أمريكا يجب أن تقود النمو العالمى
برزت الواليات املتحدة بسبب سياساتها الداعمة للنمو التى تضمن تخفيف التنظيمات واملحفزات الضريبية
يدخل العالم 2019 بكثير من عدم اليقني بشأن آفاق النمو العاملى، وتبدلت حماسة العام املاضى بشأن االرتــفــاع املـتـزامـن فـى النمو بغضب كان يركز فى البداية على الصني وأوروبا وبدأ ينتشر بشكل متزايد فى أمريكا، النقطة املشرقة الوحيدة وواحدة من أكبر خالقى الوظائف ومحركى التجارة الدولية، وهو ما يحمل مخاطر أعلى بتغذية آليات ذاتية سلبية بني أسعار األصول والتجارة والنشاط االقـتـصـادى مـا يحد مـن إمكانية حتقيق النمو الشامل ويعقد اآلفاق السياسية املعقدة بالفعل.
وحلسن احلظ، إذا متكنت احلكومة والكوجنرس اجلديد من العمل معاً، فهناك مجاالت ميكن أن تقود فيها الواليات املتحدة وهو ما سيكون لصالح االقتصاد املحلى فى األساس والعالم أيضاً.
وتسبب التفاؤل العام املاضى فى عدم االنتباه بالقدر الكافى للتحديات التى تـواجـه العوامل املتزامنة التى كـان يعتمد استمرارها على تبنى نهج داعـم للنمو، وهـذا كان صحيحاً خاصة فى أوروبا حيث لم يتم دعم عملية التعافى االقتصادى الطبيعى بـالـسـيـاسـات الهيكلية املـطـلـوبـة منذ وقـت طويل لتعزيز التنافسية وحــراك العمالة، وبالقرارات السياسية املالية األكثر توزاناً، وبالتقدم فى استكمال الهيكل االقتصادى واملالى اإلقليمى.
كما أشـار مؤشر مديرى املشتريات عن شهر ديسمبر فى الصني إلـى انكماش طفيف بقطاع التصنيع، وهو ما أكد أن الدولة أيضاً كانت تتباطأ نتيجة مجموعة من العوامل الداخلية واخلارجية مثل عــدم اليقني الــتــجــارى، وفشلت مـحـاوالت احلـكـومـة فــى تـعـزيـز الـنـمـو مــن خـــال األدوات السياسية التقليدية مثل اإلقراض املباشر.
وخــال أغلب الـعـام املـاضـى، بــرزت الـواليـات املتحدة بسبب سياساتها الداعمة للنمو التى تضمن تخفيف التنظيمات واملحفزات الضريبية، وحافظ االقتصاد على أداء قوى فيما يتعلق بالنمو رغم رفع الفائدة 4 مرات من قبل االحتياطى الفيدرالى واالنكماش فى السياسة املالية املتمثل فى تقليص امليزانية تدريجياً.
ولـكـن عــدم اسـتـقـرار األســــواق فــى األسابيع املاضية، مع اجلراح االقتصادية واملالية الذاتية، ألــقــت بـالـشـكـوك عـلـى اســتــدامــة مــســار النمو األمريكى، وهو ما جعل أكبر اقتصاد فى العالم عرضة للتباطؤ فى املناطق األخرى.
وتوجد عدة خطوات ميكن أن تتخذها الواليات املتحدة إلنعاش آليات النمو:
أوالً، العمل مـع الـكـوجنـرس اجلــديــد، وميكن أن تسعى حـكـومـة تــرامــب إلطـــاق مــبــادرة بنية حتتية، والتى دعمها بشكل عـام الدميوقراطيون واجلـمـهـوريـون، والـتـى مـن شأنها تعزيز إنتاجية القطاع اخلـاص ومتكني توسع الناجت واألجــور من خــال حتسني وحتـديـث البنية التحتية القائمة، وتطبيق بشكل أكبر لابتكار التكنولوجى احلديث واملتسارع.
وسوف يستفيد متويل هذه املبادرة من أسعار الفائدة املنخفضة بشكل استثنائى عند ،%2.65 وكذلك من الشراكة بني القطاعني العام واخلاص، وأدوات التمويل املبتكرة التى تتضمن مشاركة أكبر للمخاطر بني الطرفني.
ثانياً، اتخاذ تدابير للتعافى من اجلراح الذاتية فـى األسـابـيـع القليلة املـاضـيـة، وجتـنـب اجلــراح اجلـديـدة، وهــذا يتضمن إنهاء اإلغــاق اجلزئى للحكومة، وجتنب املخاوف غير الضرورية بشأن السيولة، وتبنى نهج من قبل الفيدرالى يراه السوق على أنـه أكثر حساسية للمخاوف، واثنان منهم بشكل خــاص وهما اآلثـــار املـرتـدة مـن األحــداث املعاكسة اخلارجية والفنية السوقية، وبرنامج تقليص امليزانية «اآللى» الذى قد يكون غير مرن بشكل مفرط.
ثالثاً، تبنى دور قيادى فعال أكبر داعم للنمو فى منتديات صناعة السياسة العاملية مثل مجموعة الـعـشـريـن، ومجموعة السبعة وصــنــدوق النقد الدولى، وبدون محاولة لعب دور أكبر كمحفز من خال التأثير فى املناقشات السياسة وتشكيلها، سيكون من الصعب أن تلعب دورا حاسما بوتيرة التباطؤ فى بقية العالم خال العام اجلديد.
وبقيادة الـواليـات املتحدة وأجندتها اجلديدة للنمو، قد تتمكن االقتصادات املحلية والعاملية مـن جتنب التباطؤ فـى 2019 والـــذى قـد يهدد بشدة االستقرار املالى، وبدون هذه القيادة، سوف تكون املسألة مسألة وقت قبل أن تقوض األوضاع االقـتـصـاديـة واملـالـيـة الضعيفة قــوة املؤسسات وتضيف على الضعوط املنتشرة حول العالم بشأن التاحم االجتماعى والسياسى.