Al Masry Al Youm

مؤتمر «التعايش» يدعو «حكماء العالم» للتراحم ومواجهة «الحرب والدمار»

⏮مشاركة وزراء وقيادات أزهرية وكنسية.. ومقترح بإنشاء «الإسكندرية للتسامح»

-

الإسكندرية- رجب رمضان وناصر الشرقاوى:

أكد وزراء وقيادات دينية أزهرية وكنسية أن التسامح أسلوب حياة وقيمة كبرى، وهو بمثابة العمود الفقرى للعمران البشرى، وأن بناء المستقبل لن يكون إلّا فى ظل وجود عيش مشترك وسلام مجتمعى، واقترحوا إنشاء منتدى الإسكندرية للتعايش والتسامح ككيان موحد يجمع المؤسسات والمنظمات المهتمة بالتعايش.

تصريحات المسؤولن جاءت خلال افتتاح مؤتمر «التعايش والتسامح وقبول الآخر.. نحو مستقبل أفضل»، الذى ينظمه مركز الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية، خلال الفترة من ٢٢ ل ٢٤ نوفمبر الجارى، تحت رعاية الأزهر، بالتعاون مع الاتحاد الدولى للمؤرخن.

وقال الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، إن مفهوم التسامح يستدعى معانى كثيرة، فهو العمود الفقرى فى العمران البشرى، وقد أكدت الأديان هذا التوجه فى دعوة للتضامن والتكامل من خلاله، لافتًا إلى أن المعنى الثانى هو مفهوم «الآخرية» الذى ظهر مع المجتمع الحديث الذى يقوم على المواطنة، ويقوم على فكرة الاعتراف بالآخر والتعايش معه.

وأضاف «زايد» أن التسامح يستدعى أيضًا مكتبة الإسكندرية القديمة ومدينة الإسكندرية، حيث قدمتا نموذجًا للتعايش الإنسانى الخلاق، فالمكتبة فتحت أبوابها لكل فلاسفة وعلماء العالم، بينما فتحت المدينة ذراعيها لكل من يطأ أرضها، منوهًا بأن المؤتمر يأتى ليؤكد أهمية التعددية والعيش المشترك من خلال مناقشة قضايا مختلفة وطرح مقترحات جديدة ومبتكرة لدعم التسامح ونبذ التطرف.

وأشار «زايد» إلى أن المؤتمر تقدم إليه عدد كبير من البحوث، ويحضره عدد كبير من رجال الدين وفلاسفة الأخلاق، وستتم ترجمة توصياته ومقترحاته للغات مختلفة، وقدم مقترحًا بإنشاء «منتدى الإسكندرية للتعايش والتسامح» بمكتبة الإسكندرية ككيان موحد يجمع كل المؤسسات والمنظمات المهتمة بموضوع التعايش، ويقدم جهدًا بحثيًا حول تحديات ومشكلات التعايش، ويعقد لقاءات دورية، ويضع خططًا وحلولا قصيرة وطويلة المدى.

من جانبه، أوضح الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن الإسلام قضى على التفرقة العنصرية وهدم بنيانها، وأزال الفروق بن الطبقات الاجتماعية، كما قرر الكتاب العزيز التعايش والتسامح بن الأديان كلها، فكل إنسان حر فى أن يختار دينه، ولا يكره أحدهم أحدا على دينه، ثم لم يجعل الفصل بن أهل الأديان المختلفة إلا لله وحده، لافتًا إلى أن الإسلام قد احترم دور العبادة، وأمر بالمحافظة عليها، كما أمر عند الحوار مع الآخر بتخير أفضل طرق الحوار وأحسنها وأهداها، دون إغلاظ فى القول.

وشدد «داود» على أن الإنسانية كلها تشترك فى الدعوة لمكارم الأخلاق والفضائل الإنسانية، ودعا حكماء العالم للتراحم والتآلف والتجاور ومواجهة الأفكار التى توقد نار العنصرية والحرب والدمار، منوهًا بأن الأزهر له عملان رائدان فى موضوع هذا المؤتمر، الأول «وثيقة الأخوة الإنسانية»، وهى وثيقة عالمية بن الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والبابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، وكان لها دور كبير وفعال فى نشر الأخوة والتسامح، والثانى «بيت العائلة،» وهو مؤسسة مصرية رائدة توحد صفوف المصرين فى وحدة رائعة بن المسلمن والمسيحين.

وقال تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، إن التعايش حياة، والتسامح أسلوب حياة، وقبول الآخر هو جودة الحياة، واستكمل: «الله خلق الإنسان عاقلًا وعاملًا وعابدًا، وخلق له العقل ليصبح منارة حياة الإنسان، والقلب ليستطيع أن يقابل الله فى قلبه، وأعطاه مع العقل والقلب واليد نعمة الحرية، وجاءت الشرائع على اختلاف الأجيال لتنظم حياة الإنسان وتواجده وعلاقاته فى أى مجتمع.. الله أعطى الإنسان عطايا كثيرة، أهمها حياته وعمره وأيامه، فالإنسان مخلوق من السماء، وموطنه السماوى هو الأساسى، وعندما يدرك الإنسان هذا الأمر يشعر بأن وجوده على الأرض هو وجود مؤقت وبالتالى

ليس له إلّا أن يستخدم الوقت استخدامًا جيدًا وصالحًا ليعيش الحياة، فالتعايش حياة».

وأكد البابا أن التسامح هو أسلوب حياة وقيمة كبرى، وعندما يملك الإنسان طاقة التسامح فهو يبنى على مفهوم مهم وهو أن كل الأشياء تعمل معًا للخير، لذلك فهو أسلوب حياة، أما قبول الآخر فهو جودة الحياة، فالله يريد من الجميع أن يحيا حياة جيدة، ولا يمكن قبول الآخر إلا بالمحبة.

بدوره، أعرب الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، عن سعادته بالتواجد فى هذا الملتقى الدينى الوطنى الثقافى الإنسانى فى أعرق مكتبة علمية وثقافية فى تاريخ البشرية، برعاية الأزهر، وواصل: «من خلال هذا المؤتمر نبعث رسالة داخليه لعلماء الدين والمثقفن والمعلمن بأهمية أن تتحول ثقافة التعايش لثقافة شعبية فى مختلف المجالات مع أبنائنا فى المدارس والمساجد والكنائس، أما الرسالة التى نقدمها للعالم كله فهى نفس الرسالة التى أرسلتها مصر فى مؤتمر المناخ وهى دعوة للعمل معا لصالح الإنسان لكونه إنسانًا، وأن نواجه خطابات الكراهية والتمييز».

وأشار الدكتور على جمعة، رئيس لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، مفتى الجمهورية السابق، إلى أن هذا المؤتمر يأتى ليؤكد على ما فى القلوب من حب ورحمة وتسامح، والإصرار على مواجهة أهل الفساد، والإصرار على عمران الأرض كما أراد الله، وشدد على أن مصر تقدم نموذجًا فى التسامح والتعايش ينبغى أن يتم تصديره للعالم، لافتًا إلى أن التسامح والتعايش وقبول الآخر يعد جزءًا لا يتجزأ من الفطرة السليمة لإنسان، وأن أى نوع من الانحراف عن هذه القيم والأخلاق هو انحراف عن الفطرة.

وأوضح الدكتور على عمر الفاروق، المدير الأكاديمى لدار الإفتاء، مدير عام الإدارات الشرعية، أن هذا المؤتمر يؤكد أهمية العلم والثقافة فى تشكيل وعى الإنسان وتقدم ورقى الشعوب، وقد شاءت إرادة الله وحكمته أن خلقنا مختلفن، وبنّ الله تعالى فى كتابه العزيز أن هذا الاختلاف والتنوع لم يكن عبثًا، بل كان لغاية وحكمة ينبغى أن نقف عندها ونتدبر صنع الله، وندرك أن الأصل فى العلاقة بن بنى الإنسان هو التعايش السلمى والتعاون الجاد لترسيخ القيم السامية المشتركة التى حثت إليها جميع الأديان ودعت إليها.

وتطرق «الفاروق» إلى جهود علماء الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء فى نشر الصورة الحقيقية لإسلام، حيث سعت دار الإفتاء بخطى حثيثة للم الشمل ونبذ الكراهية، فتم إنشاء الأمانة العامة لدور هيئات الإفتاء فى العالم، للتحاور وجمع شمل المفتن على المحبة والسلام، كما تم إنشاء «مرصد فتاوى الكراهية» التى يحاول المتطرفون بثها ونسبها زورًا لإسلام، و«مرصد الإسلاموفو­بيا» وهو يعنى بما يسمى الكراهية ضد الإسلام والمسلمن.

وأضاف «الفاروق» أنه تم إطلاق المؤشر العالمى للفتوى لقياس ثمار الوسطية فى مجال الإفتاء، ثم إنشاء «مركز سلام لدراسات التطرف» الذى يسعى أن يكون مركزا جامعا لكل الأبحاث المعنية بمكافحة التطرف، مستدركًا: «نحتاج لمناهج تعليم مساندة ومنابر إعلامية، وأن تتبنى العمل بنتائج هذه المبادرات كل أسرة بل كل مؤسسات المجتمع».

وأكد الدكتور القس أندريه زكى، رئيس الطائفة الإنجيلية فى مصر، أن بناء المستقبل لا يمكن أن يتأسس إلا على العيش المشترك والسلام الاجتماعى، وتحدث عن آليات إدارة التنوع والتعددية، وهى التسامح والعيش المشترك والوعى والحوار، ما يحقق تماسك المجتمع فى إطار قانونى يدعم هذه المفاهيم بقوة.

من جانبه، أعرب الدكتور حيدر جاسم، ممثل الاتحاد الدولى للمؤرخن، عن سعادته للتعاون مع مركز الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية لتنظيم هذا المؤتمر المهم، مؤكدًا أهمية موضوع المؤتمر ورسالته، فالتسامح هو الأساس السليم للمجتمعات المتحضرة القائمة على احترام الإنسان وتقدير المساواة فى الحقوق والمساواة بن الرجل والمرأة واحترام الآخر والاعتراف بحرية الفرد فى التعبير المحترم.

 ?? ?? قيادات سياسية ودينية خلال فعاليات المؤتمر
قيادات سياسية ودينية خلال فعاليات المؤتمر
 ?? ?? البابا تواضروس خلال إلقاء كلمته فى افتتاح المؤتمر
البابا تواضروس خلال إلقاء كلمته فى افتتاح المؤتمر

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt