Al Masry Al Youm

النجاح والإخفاق الدولى فى COP27

- السفير نبيل فهمى وزير الخارجية المصرى السابق

.. وحضر عدد كبير من ممثلى المجتمع المدنى والمؤسسات الاقتصادية والمالية، للتفاوض حول تخفيض الانبعاثات، ودعم قدرات الدول فى التعامل مع تداعيات التغير المناخى، وتأمين الدعم الفنى والمالى للدول النامية فى هذا المجال على وجه الخصوص.

وباستثناء تنامى اليقين بخطورة تجاهل المشكلة وبأهمية وعجالة التصدى لها انعقد المؤتمر فى أسوأ ظروف سياسية واقتصادية دولية ممكنة، وصفتها فى مناسبة أخرى بأنها عاصفة مكتملة.

فى ظل كل ذلك ماذا يمكن استخلاصه من نتائج من إنجازات وإخفاقات دولية خلال مؤتمر المناخ فى COP27؟

أولا أعتقد أن مصر نجحت فى استضافة المؤتمر، رغم بعض الشكاوى والملاحظات السلبية المتكررة فى الإعلام الغربى، وخاصة البريطانى، كما نجحت الأمم المتحدة فى تنظيمه، رغم التفاعلات العصبية المتناثرة، علما أن التجمعات الكبرى التى تجمع عددا هائلا من ممثلى الحكومات والمجتمع المدنى سويا من الصعب إدارتها، لتباين الممارسات والمصالح والتوقعات من قبل المشاركين.

ورغم عدم اهتمامى أو ثقتى كثيرا بما وقع من مذكرات تفاهم باعتبارها خطابات نوايا غير ملزمة، ولنا تجربة غير حميدة معها بعد المؤتمر الاقتصادى قبل الأخير، أعتقد أن مصر نجحت فى خلق زخم لا بأس منه ويحمل مؤشرات إيجابية لها فى الدفع بوسائل الطاقة البديلة، وخاصة الهيدروجين الأخضر، حتى إن لم تترجم كلها إلى حيز النفاذ، فى ضوء أن عددا منها مرهون بتوفير التمويل اللازم لتنفيذها. ومن الإيجابيات الدولية إعلان أوروبا أنها ستسرع فى تنفيذ انخفاضها فى انبعاثات الكربون، وكذلك استئناف المفاوضات الأمريكية الصينية حول مواجهة التغير المناخى رغم أنها لم تحقق نتائج ملموسة، وموافقة الولايات المتحدة على توفير2٠ مليار دولار إلى دول جنوب شرق آسيا للإقلال من استخدامها للفحم، وهناك بوادر للمزيد من المشروعات حول طاقة الرياح ودعم الجهود الإفريقية فى التحول إلى الطاقة النظيفة.

وتضمن البيان الختامى للمؤتمر الاتفاق على إنشاء صندوق لدعم الدول النامية من التداعيات والخسائر الناتجة عن التغيير المناخى، وخرج المنسق الإفريقى الذى قاد تلك المفاوضات وكذلك رئيسة مجموعة ال٧٧ للدول النامية فى نيويورك سعداء بهذا الإنجاز. وبادرت أوروبا بإظهار التعاون أكثر بشأنه خلال هذا المؤتمر، مع المطالبة بأن يساهم فيه كافة الدول التى تخرج عنها انبعاثات كثيرة أو لديها قدرات مالية بما يشمل عددا من الدول النامية المستهلكة للفحم وأخرى بترولية، ويعنى عدم قصر الإسهام فيه على الدول الصناعية، وهو ما أثار عددا من التحفظات، كما وضعت أوروبا حدودا وقيودا على الاستفادة من الصندوق، وعلى المجتمع الدولى استكمال هذه الفكرة، فتضمن النص أيضا إشارة إلى أهمية تطوير عمل المؤسسات المالية الدولية تسهيلا لتلك الجهود، ويجب تحديد حجم التمويل الخاص بالصندوق وإجراءاته وآلياته، حيث يلاحظ أن الولايات المتحدة وغيرها ترفض تفسير النص على أنه يحمل أطرافا ومؤسسات مسؤولية دفع التعويضات عن ممارسات محددة، لذا هناك أمور عديدة حول هذه الخطوة الإيجابية لم تحسم خلال المؤتمر وستكون محل اهتمام لجنة متابعة تم تشكيلها، ويتطلب تحقيقها توافر حسن النية، خاصة والدول الصناعية لم تستوف تعهداتها السابقة بتوفير 1٠٠ مليار دولار سنويا للدول النامية لدعم تحولها نحو الطاقة النظيفة.

وكان على رأس أهداف المؤتمر أيضا ضمان عدم تجاوز درجات الحرارة المناخية 1.5، حتى لا يتعرض سكان الأرض لدرجات حرارة ورطوبة تشكل خطرا عليهم، أو تكرار الفيضانات مثلما شهدته الباكستان أخيرا، علما بأن هناك ما يزيد عن 15 مليون إفريقى يعانون من ضعف الأمن الغذائى نتيجة للجفاف، ويتطلب ذلك تطوير وتغيير ممارساتنا الحياتية، التى تحمل فى طياتها مخاطر جمة، ومنها التصدى للزيادة السكانية، وأعربت بعض الدول المتقدمة بحدة عن عدم رضاها عن الصياغات النهائية حول الالتزام بتخفيض الانبعاثات، لشعورها بأنها تكرار لصياغات مؤتمر جلاسجو دون إضافات طموحة، وأعربوا عن قلقهم من أن تستغل الإشارة إلى مصادر «الطاقة الأقل انبعاثا» مبررا لعدم التزام البعض أو الإبطاء فى التحول نحو الطاقة الجديدة.

لذا فإن تقييم نتائج هذا المؤتمر ومدى نجاحه أو إخفاقه فى التصدى لتغير المناخ يتطلب الانتظار إلى أن يتسنى تقدير مدى توافر حسن النية لدى الدول الأطراف خلال الفترة القادمة، وقد تمتد مرحلة التقييم أشهر وحتى المرحلة التمهيدية لاجتماعات COP28 فى دولة الإمارات المتحدة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt