Al Borsa

االقتصاد الفرنسى فى قبضة قطر

- هانى أبوالفتوح:

السياسة مكر واالقتصاد حرفة، وبـن السياسة واالقتصاد خطوط متشابكة تلعب فيها املصالح دوراً كبيراً، فالعالقات االقتصادية بن الدول تسير دائماً فى ركاب التوجهات السياسية، وعندما متتلك دولة ما استثمارات ضخمة ومتشعبة فى جميع القطاعات االقتصادية احليوية فى دولة أخرى، فمن املرجح جداً أن من ميلك املال ميلك أيضاً السيطرة على القرار السياسى، هذا هو احلال فى العالقات الفرنسية القطرية.

تتوالى التسريبات حول سيطرة قطر على االقتصاد الفرنسى بداية من الفترة التى أعقبت األزمة املالية العاملية، وشهدت ذروتها فى عهد الرئيس الفرنسى األسبق نيكوال ساركوزى.

بدأت التسريبات منذ عام 2012 بوثيقة منشورة على موقع ويكيليكس تفضح مخطط قطر للسيطرة على االقتصاد الفرنسى من خالل الدخول فى استثمارات ضخمة واالستحواذ على كبرى الشركات، وبذلك يسهل السيطرة على القرار السياسى الفرنسى. وقد مت تنفيذ هذا املخطط بتسهيل من بعض املسئولن الفرنسين مقابل رشاوى ضخمة، بل يُشاع أن الرئيس الـفـرنـسـ­ى الــســابـ­ـق قـــد بــــارك هـذه الصفقات مبا له من عالقات مع حكام قـطـر، وأن أمـيـر قطر مــول تكاليف طالق ساركوزى من زوجته.

واملــدهــ­ش أنــه فـى نفس السياق، أصــدر معهد «غاتستون» األمريكى دراسة عن الدور الذى لعبته قطر فى السيطرة على فرنسا من خالل شراء األصـــول واالســتــ­حــواذ على حصص كبيرة فى شركات فرنسية كبرى، فقد اعتمدت قطر على أموالها الوفيرة فى دفع رشاوى لسياسين فرنسين، لكى تعزز نفوذها فى فرنسا.

وقد بلغ فساد املسئولن الفرنسين الذين رضخوا لسطوة املال القطرى درجة كبيرة حيث تشير أصابع االتهام إلى أنهم سهلوا مترير مزايا ضريبية تتمتع بها قطر من خالل عقد اتفاقيات ضريبية مبوجبها حتصل قطر وهيئاتها احلكومية على إعفاءات من الضريبة على األرباح العقارية الناجتة عن بيع عقارات فى فرنسا، مما يجعل فرنسا مالذاً ضريبياً لقطر.

غير أن وزير العدل الفرنسى فرانسوا بايرو، قد عبر مؤخراً عن استيائه من املزايا الضريبية التى ال مثيل لها التى مت منحها لدولة قطر، وأنه يتعن على فرنسا أن تنهى تلك اإلعفاءات الضريبية.

تُصنف العالقات االقتصادية بن فرنسا وقطر بأنها عالقة متينة، وتبلغ االستثمارا­ت القطرية فى فرنسا ما بن 20 و52 مليار يـورو، كما تعتبر فرنسا الشريك التجارى الثانى لقطر، والوجهة الثانية لالستثمار القطرى فى العالم، وهذه العالقات القوية قد توطدت فى عهد الرئيس الفرنسى األسبق نيكوال ساركوزى ضمن مخطط تنفذه قطر للسيطرة على االقتصاد الفرنسى.

ويبدو أن هـذا املخطط قد جنح إلـى حد كبير، فعلى سبيل املثال ال احلصر، ولكى أدلل على ضخامة العالقات االقتصادية الفرنسية القطرية، أشير إلـى صفقات األسلحة الفرنسية مع قطر آخرها شــراء مقاتالت «الرافال»، كما أن قطر متتلك حصصاً فى أضخم الشركات الفرنسية مثل إيرباص، فيوليا، املجموعة األوروبية للفضاء والدفاع، ومجموعة الطاقة إى دى أف وصحيفة لوفيجارو، ونادى باريس سان جيرمان العريق.

أما وقد أزيح الستار عن الدور الذى تلعبه دولة قطر فى زعزعة أمن دول اجلـوار وتدخلها فى شئون مختلف الــدول، أصبح املواطن الفرنسى يـدرك حقيقة دور قطر فى دعم اإلرهــاب الـذى طال فرنسا نفسها على مدار العامن املاضين، لذلك أصبحت العالقات االقتصادية الفرنسية محل توجس وريبة، مما يضع احلكومة الفرنسية فى مأزق بن تفضيل التوسع فى االستثمارا­ت القطرية إلى أبعد من املستوى احلالى فى جانب، والتضحية باحلكومة وبشعبية الرئيس الفرنسى إميانويل ماكرون فى اجلانب اآلخر، فهل يشهد املستقبل القريب ثورة املواطن الفرنسى على سيطرة قطر على مفاصل الدولة الفرنسية؟ خبير مصرفى hanyfotouh@yahoo.com

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt