مصر والشمول المالى..هل يدعم الشمول المالى االستقرار المالى؟؟.. )2(
الشمول المالى يساعد على تحسين الظروف المالية ورفع مستوى معيشة الفقراء المدخرون ذوو الدخل المنخفض يتجهون إلى الحفاظ على الودائع خالل فترات األزمات
اختتمت احللقة املاضية بالقول بأنه من الصعب تصور استمرار االستقرار املالى مع وجــود نسبة مـتـزايـدة مـن املجتمع والـقـطـاع االقـتـصـادى التى ال تـزال مستبعدة من الناحية املالية (مثل سكان املناطق الريفية، مجموعة من األقل حظا فى املناطق احلضرية الفقيرة، والفقراء).
ويــــوحــــى ذلــــــك إلــــــى وجــــود ارتـــبـــاط وثــيــق بـــني االســتــقــرار املــالــى والـشـمـول املــالــى فــى كال االجتاهني؛ حيث يؤكد العديد من اخلبراء أن الشمول املالى يساعد على حتسني الظروف املالية ورفع مستوى معيشة الفقراء كما يؤدى إلى منشآت قطاع عائلى وقطاع أعـــمـــال صــغــيــرة أكــثــر قــــوة من خـالل التنمية املالية التى تدعم االستقرار االجتماعى والسياسي، مما يؤدى بدوره إلى زيادة استقرار النظام املالي.
كــمــا ميــكــن لــلــشــمــول املــالــى أن يحسن من كفاءة عملية الوساطة بني الودائع واالسـتـثـمـارات؛ فضال عـن زيـــادة نصيب القطاع املالى الرسمى على حساب القطاع غير الرسمى مبا يدعم فاعلية السياسة النقدية ويالحظ أن تنوع محافظ األصول وااللتزامات يعزز من توزيع املخاطر وتـفـادى تركزها على جانب االلـتـزامـات، تفترض بعض الدراسات أن القطاع املالى الشامل عادة يتميز بقاعدة ودائع مستقرة إذا كـانـت أكـثـر تنوعا، حيث ثبُت أن الزيادة بنسبة %10 من نصيب األفـراد القادرين على احلـــصـــول عـلـى خــدمــة الـــودائـــع املصرفية قد يؤدى إلى تخفيف أو احلد من معدالت سحب الودائع بنحوكما3 - .% 8املدخرين
أن ذوىالدخل املنخفض يتجهون إلــى احلفاظ على الودائع خالل فترات األزمات وبالتالى فإن ودائـع العمالء ذوى الـــدخـــل املـنـخـفـض تـعـتـبـر عـــادة مصدر مستقر للتمويل فى حالة نفاذ املصادر األخـرى أو صعوبة احلصول عليها. إال أنه فى أوقات الشدة أو األزمات املالية قد يقوم املدخرون ـ خاصة املدخرين الكبار ـ بسحب ودائعهم من البنوك، مبا يؤثر سلبا على أوضاع السيولة فى القطاع املصرفى بصفة عامة، وميكن احلد من ذلك إذا كانت الودائع أكثر تنوعا. ويتحقق هذا التنوع عن طريق احلصول على الودائع املصرفية من عدد أكبر من األفراد األمر الذى يؤدى بدوره إلى زيادة حتقيق الشمول املالي.
وبناء عليه، فإن حتقيق نطاق أوسع من الشمول املالى فى الودائع املصرفية يؤدى إلى استقرار قاعدة الودائع وبالتالى حتسني مرونة التمويل واالستثمار بالقطاع املصرفى مبـا يؤثر بشكل إيجابى على أوضــاع السيولة وبالتالى يدعم االستقرار املالى بشكل عام، كما أن الشمول املالى يؤدى إلى توجيه األرصــدة اخلاملة إلـى استخدامات أكثر إنتاجية وحتويلها إلى ودائع تدر عائد.
وعلى جانب األصول، تشير نتائج بعض الدراسات إلـى أن خسائر القروض الصغيرة تشكل مخاطر نظامية أقــل مـن اخلسائر املحققة مـن القروض الكبيرة؛ وبالتالى فإن زيادة الشمول املالى من حيث تيسير منح ائتمان القروض الصغيرة يؤدى إلى قدر أكبر من االستقرار على مستوى مقدمى اخلدمات املالية.
وقد ثبُت أن الشمول املالى قد يؤدى إلى تغيير بنية النظام املالى ودعم كفاءته فيما يتعلق باملنتجات واملعامالت التى يتم استحداثها، والعمالء الذين يستخدمون اخلدمات املختلفة، واملخاطر اجلديدة الناشئة وكذا املؤسسات التى أنشئت أو توسعت فى األسواق اجلديدة. كما أكد بعض الدراسات أنه فى الدول ذات املستويات العالية من االستبعاد املالى
،Financial Exclusion فإن اخلدمات املالية غير الرسمية التى يعتمد عليها القطاع العائلى والشركات تُعد بدائل غير مجدية عن اخلدمات الرسمية، وقد تكون اخلدمات املالية غير الرسمية فى حد ذاتها مصدر لعدم االستقرار املالي.
وقد أدركت العديد من املؤسسات املالية الدولية والبنوك املركزية أن االستبعاد املالى يُعتبر من أهم املخاطر التى تواجه اجلهود املبذولة فى مكافحة غسل األموال ومتويل اإلرهاب، لذا هنا أهمية كبيرة فى الربط بني النزاهة املالية والشمول املالى املؤيد لالستقرار؛ حيث إن تشجيع املعايير الدولية النزاهة املالية على مكافحة غسل األموال ومتويل اإلرهاب وتساند مكافحة اجلرمية.
ويعتبر التنفيذ غير الصحيح لهذه املعايير فى األسواق الناشئة عامال أساسيا فى استبعاد ماليني من أصحاب الدخول املنخفضة من اخلدمات املالية الرسمية نتيجة امتناع البنوك عن التعامل معهم فى حالة عـدم اكتمال بياناتهم، وبالتالى اللجوء إلى اخلدمات املالية غير الرسمية، ما يؤثر على التقدمني االجتماعى واالقتصادى ويعوق اجلهات الرقابية القائمة على تنفيذ هذه القوانني من تعزيز النزاهة املالية نظرا لتعذر القدرة على تتبع حركة األموال.