Al Borsa

نوع الحرب يحدد نتيجة الهدنة الصينية األمريكية

يجب أن تحدد مفاوضات التجارة األمريكية الصينية نوع االنتصار الذى يريدون تحقيقه فى األشهر الثالثة املقبلة

-

إذا متكنت من عد القش فى الـهـواء، حينها ستبدو التوترات التجارية بني الواليات املتحدة والصني قريبة من احلل.

وقـــال أشـخـاص مطلعون على األمـــر لوكالة أنباء «بلومبرج»، إَّن بكني ستؤجل ملدة 10 سنوات أهداف برنامج «صنع فى الصني »2025 والذى يستهدف الصناعات عالية التكنولوجي­ا، وجاءت هذه األنباء بعد تقرير لوكالة أنباء «رويترز» يفيد بأن شركة البترول الوطنية الصينية األم لشركة «بتروتشاينا» علقت االستثمارا­ت فى مشروع الغاز فى حقل بارس اإليرانى؛ بسبب العقوبات األمريكية على إيران.

وعاوة على ذلك، نفذت الصني بشكل مفاجئ طلبية تصل إلــى 2 مليون طـن مترى مـن فول الصويا األمريكى، وأنهت بذلك حظراً غير رسمى كان مستمراً طوال موسم احلصاد احلالى.

وكل ذلك يبدو إيجابياً، ولكن يجب النظر إليه ضمن حقيقة أن البترول اإليرانى، وبرنامج «صنع فـى الـصـني»، وفــول الـصـويـا، مجرد مناوشات فى الصراع األكبر واألوسع، وال تغير التحركات البسيطة فى الصفوف األمامية حالة احلرب الكامنة.

دعونا نتخيل اتفاقاً بني الطرفني يذهب إلى أبعد من توقعات أى حد، ويتضمن اإللغاء التام ألهداف إحال الواردات املثيرة للجدل لبرنامج «صنع فى الصني» – والتى حتدد مستويات ثابتة للحصة السوقية للشركات املحلية فى القطاعات الرئيسية – وليس مجرد تأجيلها، وفى الوقت نفسه إزالة اشتراطات نقل التكنولوجي­ا بجانب جناح قائمة الغرامات على سرقة امللكية الفكرية التى مت اإلعـان عنها أوائـل الشهر احلالى فى ملء فجوة اإلنفاذ فى هذا املجال، وأن تتخلى كل دولـة عن التعريفات االنتقامية ضد بعضها البعض، وترفع الصني وارداتها من املواد الغذائية واالستهاكي­ة األمـريـكـ­يـة، وأن يساعد تراجع الــدوالر وتعافى السياحة واخلدمات التعليمية اخلارجة من الصني فى تضييق العجز الثنائى فى البضائع واخلدمات. فهل سيكون ذلك كافياً إلنهاء النزاع بني الطرفني؟

تتعلق اإلجابة فى نهاية املطاف باحلرب التى يتم خوضها، فـإذا كانت مقتصرة على إصاح املشكات الصغيرة حــول الـعـاقـات التجارية الدولية للصني، فستكون فترة املفاوضات حتى األول من مارس مثمرة، وستكون إزالة املهيجات املحيطة باالستثمار­ات فـى إيـــران وشـــراء فول الصويا طريقة معقولة لتمهيد الطريق التفاق ناجح، وسيساعد أيضاً فى حل مزيد من القضايا عبر قنوات منظمة التجارة العاملية.

ولكن هذه ليست احلرب التى يسعى وراءها ممثل التجارة األمريكى روبـرت اليتزر، وما هو مطلوب حقاً «تغييرات جوهرية لنظام التجارة واالستثمار الصينى، مبا فى ذلـك السياسات الصناعية التى تهيمن على اقتصاد الصني الذى تقوده الــدولــة»، وفقاً لكلماته فى تقرير يناير إلى الكوجنرس بشأن االلتزام بقواعد التجارة العاملية.

ومــن الصعب رؤيـــة مساحة كافية للتوصل التفاق على هذه اجلبهة، وكما جادلنا فى املاضى، حب الصني لرعاية أبطال الدولة احلكوميني يأتى على حساب اقتصادها.. ولكنه ليس بالضرورة حتدياً للنظام التجارى العاملى.

وفى الوقت نفسه، تعد سياساتها الصناعية واحـــدة مـن أجنـح القصص االقتصادية لعصر ما بعد احلــرب، كما أنها ذات أهمية جوهرية لشرعية احلكومة، ومن املحبط كيف أن تكامل الصني مع النظام العاملى جعل حكومتها تصبح أقل ليبرالية، ما بدد آمال كثيرين عند انضمامها ملنظمة التجارة الدولية، ومع ذلك، فإَّن محاولة إبطاء اقتصادها من خال التعريفات واحلظر لن يعكس هذا االجتاه على األرجح أو يحسن رفاهية شعبها، بل على العكس.

ويجب أن حتدد مفاوضات التجارة األمريكية الصينية نـوع االنتصار الــذى يـريـدون حتقيقه فى األشهر الثاثة املقبلة، وإذا كان األمر يتعلق بضبط الصعود االستراتيج­ى للصني فا مجال للتسوية، وإمنا ما سيفلح هو اتفاق محدود مثل ذلك املبرم مع املكسيك وكندا وكوريا اجلنوبية، وكلما كان األمر بسيطاً كان أجمل.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt