عن «ترويع» المستثمرين ننجح عندما نفعل ما نقول

لا يملك منصف إلا أن يقر بأن مصر تمتلك مقومات اقتصادية وبشرية كبيرة، وتمتلك أيضًا أصولًا تحميها من تمادى خطر الديون إلى مستوى الإضرار الشامل بالاقتصاد الوطنى. أيضًا، حققت خطوات فى تطوير بعض مفاهيم وقواعد دعم الاستثمار، وإن لم يصل بعد إلى مستوى التنفيذ الجاد. أيضًا، شهدت وتشهد الباد حركة بناء ضخمة للغاية، ولكن كل ذلك لن يكون كافيًا للعبور من أزمة اقتصادية يشهدها العالم بأسره، ونحن من المتأثرين بالتأكيد.

ما أحدثته جائحة كورونا وما تُحدثه الحرب الروسية الأوكرانية الآن لابد له من التفكير فى استثمار كل ما يمكن استثماره للوصول إلى بر أمان اقتصادى، يعبر بالدولة المصرية من محنة نعيشها ويعيشها العالم، وتعجز اقتصاديات كبرى عن مقاومتها أو صَدّ مخاطرها الشديدة، فما بالك باقتصادنا؟!.

بالتأكيد، هناك بعض التغيرات الإيجابية، التى تؤكد أن مصر تهدف لأن تخطو بثبات نحو بداية جديدة تشهد من خالها تنمية اقتصادية شاملة تحاول فيها أن تراعى البُعد الاقتصادى والاجتماعى. لكن السؤال الذى يجب أن نعرف إجابته هو: هل يمكن للدولة وحدها النجاح؟، هل ما تمتلك من مقومات اقتصادية كافية لأحداث النمو الاقتصادى المنشود؟. الإجابة القاطعة، وبشكل علمى، هى النفى. وكما أشرت أكثر من مرة، لن نتمكن دون استثمار أجنبى مباشر يضخ فى جسد الاقتصاد. فهم ذلك والاقتناع به هو المقدمة لتطوير الفهم إلى فعل.

العلم، الذى نحتاج إلى اعتماده وسيلة أساسية للتفكير والقرار، يقول إن الاستثمار الأجنبى المباشر للدول النامية وسيلة أفضل من اللجوء إلى الاقتراض، ويسهم فى سد الفجوة بين الادخار والاستثمار، خاصة فى ظل الشروط المجحفة للقروض الخارجية بشكل عام، وأيضًا تقلص المساعدات الخارجية للدول النامية، كما لاحظنا أنفسنا ذلك فى الفترة الأخيرة، سواء من مؤسسات أو أشقاء. مع ماحظة تراجع نسبة المساعدات الإنمائية المقدمة إلى تلك الدول.

مع إدراك المواقف الصعبة التى تدفع الدول إلى الاقتراض، ويكون القرار محل تفهم فى أحيان كثيرة، لكن هذا يجب ألّا يكون الاختيار المتكرر، بل يجب العمل على الوصول إلى المرحلة التى تتراجع فيها أهمية تلك القروض )أو يتم تحجيمها(، ويكون البديل الصحى لها الاستثمار الأجنبى المباشر.

تحاول مصر تدشين بنية أساسية قادرة على جذب الاستثمارات، وتحاول الدولة فى جانب آخر من جوانب جذب الاستثمار، وهو الإصاحات القانونية والتشريعية، وذلك من أجل أن نكون مؤهلين لاستقبال المزيد من الاستثمارات الأجنبية، التى قد تقينا شر القروض. ولكن، وبشكل واقعى وعلمى، مرة أخرى، هل نجحنا فى إظهار جديتنا من أجل تحقيق هذا الهدف؟.