Al Masry Al Youm

أنا جوزيف ليستر أتحدث إليكم

- وسيم السيسى يكتب:

أنا جوزيف ليستر أبوالجراحة الحديثة، كان خمسون بالمائة من المرضى يموتون بعد العمليات الجراحية، ولكن بفضل ما توصلت إليه، جعلتها عشرة بالمائة فقط. وُلدت ١٨27م فى لندن، وغادرت عالمكم ١٩١2، عن عمر ٨5 عامًا.

كان المرضى يموتون بسبب تقيح الجروح، بل كان أى كسر مضاعف «العظام خارج الجلد»، كانت العملية هى البتر أو الغرغرينا!. أردت أن أكون طبيبًا، رفضتنى كلية طب كمبردج لأنى من الكويكرز، أى الصحابيين أو المرتجفين! ، وهو Quakers مذهب مسيحى يؤمن بالحب للناس جميعًا، كما رفضتنى كلية طب لندن لأنى لم أكن حاصاً على بكالوريوس الآداب والفلسفة أولًا!. حصلت على هذه الدرجة، ودخلت كلية الطب فى لندن، تخرجت ،١٨52 عملت مع أكبر جراح فى إدنبرة، جيمس Syme، تزوجت ابنته، قرأت لباستير نظريته عن الجراثيم ١٨65، كانت عنابر المرضى كريهة الرائحة بسبب تعفن الجروح، دخلت يومًا دورة مياه، وجدت الرائحة جميلة، سألت أحد العمال، قال: الفنيك!، وهو الفينول أو حامض الكاربوليك!.

التقطت الفكرة من هذا العامل، صنعت بخاخة لرش الفنيك، غسلت الفوط والضمادات والجروح بالفنيك، انخفضت إصابة الجروح بالتقيح إلى عشرة بالمائة!. هاجمنى الأطباء، سخروا منى كما هاجموا لويس باستير، ورددوا ما قاله برنارد شو: المرض أولًا، ومنه تتولد الجراثيم!، ولكن لا يصح إلا الصحيح.

عرفت الجراحة فكرة التعقيم، أى قتل الجراثيم. جدير بالذكر أن حضارتكم العظيمة عرفت تقيح الجروح وقتل الجراثيم، فكانت تخيط الجروح فى الست ساعات الأولى، أما بعد ست ساعات فكانوا يضعون فى الجرح عسل النحل أو ملح النطرون لقتل البكتيريا، أو لباب خبز الشعير المتعفن، الذى هو عفن البنسلين!، )بردية إدوين سميث(، فضلت استخدام خيوط قدماء المصريين Catgut لأنها الأقل فى تقيح الجروح.

أذكر أنى كنت طالبًا فى السنة الثانية من كلية الطب، وكانوا يسمحون لنا أن نكون فى المستشفيات، وصلت المستشفى سيدة تُدعى جوليا سوليفان، متر من أمعائها خارج بطنها بسبب ثاث طعنات بسكين من زوجها، غسلت الأمعاء، ووسعت الجرح حتى أدخل الأمعاء، وقفلت الجرح، وكنت أصلى كل يوم أن تنجو من الالتهاب البريتونى، ومرت الحالة بسام، وحوكم زوجها بعشرين سنة سجنًا فى أستراليا، فقد كانت إنجلترا تُرحِّل الخارجين على القانون إلى هناك.

ماتت زوجتى ،١٨٩٣ حزنت عليها حزنًا شديدًا، تقاعدت ١٨٩5، أُصبت بجلطة فى الرأس، زهدت الحياة بالرغم من تكريم العالم كله لشخصى، حتى أطلقوا علىَّ : Father Of Modern

، أى: أبوالجراحة Surgery الحديثة.

كنت جراحًا للملكة فيكتوريا، أخذت أرقى الأوسمة: بارون، لورد، كنت رئيسًا للجمعية الملكية خمس سنوات، جاء من بعدى ألكسندر فلمنج، الذى اكتشف البنسلين، وعالج به تشرشل من الالتهاب الرئوى، كان يعجب من حفاوة الناس به، ويقول: لماذا تحتفون بى؟. الله خلق البنسلين، وأنا اكتشفته!.

دعتنى ألمانيا قبل تقاعدى إلى إلقاء محاضرة عن التعقيم، كان الحضور كثيفًا، وبعد انتهاء المحاضرة، جاء أحدهم يعانقنى، كان لويس باستير، تقولون لبن مبستر أى معقم، وتستخدمون حتى الآن مطهرًا للفم والأسنان على اسمى ليستر، والمطهر اسمه ليسترين!.

رحلت عن عالمكم ١٩١2م، وكلمات أمير الشعراء ترن فى أذنى: الناس صنفان موتى فى حياتهم وآخرون ببطن الأرض أحياء

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt