«الكويت الوطنى»: اهتمام واسع من المستثمرين بمصر مدعومًا بانخفاض تكلفة األعمال
تباطؤ أسواق العقارات فى دبى وتركيا يرفع فرص القطاع لجذب استثمارات أجنبية
قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطنى، إَّن مصر تمتلك عدة مقومات؛ أبرزها قوة العمل الضخمة، وتنوع االقتصاد، والموقع الجغرافى الجيد، والوصول السريع لألسواق الخارجية، لكن التنمية االقتصادية ظلت مقيدة بالدور الكبير للدولة فى النشاط االقتصادى وضعف الشفافية. أضاف البنك، أن هذا القيد منع البالد من الحصول على مزايا العولمة التى رفعت مستوى المعيشة لعدد من الدول المماثلة. ودفعت هذه األوضاع الحكومة المصرية لتبنى برنامج إصالح اقتصادى على مدار العامين الماضيين.
قــال الـتـقـريـر، إَّن الـتـوقـعـات تشير إلــى أن االقتصاد املصرى سينمو مبعدل %5.5 رغم ارتفاع أسعار النفط وضعف شهية املستثمرين األجانب ألصول األسواق الناشئة.
كما أن عجز احلساب اجلارى من املتوقع أن يتراجع إلـى %2 من الناجت املحلى اإلجمالى، وكذلك التضخم العام إلى متوسط ،%14 رغم أن مصر ُمقدمة على خطوة حترير سعر الوقود.
لكن خدمة الدين املرتفعة واملدفوعة بالتشدد النقدى عاملياً ستضغط على العجز املالى، خالل السنوات املقبلة، فى غياب بنود تعوض الزيادة فى تكلفة التمويل.
مستقبل مصر أكثر إشراقًا: الفرص والتحديات
قال التقرير، إن مصر تشهد، حالياً، اهتماماً متنامياً من جانب مستثمرين فى املنطقة وأجانب كوجهة استثمارية لالستفادة من الفرص الكثير املحتملة فـى ظـل قــوة العمل الكبيرة واملـوقـع االستراتيجى والتكلفة املحدودة ألداء األعمال.
أضــاف أن تنوع االقـتـصـاد يتيح فـرصـاً فى قطاعات مختلفة، فاالستثمار فى قطاع الغاز واعــــد، وأبـــرمـــت مـصـر شـــراكـــات نـاجـحـة مع مستثمرين إقليميني وأجانب فى القطاع، كما أن قطاع العقارات سيكون له دور فى جذب مزيد من االهتمام، خاصة أن األسـواق املجاورة، إما متخمة، وإمــا غير مستقرة مثل دبــى وتركيا. أضافت أن القطاع السياحى بصفة خاصة من املتوقع له أن يزدهر فى ظل التحسن واالستقرار فـى األوضـــاع األمـنـيـة، وحتـريـر سعر الصرف الـــذى جعل مصر وجـهـة سياحية أرخـــص، ما يفتح باب االستثمار فى املطاعم والبنية التحتية والصناعات الغذائية.
كما توجد، أيضاً، فرصة كبيرة لالستثمار فى القطاع املالى، خاصة أن نسبة الشمول املالى فى مصر ضعيفة، ما يحفز توسع مقدمى اخلدمات املالية والبنكية خالل السنوات املقبلة؛ الستيعاب مستوى الطلب فى السوق، وسيدعم ذلك بالتبعية االستثمارات فى قطاع التكنولوجيا املالية التى قطعت مصر فيها شوطاً كبيراً.
وأشار التقرير إلى بيانات البنك املركزى التى تفيد بأن تدفقات استثمارات األجانب املباشرة ملصر خالل التسعة أشهر األولى من العام املالى املاضى بلغت 10.24 مليار دوالر، منها 6.7 مليار دوالر فى قطاع البترول متثل %66.3 من جملة االستثمارات، مقارنة مبساهمة نسبتها %61.4 خالل الفترة نفسها من العام املاضى.
أضاف أن القطاع الصناعى جذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 1.049 مليار دوالر، مقابل
541.3 مليون دوالر خــالل الفترة نفسها من العام املاضى ليسهم بنحو %10.2 من إجمالى االستثمارات.
وذكر أن القطاع اإلنشائى جذب استثمارات بنحو 439.9 مليون دوالر، مقابل 76.3 مليون دوالر الفترة نفسها من العام املاضى.
وقـــال التقرير، إنــه رغــم أن الـفـرص كثيرة والرؤية املستقبلية واعدة فإَّن مزيداً من العمل مـطـلـوب عـلـى مـسـائـل هيكلية للحفاظ على استقرار االقتصاد الكلى، خاصة أن مصر تواجه عدداً من املخاطر والتحديات الهيكلية.
وقــــال إن احلـسـاسـيـة مـرتـفـعـة للصدمات اخلارجية، فخالل السنوات املاضية فتحت مصر أسواقها لالستثمارات والتجارة الدولية، ورغم أن هذا االنفتاح يساعدها وجعلها أكثر انغماساً فـى االقتصاد العاملى مـا يفيدها فـى التجارة والتكنولوجيا وتدفقات رؤوس األموال، لكن فى الوقت نفسه يخلق مخاطر فى الوقت الـذى ال تساعد فيه األوضاع املحلية السيئة نوعاً ما على احتوائها.
ومن بني تلك املخاطر، مخاطر ارتفاع سعر البترول الـذى بوسعه أن يضغط على معدالت التضخم وميزان احلساب اجلارى واالستهالك وبالتبعية معدالت النمو.
وقال التقرير، إن احلفاظ على األهداف املالية املحددة يتطلب مزيداً من ضبط أسعار الوقود الذى يضغط على جميع الفئات خاصة الفقيرة واملتوسطة، وهـو ما بوسعه أن يضعف الدعم لبرنامج اإلصالح.
وتواجه مصر مخاطر أسعار الفائدة فى ظل ارتفاع تكلفة االقتراض فى ظل أزمات األسواق الـنـاشـئـة، مــا يضغط على تـدفـقـات األمـــوال، واحتياطى النقد األجنبى للبنك املركزى وسعر الصرف.
أضـــاف أن التضخم يـدفـع املستثمرين فى األوراق املالية لطلب معدالت عائد أعلى، فحينما كـــان التضخم عـنـد %14 طـلـب املستثمرون نحو %19 على استثماراتهم فى أدوات الدين احلكومى.
وقـال التقرير، إَّن ارتفاع الفائدة أمر خارج عن سيطرة احلكومة، لكن عليها تبنى مزيد من اإلصـالحـات الهيكلية، وحتسني بيئة األعمال خلفض عالوة املخاطر من أسعار الفائدة.
وتعتمد مصر على رؤوس األمــوال األجنبية بشكل كثيف، ما ميثل حتدياً آخر؛ حيث إن أى تغير فى ثقة املستثمرين سيكون له تأثير عكسى على مصر، فرغم دعـم صندوق النقد الدولى وحتسن التصنيف االئتمانى تدفق مزيد من رؤوس األموال للخارج.
وذكر أن ضعف االستهالك املحلى له مخاطر؛ حيث إنه كان املساهم األكبر فى النمو االقتصادى وله دور كبير فى جذب االستثمارات األجنبية فى القطاعات االستهالكية.
وفى ظل مستوى الدخل الضعيف عند 2875 دوالراً للفرد خالل 2017 ستأخذ االصالحات وقتاً لزيادة دخل الفرد ورفع معدل استهالكه. أكبر املخاطر
واعتبر التقرير، أن عدم استكمال اإلصالح يعد أكبر املخاطر، فإجناز العديد من اإلصالحات فى وقت قصير مع احلصول على نتائج جيدة شىء، واستمرارية زخم اإلصالح ملدة أطول شىء آخر.
أضـاف أن ذلك سيكون متزامناً مع ضغوط زيـــادة اإلنــفــاق على األجـــور وبــرامــج احلماية االجتماعية بأكثر مما هو مخطط له، ما يهدد األهــداف املالية والرؤية املستقبلية لالستثمار والنمو.
واتــخــذت احلـكـومـة عـــدداً مــن اإلجــــراءات، وقدمت قوانني جديدة لتحسني مناخ االستثمار، لكن هـنـاك مـجـال جلــذب اسـتـثـمـارات أجنبية مباشرة أكبر من املعدالت احلالية عبر حتسني القواعد واحلفاظ على استقرار بيئة االقتصاد الكلى.
أضاف أن احلكومة بحاجة حلل أزمة الشفافية والبيروقراطية والفساد؛ حيث أنها أكبر مهددات لالستثمار.
وقــال إَّن الـشـركـات الـدولـيـة بحاجة ملعرفة قواعد اللعب، وبحاجة لضمانات أن دورهـا لن يتغير بعد استثمار األمــوال، فهى بحاجة لفهم التطبيقات العملية للقواعد املنظمة لالستثمار فيما يخص الشروط الواجب توفرها واإلجراءات الالزمة فى حاالت النزاع.
وقال التقرير، إَّن القطاع املالى بحالة جيدة ومستمر فــى احلــفــاظ على مــعــدالت سيولته وربحيته املرتفعة، رغــم نسبة الشمول املالى الضعيفة، مقارنة باألسواق الناشئة.
وأشار إلى بيانات صادرة عن البنك املركزى تشير إلى أن %80 من التعامالت املالية نقدية،
%32و من البالغني متعاملون مع القطاع املالى. ووفقاً لبيانات «فيندكس»، الصادرة عن البنك الدولى، فـإَّن %3.5 من املعامالت املالية متت عبر اإلنترنت خالل العام املاضى، %3.8و متت عبر البطاقات اإللكترونية، فى حني أن %10.5 مـن البالغني استخدموا اإلنـتـرنـت أو املوبايل للوصول إلى حساباتهم البنكية رغم أن %45 من السكان يستخدمون اإلنترنت.
وذكـــر أن تـطـويـر الـقـطـاع املــالــى مـهـم جــداً للمشروعات الصغيرة واملتوسطة فبوسعه خفض التكلفة وزيادة كفاءة إدارتها وبالتبعية زيادة فرص العمل من خاللها.
التعليم وسوق العمل
وقال التقرير، إَّن تطوير نظام التعليم حجر زاوية الستدامة االستقرار االقتصادى ودفع النمو على املدى الطويل وتوفير فرص عمل.
أشار إلى أن نظام التعليم غير مناسب لطبيعة العالم املتطورة، ويفرز خريجني غير مناسبني ملستوى الطلب فى سوق العمل، وهو ما يتطلب عدم زيادة اإلنفاق على التعليم إال إذا كانت هناك خطة واضحة بأهداف محددة وجدول زمنى.
وضـــرب مـثـاالً ببلدان لها خـبـرات فـى هذا املجال؛ مثل املكسيك وماليزيا اللتني استثمرتا فى مجال التعليم، وجنحتا فى توفير ماليني فرص العمل.
وحــذر التقرير من تأثير اجتــاه دول مجلس التعاون اخلليجى لزيادة دور املواطن املحلى فى سوق العمل على حساب العمالة األجنبية.
أوضــح أن هناك عــدداً كبيراً من املصريني يعملون بـــدول مجلس الـتـعـاون اخلليجى فى مختلف املـجـاالت، ما يجعل األثـر على املديني املتوسط والطويل ملحوظاً أكثر، ويضع ضغوطاً على احلكومة لتوفير مزيد من فرص العمل.
تـابـع «كـمـا أنــه يـحـرم مصر مــن التدفقات األجنبية املهمة جداً ملصر الناجتة عن حتويالت املصريني فى اخلارج ما بوسعه أن يهدد استقرار احلساب اجلارى».
وذكر الكويت الوطنى، أنه رغم معدالت النمو املرتفعة خــالل الـعـقـود املـاضـيـة تظل أوضــاع املعيشة ملتوسط املصريني فقيرة.
وأشــــار إلـــى تـقـريـر صـــادر عــن بـنـك كـريـدى أجريكول يقول إَّن %1 مـن املصرين ميتلكون نصف ثـروة مصر فى 2014 مقابل الثلث فقط عام ،2000 ما يعنى أن فجوة العدالة تتسع، وغالباً اتسعت أكثر خالل الفترة املاضية.
واعتبر أن عدم العدالة التى تنمو بسرعة حجر عثرة فى وجـه مكتسبات اإلصـــالح، وقـد تخلق موجة مضادة لبرنامج اإلصالح ال ميكن تفاديها.
وقـــال الـبـنـك، إنــه السـتـدامـة زخــم اإلصــالح االقتصادى على املـدى املتوسط، يجب أن تكون أولــويــات احلكومة هـى زيـــادة اإلنـتـاج املحتمل، وترويج النمو االحتوائى خللق فرص العمل عبر خفض دور الدولة فى االقتصاد.
أضاف أن جهود الدولة يجب أن تنصب على مـوازنـة األدوار بـني القطاعني اخلــاص والـعـام، ليكون دور األخير األسـاسـى إمــداد بنية حتتية متـكـن الـقـطـاع اخلـــاص مــن أن يــكــون املـحـرك الرئيسى للنمو.
وأشـار إلى أن الدولة متلك عـدداً كبيراً من الـشـركـات فــى قـطـاعـات مــعــددة مـثـل الطاقة والبنوك والصناعة والزراعة والنقل والسياحة واخلـدمـات، ويــؤدى ذلـك الــدور السائد للدولة إلى تهميش وإضعاف القطاع اخلاص، وحتديد املساحة املالية لالستثمارات املنتجة للقطاع اخلاص.
وذكر أن عدداً من الدول اتخذت معايير إلنهاء السياسات األحادية ودعم القطاع اخلاص، مبا يدعم معدالت النمو أبرزها إندونيسيا وماليزيا.