Al Borsa

عدم المساواة وضعف اإلنتاجية إرث اﻷزمة المالية العالمية

الصعود الغريب بسوق األسهم واملستمر دون مقاطعة تقريبًا منذ 2009 يعود جزئيًا إىل عمليات إعادة شراء األسهم من قبل الشركات الكبرية

-

سوف يقال الكثير فى الذكرى العاشرة لألزمة املالية العاملية، لذا سأركز على االقتصاد العاملى، والذى لم يكن ضعيفاً بقدر ما يعتقد الكثيرون.

ووفقاً لصندوق النقد الدولى، بلغ متوسط النمو احلقيقى «املعدل وفق التضخم» فى الناجت املحلى اإلجمالى العاملى %3.7 خالل الفترة من 2000 إلى ،2010 وكان ليقترب من %4 إذا لم يحدث ما يعرف بالركود الكبير فى ،2008 وعلى النقيض، بلع متوسط النمو السنوى حتى اآلن فى العقد اجلارى ،%3.5 والذى يعد أبطأ قليًال من متوسط املعدل خالل العقد املاضى، ولكنه أعلى من املعدل املسجل فى الثمانينيا­ت والتسعينيا­ت عند .%3.3

ووفقاً لتقديراتى، ساهمت الصني بحصة فى النمو العاملى العقد اجلارى أكبر من أى وقت مضى، مع تضاعف ناجتها املحلى اإلجمالى 3 أضعاف تقريباً من 4.6 تريليون دوالر تقريباً نهاية 2008 إلى 13 تريليون دوالر اليوم، وتشكل الـ8 تريليونات دوالر اإلضافية تلك نصف الزيادة فى الناجت املحلى اإلجمالى خالل العقد املاضى.

ولـطـاملـا أرجــعــت األزمــــة املـالـيـة الـعـاملـي­ـة إلـى االختالالت داخل الواليات املتحدة والصني، أكبر اقتصادين فى العالم، وبينهما، وفى حني كان العجز باحلساب اجلــارى األمريكى يقترب من 5% من الناجت املحلى اإلجمالى عام 2008 «واقترب من %7 فى بعض األرباع خالل ،»2007 كانت الصني حتافظ على فائض هائل باحلساب اجلارى يصل إلى %9 أو أكثر.

وبعد األزمـة توقعت أن تتبادل أمريكا والصني مكانيهما إلى حد ما خالل العقد التالى، واحتاجت الـصـني إلــى اإلنــفــا­ق أكـثـر واالدخــــ­ار بـقـدر أقـل، واحتاجت الواليات املتحدة االدخار أكثر واإلنفاق بقدر أقـل، وبالنظر إلـى حسابهم اجلــارى اليوم، يبدو أن الدولتني أحرزتا تقدماً على هذه اجلبهة، ففى ،2018 تراجع الفائص الصينى إلى %1.5 من الناجت املحلى اإلجمالى، وهو قدر كبير بالنظر إلى تضاعف الناجت املحلى اإلجمالى منذ ،2008 واملثير للدهشة بنفس القدر، هو تسجيل الواليات املتحدة لعجز بنسبة %2 أو %2.5 من الناجت املحلى، أى داخل نطاق %2 إلى %3 الذى يعتبره الكثير من االقتصادين­ي نطاقاً مستداماً.

ومع ذلك، فإن املؤشرات العاملية األخرى ليست مشجعة بنفس القدر، ففى ،2008 أدارت منطقة اليورو عجز فى احلساب اجلــارى بنسبة %1.5 من الناجت املحلى اإلجمالى، بينما سجلت أملانيا فائضاً بحوالى ،%5.5 ولكن يعود الفائض الكبير ألملانيا بقدر كبير إلى العجوزات الضخمة فى دول منطقة اليورو األخرى، وهذا االختالل مهد الطريق ألزمة اليوور بعد ،2009 واملثير للقلق، أن فائض أملانيا توسع منذ ذلك احلني إلى حوالى %8 من الناجت املحلى اإلجمالى، ونتيجة لذلك أصبحت منطقة الـيـورو تدير فائضاً يقترب مـن ،%3.5 رغم، ورمبا أيضاً نتيجة سنوات الضعف فى الطلب املحلى بالدول املطلة على البحر املتوسط، وهذا بالتأكيد يعد عالمة على املزيد من عدم االستقرار فى املستقبل، وفى الواقع، قد تكون األزمـة التى تنضج ببطء فى إيطاليا هى نذير ملا ينتظر الكتلة باملستقبل.

وكــان أحـد السمات الرئيسية لالقتصاد قبل األزمة املالية العاملية هو فقاعة اإلسكان األمريكية الـتـى نتجت فـى حـد ذاتـهـا مـن اخــتــراع القطاع املالى لطرق حساسة ومشكوك فيها إلعادة تدوير املدخرات العاملية، وبعد 10 سنوات، من اجلدير بالذكر أن أسعار املنازل فى العديد من املدن العاملية مثل لندن ونيويورك وسيدنى وهوجن كوجن أصبحت أعلى من إمكانيات سكانها الدائمني وهذا بفضل الطلب املتزايد من املستثمرين األجانب األثرياء.

ولكن اعـتـبـاراً مـن الـعـام اجلـــارى توجد دالئـل مـتـزايـدة على أن أسـعـار املــنــاز­ل فـى هــذه املـدن وغـيـرهـا رمبـــا ستنخفض، وبـالـتـأك­ـيـد، سيكون االنخفاض التدريجى فى أسعار املنازل بهذه املدن تطوراً مرحب به فيما يتعلق باملساواة االقتصادية واالجتماعي­ة، ولكن عـادة يصاحب تراجع أسعار املناز آثار جانبية مدمرة.

وبعد تولى منصب رئيس مجلس إدارة «تشاتوم هاوس»، مركز األبحاث فى الشئون الدولية، أحرص على تشجيع املـزيـد مـن البحث فـى عـوامـل مثل تكاليف املنازل وارتباطها بالقضايا األوسع للدخل والثروة وعدم املساواة، واعتقد أن العالم بحاجة إلى مقاييس أفضل لتتبع هذه الصالت.

وإذا كـانـت الــتــصــ­ورات الـشـائـعـ­ة بـشـأن عـدم املساواة متيل إلى تضخيم ما يحدث بالفعل، فذلك ألن الكثير من كبار املدراء التنفيذيني يجنون أمواال ضخمة بشكل متزايد نسبة إلى من يعملون حتتهم، وميكن جعل حزم األجـور تلك أكثر معقولية عند ربطها بـــأداء األسـهـم، ولكن هـذا أيـضـاً لـن يبرر مكاسبهم الضخمة.

وهــذا جانب آخـر أود أن ندرسه فى «تشاتوم هاوس» وهو الصعود الغريب بسوق األسهم واملستمر دون مقاطعة تقريباً منذ ،2009 والذى يعود جزئياً إلى عمليات إعادة شراء األسهم من قبل الشركات الكبيرة، وفى بعض احلــاالت، أصـدرت الشركات سندات لتمويل إعادة شراء أسهمها.

فهل يفسر تنامى عمليات إعادة الشراء الضعف املشهود فى االستثمارا­ت الثابتة واإلنتاجية عبر الغرب؟ وهل هذه العوامل االقتصادية الكلية تفسر بعض االنتفاضات السياسية فى الدميقراطي­ات الغربية مثل بريطانيا وأمريكا خــالل السنوات األخيرة؟

وفى كلتا احلالتني، أظن أن اإلجابة هى نعم، وحتى نستعيد العالم الذى تخدم فيه فعلياً أرباح الشركات هدف واضح، فإن احتمالية وقوع املزيد من الصدمات االقتصادية والسياسية واالجتماعي­ة ستظل عالية بقدر غير محتمل. إعداد: رحمة عبدالعزيز المصدر: وكالة أنباء «بلومبرج»

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt