Al Masry Al Youm

«جزيرة ر وس المبتهواتح­به»ا سافمةى اسكتلندا

- كتب- محمود عبدالوارث: BBC

جزيرة جروينارد فى اسكتلندا كانت موقعًا لمحاولة سرية قامت بها المملكة المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية لاستخدام الجمرة الخبيثة، وهى عدوى بكتيرية قاتلة.

ولم تظهر التفاصيل الدقيقة لما حدث هناك إلا عندما رفعت الحكومة السرية فى عام 1997 عن فيلم صوره الجيش البريطانى فى ذلك الوقت، والذى يعرض تفاصيل التجارب.

يمكن أن تستغرق أعراض العدوى بعض الوقت لتظهر بشكل كامل، لكن عندما تظهر فإنها تكون مروعة، ويمكن أن تصبح مميتة بسرعة كبيرة.

بدأ المشروع، المسمى ب«العملية النباتية»، تحت قيادة بول فيلدز، الذى كان حينها رئيسًا لقسم الأحياء فى بورتون داون، وهى منشأة عسكرية فى ويلتشير بإنجلترا، ولا تزال موجودة حتى اليوم.

فى الأربعينيا­ت من القرن الماضى، مع دخول بريطانيا فى الحرب مرة أخرى، تم تكليف بورتون داون بتطوير أسلحة بيولوجية يمكن استخدامها ضد ألمانيا النازية لإحداث آثار كارثية، مما يقلل من القتال الفعلى المباشر بين القوات.

كانت الخطة، بحسب ما نقلته « ،» تتمثل فى إصابة كعكات بذر الكتان بجراثيم الجمرة الخبيثة وإسقاطها بالطائرة فى مراعى الماشية فى جميع أنحاء ألمانيا، ومن ثم تأكل الأبقار الكعك وتصاب بالجمرة الخبيثة، وكذلك أولئك الذين يأكلون اللحوم المصابة، وكان من شأن الخطة المقترحة أن تقضى على إمدادات اللحوم فى ألمانيا، وتتسبب فى تلوث البلاد بالجمرة الخبيثة، مما يؤدى إلى عدد هائل من القتلى.

فى صيف عام 1942، اشترى الجيش جزيرة جروينارد النائية وغير المأهولة التى تبلغ مساحتها 522 فدانًا، ومنع السكان المحليين من الهبوط هناك.

ثم بدأ فريق عسكرى، تحت إشراف العلماء، بإحضار الماشية إلى الجزيرة لتكون بمثابة مواد اختبار، وبدأوا سلسلة من التجارب لإطلاق جراثيم الجمرة الخبيثة عبر تضاريس الجزيرة. كانت النتائج مدمرة، ففى غضون أيام من التعرض بدأت الأعراض تظهر على الأغنام وسرعان ما بدأت تموت، وتم تشريح جثثها المصابة، ثم حرقها أو دفنها تحت أطنان من الركام.

بعض هذه التجارب شهدها الصيادون المحليون الذين اكتشفوا سحب الجمرة الخبيثة المنجرفة فوق الجزيرة، وذكر أحد السكان المحليين، الذى باع أغنامًا للفريق العلمى، أنه رأى ما وصفه بالدخان يتصاعد فوق الحيوانات.

استمرت التجارب السرية حتى عام 1943، عندما اعتبرها الجيش ناجحة، حزم العلماء أمتعتهم وعادوا إلى بورتون داون. ونتيجة لذلك، تم إنتاج خمسة ملايين كعكة بذر الكتان مملوءة بالجمرة الخبيثة.

لكن تم التخلى عن الخطة فى النهاية مع تقدم الحلفاء فى غزو نورماندى، مما أدى إلى تدمير الكعك بعد الحرب.

رغم هذا، كانت آثار العملية النباتية كارثية على الجزيرة، فالجمرة الخبيثة هى بكتيريا شديدة المقاومة، ويمكن أن تستمر لعقود فى التربة، مما يسبب العدوى عند تناولها حتى بعد سنوات من تفشى المرض.

وجعلت التجارب العسكرية الجزيرة خطيرة للغاية بالنسبة لأشخاص أو الحيوانات للعيش فيها، حتى إن مياه الأمطار التى تتدفق من الجزيرة قد تكون مميتة، إلى حد بدأت الحيوانات فى البر الرئيسى بالقرب من خليج جروينارد تموت.

وأظهرت سلسلة من الاختبارات فى عام 1971 أنه على الرغم من عدم وجود جراثيم الجمرة الخبيثة على السطح، إلا أنها لا تزال موجودة فى التربة تحتها.

وحاول العلماء إزالة التلوث الموجود فى التربة، بنقع الجزيرة فى خليط من مياه البحر والفورمالد­هيد، بالإضافة إلى إزالة التربة السطحية الملوثة وحرقها.

وفى إبريل 1990، بعد 48 عامًا من الحجر الصحى، أعلنت حكومة المملكة المتحدة أن جزيرة جروينارد خالية من الجمرة الخبيثة.

 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt