Al Borsa

السياسات االقتصادية يدفع السودان نحو حافة الهاوية

«البشري» فى مرمى االحتجاجات الداخلية واملالحقات الدولية.. وصندوق النقد والبنك الدوليان يرفضان إقراض البالد

- كتب - محمد رمضان:

وانتشرت االحتجاجات التى بــدأت فى مدينة عطبرة شرقى البالد، يوم األربعاء املاضى؛ بسبب قرار احلكومة رفع أسعار اخلبز، وانتقلت إلى ثالث مدن أخرى على األقل، من بينها العاصمة السودانية (اخلرطوم).

وأعلنت منظمة العفو الدولية، أن قـوات األمن أطلقت النار على ما ال يقل عن تسعة أشخاص، فى حني ذكـر صحفيون محليون، أن 28 شخصاً لقوا حتفهم فى هذه املظاهرات إلى جانب اعتقال السلطات 14 شخصاً من قادة االئتالف املعارض فى البالد.

وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن اخلرطوم شهدت أعمال العنف فى أعقاب احتجاجات مماثلة فى عام ،2013 وفى يناير املاضى من العام احلالى؛ بسبب تدهور األوضاع االقتصادية.. لكن املظاهرات التى نشبت، مؤخراً، هى األعنف فى تاريخ البالد.

وقال محمد عثمان، املحلل السودانى املستقل عبر الهاتف من العاصمة اخلرطوم، إَّن هذه املظاهرات أكبر حتٍد يواجه البشير، منذ توليه السلطة عام ،1989 مضيفاً أن حجم االحتجاجات غير مسبوق، ومن الصعب جداً جناة النظام من هذه املوجة دون أن يلحق به األذى.

وأضاف أن احلكومة ينبغى عليها معاجلة السبب اجلذرى للتدهور السريع فى األوضاع االقتصادية، بدالً من محاولة منع الناس من ممارسة حقهم فى االحتجاج على الصعوبات املتزايدة التى يواجهونها.

وفــى الشهر املــاضــى، انـتـشـرت الـطـوابـي­ـر فى العاصمة السودانية على ماكينات الصرافة النقدية؛ حيث يحاول العمالء الوصول إلى مدخراتهم فى البنوك بعد القلق الذى انتابهم من قرار فرض حدود للسحب النقدى اليومى بقيمة 11 دوالراً.

وكان العديد من املحللني قد توقعوا حدوث انتعاش اقتصادى بعد رفع احلظر التجارى الـذى فرضته الــواليــ­ات املتحدة ملــدة 20 عـامـاً على الــســودا­ن.. ولكن بدالً من ذلك، تعثر االقتصاد وانخفضت قيمة اجلنيه السودانى، وأصبح املواطنون يصطفون من أجـل احلصول على املــال حتى يتمكنوا من شراء السلع األساسية.

وقال حسن احلاج على، أستاذ العلوم السياسية بجامعة «اخلـــرطــ­ـوم»، إَّن الــســودا­ن يعيش أجــواء أزمة اقتصادية حادة، إذ إَّن التضخم مرتفع جداً، والعملة الوطنية آخــذة فـى االنـخـفـا­ض، ويواجه الناس صعوبات كبيرة فى محاولة لتلبية احتياجاتهم اليومية.

وبالنسبة للرئيس السودانى عمر البشير، تعد األزمـة االقتصادية واحـدة من أكبر التجارب التى واجهها خالل ثالثة عقود فى السلطة.

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى ان السودان ال يزال غير قادر على الوصول إلى دعم صندوق النقد، أو البنك الدوليني، وترفض معظم البنوك الغربية تقدمي اخلدمات له.

وكشفت البيانات، أَّن اجلنيه السودانى تراجع بنسبة %85 مقابل الـــدوالر الـعـام احلـالـى، وبلغ التضخم نسبة %70 فى سبتمبر املاضى، وهو واحد من أعلى املستويات فى العالم.

وأوضحت الصحيفة، أنه منذ أن انفصل جنوب السودان فى عام 2011 ُجـِرد االقتصاد من النقد األجنبى؛ حيث أخذت الدولة اجلديدة ثالثة أرباع إنتاج البالد من البترول.. لكن املعاناة االقتصادية تسارعت فى العامني املاضيني.

وقال أسامة داود عبداللطيف، رئيس مجموعة «دال»، أحـد أغنى رجــال األعـمـال فى الـبـالد، إَّن آالم الــســودا­ن االقـتـصـا­ديـة كـانـت نتيجة جزئية لإلصالحات الرامية إلى انفتاح االقتصاد.

وأضــــاف: «قــفــزت وارداتـــن­ـــا بشكل كبير أمــام الصادرات، ولكن املشكلة األساسية تكمن فى العجز التجارى الكبير الذى أدى إلى نقص هائل فى العملة األجنبية».

واستأنف السودان املفاوضات اخلاصة بعضوية منظمة التجارة العاملية، فى يناير 2017 بعد توقف دام 13 عاماً، بعد أن نفذت احلكومة سلسلة من اإلصالحات االقتصادية تتماشى مع قواعد املنظمة العاملية.

وكشفت البيانات، أَّن العجز فى امليزان التجارى للبالد وصلت قيمته إلى 2.7 مليار دوالر فى نهاية العام املاضى.

وقــال «عبداللطيف»، إَّن تخلى صندوق النقد الدولى، عن تقدمي الدعم للسودان كان له تأثير مالى واجتماعى مدمر فى البالد.

يأتى ذلـك فى الوقت الـذى ال يـزال يواجه فيه الرئيس البشير، مذكرة توقيف دولية؛ بسبب مزاعم ارتكاب قواته جرائم حرب فى منطقة دارفور.

وقــال الـــدردرى محمد أحـمـد، وزيــر اخلارجية الـسـودانـ­ى، إننا نــدرك متاماً كيف ينظر املجتمع الدولى لنا، ونعتقد أنه ال ينبغى أن نشعر بالذعر، ولكن يجب أن نالحظ أن تلك النقاط الشائكة يتم حلها، وفى النهاية سنصل إلى مخرج.

وخالل 2018 حاول الرئيس البشير، البالغ من العمر 74 عاماً، تطوير االقتصاد وتغيرت النظرة إلى االقتصاد فى األشهر الثالثة املاضية.

وبــدأت البالد جولة جديدة من املحادثات مع الواليات املتحدة إلزالة السودان من قائمة اإلرهاب. وفى سبتمبر، مت تعيني معتز موسى، رئيساً للوزراء من أجل بث روح جديدة فى االقتصاد.

وأعــلــن «مـــوســـى»، بـالـفـعـل عــن خـطـة إصــالح اقتصادى طـارئـة مدتها 15 شـهـراً بــدأت أكتوبر املاضى للحد من التضخم، وحتقيق استقرار سعر الصرف.

وقـام «موسى»، بخفض قيمة اجلنيه السودانى أمــام الـــدوالر ليتناسب مـع سعر الـسـوق الـسـوداء وينبغى لهذه اخلطوة أن تشجع الصادرات وجتعل السلع السودانية أرخص فى السوق الدولية. ويقوم الـسـودان ببيع البترول والذهب والقطن والصمغ العربى والـثـروة احليوانية، خصوصاً فى منطقة الشرق األوسـط، ولكنه يكافح من أجل دفع عجلة اإلنتاج منذ انفصال اجلنوب الذى أخذ معه مقدرات تصديرية هائلة.

 ??  ?? توقعات بركود االقتصاد السودانى فى 2018
توقعات بركود االقتصاد السودانى فى 2018
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt