الرجال لا يبكون

كيف ترى حواء الجانب العاطفى لآدم؟

ل يستطيع الرجل أن يبكى أمام أحد، أو أن يظهر أيًّا من جوانب ضعفه أو خوفه، وهو ما تركز عليه الأمهات خلال رحلة تربية أبنائهن. ويتعرض الرجال لنتقادات إذا ما ابتعدوا عن الصورة النمطية الذكورية القوية، إذ أظهرت الأبحاث أن الرجال يواجهون رد فعل عنيفًا عندما ل يلتزمون بالقوالب النمطية الذكورية المتعلقة بالجنسين.

ويتم تربية الرجال اجتماعيًا على عدم طلب المساعدة وعدم إظهار الضعف، وقد يصل الأمر إلى معاقبتهم عندما يتحدون هذه الفكرة، حتى إن البعض ينظر إلى الرجل الذى يطلب المساعدة على أنه «أقل كفاءة وقدرة وثقة». ويقول الدكتور وليد هندى، استشارى الصحة النفسية، إن كثيرًا من النساء يختلط عليهن الأمر بين ضعف الشخصية والضعف الإنسانى، مشيرًا إلى أن الفرق بينهما كبير، فضعف الشخصية يكون نواقص بشخصية الفرد، إذ ترى النساء أن الرجل ضعيف الشخصية يكون من الستحالة العيش معه، نظرًا لما يترتب على ضعف شخصيته من العديد من المشاكل الأسرية والزوجية.

وأضاف ل«أيقونة» أن النساء ل يستطعن العيش مع الرجل ضعيف الشخصية، وأن تتحكم هى فى زمام الأمور؛ ما يضيف عليها العديد من الأعباء؛ وهو ما يؤدى إلى النظر للرجل بنظرة غير مستحبة داخل أسرته، وما يتبع ذلك من مشاكل زوجية كبيرة والتى تنعكس على أولده. وفى دراسات سابقة، أجمعت غالبية النساء على أنهن يفضلن الرجل الذى يكون حازمًا طوال الوقت ويتعامل بطريقة متحيزة جنسيًا كأن يخبرها بما يمكنها وما ل يمكنها فعله، وهو ما يجعل النساء أكثر اعتمادًا على الرجال بشكل متزايد للحصول على المساعدة، وينظرن إلى هؤلء الرجال على أنهم أكثر جاذبية، خاصة عندما تتغلب رغبة الرجال فى السيطرة على العيوب. ولفت الدكتور «هندى» إلى أن الضعف الإنسانى مستحب، فالإنسان بطبيعة تكوينه يجب أن يكون ضعيفًا وإل يصبح هناك خلل فى شخصيته، منوهًا إلى أن الضعف الإنسانى يتضمن الخوف والقلب الرقيق والمشاعر المرهفة والعاطفية، وأن يكون لديه حسابات إنسانية فى التعامل، وأل يكون إنسانًا نفعيًا أو عدوانيًا أو ساديًا، وفى الوقت ذاته يساهم الضعف الإنسانى فى تشكيل الضمير، مضيفًا أنه من الطبيعى أن يكون الرجل ضعيفًا من الناحية الإنسانية، ولديه خوف من المستقبل يجعله يسعى لتدبير أموره، والموازنة بين الموارد والحتياجات.

ويقول: «من المستحب أن يظهر الرجل الضعف الإنسانى أمام شريك الحياة، فمثلًا عند حدوث حالة فاة أو التعرض لصدمة معينة ل يجد الرجل مكانًا مناسبًا للبكاء سوى أمام زوجته فتكون هى الأنيس والداعم فى ذلك الوقت،» مشيرًا إلى أن بعض النساء يرين أن الجانب الضعيف للرجل مستحب فى كثير من الأحيان بشرط تحقيق التوازن، بأل ينهار من أقل مشكلة أو يبكى من صغائر الأمور؛ ما يؤثر على اتخاذه القرارات وجودة الحياة، وطبيعة التعامل مع المشكلات والأزمات، فبمجرد أن يصل لتلك المرحلة يتم النظر إليه على أنه ضعيف الشخصية وتنظر إليه نظرة غير مستحبة.

وشدد على ضرورة التمييز بين ضعف الشخصية والضعف الإنسانى الحميد، فالأخير يمكن أن تتقبله النساء ويكون مستحبًا فى بعض الأحيان فذلك من طبيعة الشخصية، فالرسول ذاته بكى، مؤكدًا أن أساس التعامل مع الجانب العاطفى للرجل هو أن يفصح عنه، والزوجة التى ل تستطيع أن تقيم هذه العاطفة وأنها ضعف شخصية أم ضعف إنسانى، فيجب أن يوضح لها الزوج ذلك ويتحدث معها ويناقشها فيما يشعر به، حتى ل تصيبه الحسرة من أنها غير مبالية به أو ل تنتبه لأموره وتأخذها على محمل الجد أو أنها تنظر إليه بنظرة الضعف وغير متضامنة معه فى العاطفة؛ ما يؤدى إلى فجوة كبيرة بينهما.

وتابع: «الرجل يبحث عمن تشاركه ضعفه، وإذا لم يلق ذلك يترفع عن التحدث معها، ويصبح المنزل بيئة منفرة بالنسبة له، وبالتالى يكون عرضة للاستقطاب والولوج فى علاقات موازية تمنحه آذانًا مصغية للسماع منه وتفهمه وتمتص مشاعره السلبية وتتفهم ضعفه الإنسانى، وذلك نتيجة لما شعر به من انخفاض فى مفهومه نحو ذاته وافتقاد هويته كرجل، ويحاول تعويض ذاته نفسيًا بالدخول فى علاقات أخرى وتغيير سلوكياته .»