، ونجد فى المعاصرة استفادة الأمة بعلوم حاضرها وتفاعلها مع قضايا الواقع المتغير»، منوهًا بأن مفهوم التأصيل لا ينفصل عن مفهوم التجديد، وبينهما تكامل وثيق، فا تأصيل با تجديد، ولا تجديد با تأصيل.

وأشار «عام» إلى أنه لكى يكون الفكر المنتسب إلى الإسام أصياً ومجددًا ينبغى أن يجمع بن أمرين: بن موافَقة منهجية تكون موافِقةً فى الغاية لما جاء فى كتاب الله تعالى وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، وبن معرفة واعية بالعصر الذى نعيش فيه، ليتفاعل معه بأصالته، فالأصالة والتجديد فى حقيقتهما إنما يتحققان فى تعانق الجانبن، جانب التأصيل وجانب التفاعل.

وحول الجدل الذى يُثار عن مفهومَى الأصالة والمعاصرة، أوضح «عام» أنه جدل محسوم من المنظور الإسامى، ولا أَدَلَّ على ذلك من أن الإسام قد أقرَّ ممارساتٍ كانت فى الجاهلية حن وجدها تتفق وجوهرَ دعوته إلى محاسن الأخاق، فالمنهج الإسامى لا يرفض كل ما عند الآخرين، إنما يضعه تحت مجهر الفحص للحكم على مدى انسجامه أو اختافه مع قيم الإسام وشمولية نظرته للكون، وهذا المنهج هو الذى صاغ به المسلمون حضارتهم التى أبهرت العالم، حيث لم يستنكف المسلمون أن يأخذوا من حضارات الإغريق والروم والفرس وغيرهم، ما يعنى أن هذا المنهج قادر على استيعاب نتاج الحضارة المعاصرة، وإخضاعه لمضامن التصور الإسامى وقيمه الإنسانية السامية.

وشدَّد «عام» على أن الخطاب الدينى بات فى حاجة ماسة إلى التجديد، خاصة فى التأكيد على القضايا والموضوعات التى هى بمثابة قاسم مشترك بن شعوب الأرض قاطبة، مثل الدعوة إلى مكارم الأخاق، والمساهمة فى سعادة إنسان العصر، وكذلك مواجهة الكوارث التى أنتجها الخطاب الدينى المتطرف، وبنّ أن هذه الدعوة إلى التجديد تنطلق من التأسيس لثقافة العيش المشترك فى عالم متعدد الأديان والثقافات والحضارات، والتى أشار إليها قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا»، فخصوصية التعايش التى وردت فى هذه الآية الكريمة أصرح دليل على تبنى الشريعة الإسامية الغراء مبادئ وأسس العيش المشترك بن الإنسانية جمعاء؛ لما يتطلبه حصول التعارف من ضرورة الاحتكاك والاختاط بن الشعوب والأمم والجماعات والأفراد، فى وضعٍ يُتيح لكلٍّ منهم فى موقعه فرصةَ المساهمة فى مناخٍ يطبعه التعاون بتوحيد الجهود البشرية والاندماج الجماعى فى العمل المتكامل المنسجم، تحقيقًا لعمارة الأرض وتجسيدًا لحكمة خافة الإنسان فى الأرض.

 ?? ?? جانب من المشاركين فى مؤتمر تعزيز قيم التعايش أمس
جانب من المشاركين فى مؤتمر تعزيز قيم التعايش أمس

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt