Al Masry Al Youm

إصابات العمل.. «كابوس» العمالة غير المنتظمة

⏮«اتحاد العمال»: التعامل بالضمير الإنسانى واجب على كل صاحب مؤسسة.. والنقابات حصن أمان للعامل

- كتبت- سارة طعيمة:

تشكل إصابة العمل كابوسًا لعمال مصر، الذين يعتمدون بشكل أساسى على صحتهم مصدرًا للرزق، خاصة أن مهاراتهم تكمن فى جسدهم، فإذا تأذت أيديهم أو فقدوا أحد أطرافهم أو أصبحوا عاجزين عن الحركة، سوف يفقدون عملهم.

وبالرغم من أن إدارة السلامة والصحة المهنية وضعت أسسًا واضحة لحماية العمال، كما يضمن قانون العمل حق العمال، إلا أن بعض مؤسسات القطاع الخاص تنتهك هذه الحقوق.. فكيف لهؤلاء العمال التصدى لهم فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، وحاجتهم الملحة لقبول أى وظيفة.

يعانى تامر راضى، عامل نظافة بأجر زهيد فى إحدى شركات القطاع الخاص، من عدم التزام الشركة بتقديم أى حقوق لهم، سواء إجازات أو الالتزام بدواعى السلامة المهنية أو الحد الأدنى للأجور.

تامر، 40 عامًا، ويعمل منذ كان عمره 6 سنوات فى أسواق الملابس. وبدأ العمل «قهوجى» لفترة طويلة حتى أصيب بمرض «الدوالى» وانتقل إلى القاهرة وبدأ العمل فى شركات أمن ثم شركة نظافة، وتعلم استخدام أدوات النظافة وأصبح يعمل فى أحد المستشفيات وبعد وقت قصير تمت ترقيته مشرف عمال نظافة.

خلال جائحة كورونا، كان تامر يعمل مشرف العمال فى قسم الطوارئ وكانت شركة النظافة توفر لهم كمامات بكميات محددة، غالبًا ما تكفى نصف الشهر فقط، ما يضطرهم لشراء الكمامات على حسابهم فى أوقات كثيرة، وعندما كان العمال يتقدمون بطلب للحصول على مواد وقاية من المنظفات التى يستخدمونها أو من أجل حمايتهم من خطر الإصابة بالعدوى، مثل الكمامات والقفازات، كانت الإجابة «شركتك تجبلك» الشركة التى بدورها لا تقدم لهم شيئًا.

تم تشخيص تامر فى هذا الوقت باشتباه كورونا، ما يجعل إجازته المرضية حتمية، وبالرغم من هذا، وجد تامر أن الشركة سوف تخصم أجر كل يوم من الإجازة 15) يومًا( بدون مرتب.

لم تكن هذه المشكلة الوحيدة التى واجهت تامر خلال عمله فى الشركة، وكانت جميع عقود العمال فى الشركة ليست موثقة وغير مؤمن عليهم صحيًّا أو اجتماعيًّا، ولفت تامر الى أنه لم ير أى رقابة أو تفتيش من قبل الجهات المسؤولة.

وعندما طالب بحقه فى العقد والتأمين وجد وعودًا واهية؛ منها أنه سيتم التأمين عليهم بعد مرور سنة من العمل، وفى كل مرة كانت تنتهى السنة دون تحقيق أى وعود، كما أن رواتبهم لم تصل إلى الحد الأدنى للأجور.

القطاع الخاص يخضع لقوانين العمل الخاصة بالأجازات والحد الأدنى للأجور والتأمينات

فقد نصت المادة )54( من قانون العمل على أن للعامل الذى يثبت مرضه الحق فى إجازة مرضية تحددها الجهة الطبية المختصة، ويستحق العامل خلالها تعويضًا عن الأجر وفقًا لما يحدده قانون التأمين الاجتماعى.

وحدد قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، الضوابط والآليات اللازمة لحصول العاملين فى القطاع الخاص، على إجازة سنوية، من خلال أن تكون مدة الإجازة السنوية 21 يومًا بأجر كامل، لمن أمضى فى الخدمة سنة كاملة، تزيد إلى ثلاثين يومًا متى أمضى العامل فى الخدمة عشر سنوات لدى صاحب عمل أو

أكثر وتكون الإجازة لمدة ثلاثين يومًا فى السنة لمن تجاوز سن الخمسين، ولا يدخل فى حساب الإجازة أيام عطلات الأعياد والمناسبات الرسمية والراحة الأسبوعية.

إذا قلت مدة خدمة العامل عن سنة، استحق إجازة بنسبة المدة التى قضاها فى العمل، بشرط أن يكون قد أمضى 6 أشهر فى خدمة صاحب العمل وتزداد مدة الإجازة السنوية 7 أيام للعمال الذين يعملون فى الأعمال الصعبة أو الخطرة أو المضرة بالصحة أو فى المناطق النائية، ولا يجوز للعامل النزول عن إجازته.

وأشارت المادة (210) من قانون العمل إلى أن المنشأة وفروعها تلتزم باتخاذ وسائل وقاية العمال من خطر الإصابة بالبكتيريا والفيروسات والفطريات والطفيليات وسائر المخاطر البيولوجية متى كانت طبيعة العمل تُعرض العمال لظروف الإصابة بها وعلى الأخص التعامل مع الحيوانات المصابة ومنتجاتها ومخلفاتها أو مخالطة الآدميين المرضى والقيام بخدماتهم من رعاية وتحاليل وفحوص طبية.

وحدد قانون العمل ضوابط وآليات إبرام عقد العمل الفردى، الذى يتعهد بمقتضاه العامل بأن يعمل لدى صاحب العمل وتحت إدارته أو إشرافه لقاء أجر.

ونصت المادة )32( من قانون العمل على أن يلتزم صاحب العمل بتحرير عقد العمل كتابة باللغة العربية من 3 نسخ، يحتفظ صاحب العمل بواحدة ويسلم نسخة للعامل وتودع الثالثة مكتب التأمينات الاجتماعية المختص.

ونصت المادة 217 على أن المنشأة وفروعها تلتزم بتدريب العامل على الأسس السليمة لأداء مهنته وإحاطة العامل قبل مزاولة العمل بمخاطر مهنته وإلزامه باستخدام وسائل الوقاية المقررة لها مع توفير أدوات الوقاية الشخصية المناسبة وتدريبه على استخدامها.

ولا يجوز للمنشأة أن تحمل العامل أى نفقات أو تقتطع من أجره أى مبالغ لقاء توفير وسائل الحماية اللازمة.

يقول محمد جبران، رئيس اتحاد العمال، إن أهم شىء فى العمل التعامل بالضمير الإنسانى وهو واجب على كل صاحب مؤسسة واتحاد العمال دائمًا ما يكرر آلية تطبيق القانون ولكن مع وجود صاحب منشأة لا يتحلى بالضمير قد يتحايل على العامل وهو الحلقة الأضعف، وكنتيجة يلتجئ إلى اتحاد عمال مصر أو إحدى النقابات المنضم إليها والاتحاد فى الأصل يدافع عن العمال المشتركة فى النقابة وآدميًّا يتحدث باسم عمال مصر جميعًا ولذلك دائمًا ما يكرر الاتحاد أن النقابات هى المحامى الأول للعامل. وانضمامهم للنقابات هو حصن أمان لهم لأنه إذا تحرك العامل بمفرده غالبًا ما يفصله صاحب العمل. وأضاف أنه فى حالة عدم التزام المؤسسات بقانون العمل، يحاول الاتحاد أولًا حل مشكلة العامل وديًّا وإذا لم يستجب يتبعون آلية تنفيذ القانون بداية من تشكيل لجنة تفاوض يحضر خلالها عضو نقابى وعضو من وزارة العمل صاحب المنشأة أو من ينوب عنه وفى حالة عدم التوصل إلى حل، يضطر الاتحاد إلى اللجوء للقضاء ورفع قضية لحفظ حق العامل وأكد أن الفيصل بين الاتحاد والمؤسسة هو القانون ومن يفهم القانون جيدًا، ينتصر.

ولفت جبران إلى أن من حق العامل الانضمام إلى النقابة الخاصة به من بين 27 نقابة تشمل جميع التخصصات بما فيها عامل النظافة.

وأوضح أن مبلغ الاشتراك فى النقابة رمزى؛ لكنها تمثل الغطاء القانونى الذى يتحرك العامل من خلاله.

وعن عدم التزام بعض المؤسسات الخاصة بالحد الأدنى للأجور، يقول محمد جبران إن اتحاد العمال ليس له سلطة فى تنفيذ القانون ولكنه يشارك فى آلية تشريع القانون، لأن الاتحاد عضو فى المجلس القومى للأجور من خلال 5 أعضاء يتشاورون فى الحد الأدنى للأجور حتى الوصول لإصدار القانون وبعد ذلك يمكن لكل نقابة مخاطبة وزارة العمل بوجود منشأة ما، غير ملتزمة بالحد الأدنى للأجور وترسل الوزارة لجنة تفتيش وتحدد العقوبات وفقًا للقانون وقد تصل العقوبة إلى غلق المنشأة.

وأكد جبران أنه يجب على كل عامل أن يكون على دراية بحقوقه وواجباته لذلك دائمًا ما ينظم الاتحاد دورات تدريب وتثقيف للعمال.

ويقول جبران إنه عند إصابة العامل يجب أن يحرر محضرًا خلال 48 ساعة وبناء عليه يحدد موظف الأمن الصناعى مع ضابط شرطة المسؤول عن الإصابة وتتخذ التأمينات الاجتماعية الإجراءات لدفع تعويض الإصابة وإلزام المؤسسة بفترة الإجازة، وفى كل الحالات يأخذ العامل تعويض إصابة العمل، إلا فى حالة وقوع ضرر على المنشأة بسبب إهمال العامل، وفى هذه الحالة توقع عليه عقوبة.

يذكر أن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء سجل أن إجمالى عدد حالات إصابات العمل 9857 حالة عام 2022، عدد الذكور 8691 حالة، 1166 حالة إناث، مقابل 12527 حالة عام 2021 بانخفاض قدره 2670 حالة بنسبة انخفاض قدرها 21.3.%

وقال حسن شحاتة، وزير العمل، إن جميع مديريات العمل فى المحافظات تقوم بالتفتيش اللازم بشكل دورى على جميع المؤسسات، سواء تابعة للقطاع الخاص أو العام، للتأكد من توافر أسس السلامة والصحة المهنية، بهدف الحفاظ على حياة العمال.

وأكد أن الوزارة تقوم بالتفتيش للتأكد من تسجيل العمال فى المؤسسات المختلفة للحصول على مستحقاتهم.

وقال وزير العمل، فى بيان سابق، إن وزارته أرسلت كتابًا دوريًا إلى مديريات العمل التابعة لها فى جميع المحافظات، بشأن متابعة تنفيذ قرار المجلس القومى للأجور رقم 27، لسنة ،2024 بتقرير الحد الأدنى للأجور للعاملين بالقطاع الخاص، ونص فى المادة الأولى منه على أنه: «يكون الحد الأدنى للأجر بالقطاع الخاص 6000 جنيه، اعتبارًا من مايو المقبل. كما نصت المادة 5 من ذات القانون على أنه «لا تبرأ ذمة صاحب العمل من الأجر إلا إذا وقّع العامل بما يفيد استلام الأجر فى السجل المعد لذلك، أو كشوف الأجور، على أن تشمل بيانات هذه المستندات مفردات الأجر».

وشدد الوزير على أنه يتعين على المنشآت الخاضعة لأحكام قانون العمل 12 لسنة ،2003 الالتزام بالقرار وتنفيذه، بحيث يُصبح الحد الأدنى لأجر العامل المنصوص عليه فى عقد العمل أو الذى يتقاضاه فعليًا بالمنشأة

وقت تطبيق هذا القرار شاملًا حصة صاحب العمل فى اشتراكات التأمينات الاجتماعية لا يقل عن 6000 جنيه شهريًا.

وأشار الوزير إلى أنه فى حالة مُخالفة المنشأة أحكام هذا القرار يتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضدها طبقًا لأحكام قانون العمل، كما لو كان العامل لم يصرف الأجر أو صرفه منقوصًا، وأوضح أنه وفقًا لنص المادة الثانية من قرار المجلس القومى للأجور يَحِق للمنشآت التى تتعرض لظروف اقتصادية يتعذر معها صرف الحد الأدنى للأجور، التقدم بطلب استثناء من تطبيقه، وفقًا للإجراءات الموجودة على الموقع الرسمى لكل من وزارتى التخطيط والتنمية الاقتصادية والعمل، فى موعد غايته 15 مايو 2024، من خلال الاتحادات التابعة لها تلك المنشآت.

وعن أسس السلامة التى يجب الالتزام بها من قبل مؤسسات القطاع الحكومى أو الخاص، قالت المهندسة غادة ابراهيم، رئيس الإدارة المركزية للسلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل بوزارة العمل، إن الإدارارة المركزية للسلامة والصحة المهنية يندرج منها 3 إدارات وهى إدارة لتأمين بيئة العمل، الإدارة العامة للتفتبش التوجيهى للسلامة، الإدارة العامة للصحة المهنية وهى إدارة مركزية تشرف على عمل الإدارات ومكاتب السلامة على مستوى الجمهورية ويوجد حاليًا 160 مكتبًا تشرف الإدارة على أعمالها بالإضافة إلى الأعمال الخاصة بها.

وأشارت «إبراهيم» إلى إرسال الإدارة دوريات تفتيش على المنشآت الحكومية والخاصة؛ عدا 16 منشأة مدرجة فى جدول

لأنها تمس الأمن القومى للبلاد. ولفتت إلى أن الإدارة تقوم بثلاثة أدوار منها الدور التوعوى ويتمثل فى ندوات التوعية ومبادرات السلامة، ومتابعة القياسات الميدانية بأجهزة قياس المخاطر فى بيئة العمل ودراسة أسباب الإصابات الجسيمة فى بيئة العمل ودراسات أسباب الأمراض المهنية وكيفية عمل خطط الطوارئ، لتقييم المخاطر بشكل سليم، ويوجد نشرات توعية؛ منها 30 نشرة سلامة وإحصائيات عن الحوادث الجسيمة بشكل سنوى، والدور الرقابى وهو التفتيش التوجيهى على الإدارات ومكاتب السلامة للتأكد من أداء عملها ومتابعة عمل إدارات السلامة أثناء تفتيشها للمنشآت.

وأوضحت «إبراهيم» أن حماية العمال من العدوى والبكتيريا تندرج تحت المخاطر البيولوجية؛ مثل الأمراض المعدية والفطريات ويتمحور دور الإدارة فى حالة دخول هذه العدوى ضمن الأمراض المهنية، ويتم إثبات الحالة ويحصل العامل على حقوقه من التأمينات الصحية عندما يتم إثبات الأمر من خلال لجنة الأمراض المهنية.

ولفتت الى أنه فى بعض الأوقات يختلط الأمر على العمال فى التفريق بين إصابة العمل والإصابة التى حدثت أثناء العمل؛ لكنها غير مرتبطة بأداء العمل أو ظروفه أو البيئة الخاصة به.

وأوضحت أن دور الإدارة تحديد السبب وراء الإصابة وإذا نتجت عن ظروف ومسببات العمل أم قضاء وقدر.

وقالت إنه فى حالة المؤسسات التى لا تلتزم بعمل كشف طبى ابتدائى للعامل قبل بداية عمله ولم تحطه علمًا بمخاطر مهنته، يتم تحرير محضر، وبعد إثبات المخالفات يمكن للمنشأة اتخاذ إجراءات إزالة المخالفات والتقدم بطلب مهلة خلال 3 أشهر وإذا لم يتم إزالتها يحرر محضر آخر يثبت من خلاله عدم إزالة المؤسسة المخالفات وتكون العقوبة غرامة مالية، سوى فى حالة تكرار المخالفات على المنشأة أكثر من مرة، أو إصابة أحد العمال إصابة جسيمة أو وفاته، وتكون العقوبة غرامة والحبس لمدة لا تزيد عن 3 أشهر.

وذكرت «إبراهيم» تدخل وزارة العمل فى حادث معدية منشأة القناطر، فى 26 فبراير الماضى من العام الجارى، حيث غرق مركب فى نهر النيل، وتبين من خلال تحريات رجال المباحث والإنقاذ النهرى أنه أثناء استقلال عمال إحدى شركات المقاولات الذين يعملون باليومية، مركبًا صغيرًا لعبور النيل، تعرض المركب للغرق.

ووجه وزير العمل إدارة العمالة غير المنتظمة بالوزارة بسرعة اتخاذ الإجراءات لصرف إعانات عاجلة لضحايا الحادث، بواقع 200 ألف جنيه لكل متوفى، و20 ألفًا لكل مُصاب، من بند الحوادث الذى قرر الوزير استحداثه، ضمن منظومة تشغيل وحماية العمالة غير المنتظمة.

وأكد ياسر نصر الدين، محامٍ، أن تقدير المبلغ المالى كتعويض عن إصابة العمل فى حالة إهمال المصنع لاحتياطات السلامة، يتم حسابه بناء على الضرر الذى وقع على العامل وليس عن مدة عمله، فالعامل الذى قضى فى المؤسسة يومًا، يتساوى مع من قضى 10 سنوات.

أما العامل الذى يهمل فى الالتزام بدواعى السلامة فيقع جزء من المسؤولية على ملاحظ العمال المسؤول عن التأكد من التزام العمال بأسس السلامة المهنية، وأوضح أن كل حالة تختلف عن الأخرى بناء على ملابسات الواقعة.

«شحاتة»: الحد الأدنى للأجور للعاملين بالقطاع الخاص 6000 جنيه اعتبارًا من مايو المقبل

 ?? ??
 ?? ??
 ?? ?? محمد جبران
محمد جبران

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt