Al Masry Al Youm

الانتخابات العالمية المقبلة ستشكل نتيجة الحرب فى أوكرانيا

من أجل تحقيق الفوز فى حروب القرن الحادى والعشرين، فإنه لا يكفى دائمًا أن تكون لك اليد العليا فى ساحة المعركة ولكنك ستحتاج أيضًا إلى الفوز بالانتخابا­ت وذلك ليس فى بلدك وحده.

-

تقول الحكمة التقليدية إن الحروب عادةً ما تنتهى بالمفاوضات، ولكنها غالبًا ما تنتهى أو تتجمد فى صناديق الاقتراع، فهذا هو المكان الذى انتهت فيه حرب أمريكا فى فيتنام، والحرب الفرنسية فى الجزائر، كما انتهت الحرب فى يوغوسلافيا بهزيمة سلوبودان ميلوسيفيتش فى صناديق الاقتراع عام 2000 .

واليوم، تدور الحرب فى أوكرانيا فى ظل عدد من الانتخابات الحاسمة المقرر إجراؤها فى عام 2024، حيث ستكون الانتخابات فى روسيا وأوكرانيا وتايوان والولايات المتحدة حاسمة فى تشكيل نتيجة الحرب فى عام ،2023 كما أن نتيجة هذه الانتخابات يمكن أن تحدد شكل النظام الدولى التالى.

وفى مارس 2024، ستجرى الانتخابات الرئاسية فى روسيا وأوكرانيا، ولكن لا يمكن تصور أن يخسر الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الانتخابات التى يتم تنظيمها من أجل

أن يفوز بها، إلا أنه بالنظر لعمليته الخاصة الفاشلة فى كييف، فإنه لديه كل الأسباب للقلق من أنه فى حالة الهزيمة العسكرية، أو تجميد الصراع على وضع لا يصب فى صالحه، فإنه سيواجه معارضة ليس من الليبراليي­ن القلائل المتبقين فى البلاد فحسب، ولكن أيضًا من اليمين القومى الذى يحظى بالمصداقية لدى السكان.

وصحيح أن هذا لم يحدث من قبل فى فترة حكمه التى تستمر منذ أكثر من عقدين من الزمن، ولكن بدء حملة انتخابية مقترنة بالفشل على الجبهة يمكن أن يؤدى إلى تأجيج وضع مناهض لبوتين، وهى اللحظة التى لطالما انتظرها الأوروبيون والأمريكيو­ن، وعلى الرغم من أنه من غير المرجح حدوث ذلك فإن هذه هى اللحظة التى ستمثل الحرية لروسيا.

كما ستؤثر الانتخابات فى أوكرانيا بشكل عميق على الخيارات الاستراتيج­ية التى سيتخذها الرئيس فولوديمير زيلينسكى فى عام 2023، وستجعل من المستحيل عليه قبول أى تنازل عن الأراضى، خشية أن يخسر الانتخابات، مع الوضع فى الاعتبار أن فكرة تأجيل العملية ليست خيارًا مطروحًا.

ولكن بالنسبة إلى زيلينسكى، فإن إجراء الانتخابات فى وقت الحرب الذى غادر فيه غالبية السكان خارج البلاد أو أنهم نازحون داخليًا سيمثل تحديًا لوجستيًا هائلًا، ولكن تنظيم انتخابات حرة ونزيهة سيكون أمرًا ذا أهمية قصوى فى تعزيز صورة أوكرانيا باعتبارها دولة ديمقراطية تناضل ضد روسيا الاستبدادي­ة.

وبالنظر للانتخابات المقررة فى عام 2024، فقد تصبح الانتخابات الرئاسية فى تايوان ورقة مهمة تؤثر على ديناميكية الحرب بين روسيا وأوكرانيا، حيث قد يؤدى الخوف من تحقيق انتصار قومى فيها إلى التأثير على استراتيجية بكين المتعلقة بالتوحيد، فلا يزال الدرس الذى استخلصه الرئيس الصينى شى جين بينج من الغزو الروسى غير معروف، فهل توصل إلى أن بوتين كان مخطئًا فى بدء هذه الحرب أم أنه يرى أن الأخير قد بدأها بعد فوات الأوان؟.

وقد تؤدى حاجة الصين إلى إبقاء الأمريكيين بعيدًا إلى إقناع الحكومة فى بكين بزيادة دعمها لموسكو، على أمل إبقاء الولايات المتحدة عالقة فى صراع أوروبى. وسيكون للانتخابات الرئاسية الأمريكية، وبدرجة أقل، انتخابات البرلمان الأوروبى، تأثير مباشر على سير الحرب فى كييف، حيث قد تكون الانتخابات الرئاسية فى الولايات المتحدة أكثر حسمًا لنتيجة الحرب من أى عملية عسكرية على الأرض، فالأوكراني­ون لن يستطيعوا مقاومة آلة القتل التى يستخدمها

بوتين فى حال قرر الأمريكيون والأوروبيو­ن قطع دعمهم العسكرى والمالى الكبير عنهم.

ولذا فإن الأوكرانيي­ن لديهم سبب للخوف من احتمال خسارة الديمقراطي­ين للرئاسة، حيث يمكن أن يتراجع دعم الولايات المتحدة لجهودهم الحربية فى حال فاز الجمهوريون، وبالنسبة للديمقراطي­ين وحلفائهم الأوروبيين على حد سواء، فإن نجاح بوتين فى منطقة دونباس أو مشاركة حلف شمال الأطلسى )الناتو( المباشرة فى الحرب قد يؤثر بشكل كبير على مَن سيكون الرئيس القادم للولايات المتحدة ومن سيتم انتخابه للبرلمان الأوروبى. وقد يؤدى النجاح الروسى على خط المواجهة أو انخراط الناتو الكبير فى الصراع إلى قلب ميزان الرئاسة الأمريكية تجاه الجمهوريين، حيث إن آخر شىء يحتاجه الديمقراطي­ون وحلفاؤهم الأوروبيون هو أن يلوم الناخبون البيت الأبيض لشن حرب عالمية ثالثة، ولكى يفوز الرئيس الأمريكى جو بايدن وحلفاؤه الأوروبيون فى انتخاباتهم، فإنه من الضرورى أن يستمر الأوكرانيو­ن فى الفوز فى ساحة المعركة.

وصحيح أننا نعلم الآن كيف غيّر الترابط الاقتصادى وانتشار الأسلحة النووية طبيعة الحروب الحديثة، ولكن الأمر الذى ما زلنا لا نعرفه هو كيف يمكن للانتخابات المقبلة أن تغير طبيعة الحرب فى أوكرانيا، لا سيما فى ظل لحظة الاستقطاب العالمى المتزايد الحالية.

والخلاصة هى أنه من أجل تحقيق الفوز فى حروب القرن الحادى والعشرين، فإنه لا يكفى دائمًا أن تكون لك اليد العليا فى ساحة المعركة، ولكنك ستحتاج أيضًا إلى الفوز بالانتخابا­ت، وذلك ليس فى بلدك وحده.

ترجمة فاطمة زيدان

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt