Al Borsa

ضجيج الطبقة السياسية يرتطم بجدار تجاهل المواطنين

-

تعرضت بريطانيا لتحذيرات عالية املستوى فى األيام األخيرة من املخاطر اجلسيمة املترتبة على مغادرة االحتاد األوروبى دون التوصل إلى اتفاق من بينها فقد مليون وظيفة وانخفاض بنسبة %8 فى الناجت املحلى اإلجمالى وكساد فى املصانع بل ونقص بدواء األنسولني وهروب رأس املال وانهيار اجلنيه اإلسترلينى.

لكن بحانة «هير آند هاوندز» فى «صنبيرى - أون - تيمز»، فى إجنلترا وهو حى صوت بقوة ملغادرة االحتــاد األوروبـــ­ى، قوبلت استطالعات الرأى حول اخلروج من االحتاد بدون اتفاق بعدم االهتمام، لكن لم يكن السبب فى أن الرجال والنساء الذين كانوا يحتسون الشراب لم يسمعوا التحذيرات بشأن ذلك بل، ألنهم لم يصدقوها.

وقال ستيف ريدلى، 60« عاماً»، إن احلكومة كذبت عليهم مرات عديدة، وتنبأ أن عمله فى استيراد قطع غيار الدراجات النارية لن يتأثر كثيراً بـاخلـروج من سـوق أوروبـــا املوحد بدون اتفاق.

ويرى ريدلى، أن األمر سيعنى القيام باملزيد من األعمال الورقية وفرز الدفاتر حتى ينتهى الساسة من إيجاد احللول املالئمة فى النهاية معتبراً أن التحذيرات مجرد أسلوب لبث اخلوف بني الناس.

وتقول إلني بارى مراسلة نيويورك تاميز فى لندن فى حتليل لها أن هذا هو املكان الذى تقف عليه بريطانيا وهى على أعتاب واحدة من أكبر اخليارات السياسية فى تاريخها فبعد 3 سنوات مـن االنتهازية السياسية واملـنـاظـ­رة احلزبية، فإن العديد من الناخبني يتمتعون بثقة أقل فى مؤسسات الدولة.

ويسلّط عدد قليل من التغطيات االعالمية الضوء على هـذا األمــر على أنـه خطر مماثل للخروج بدون اتفاق ينظم العالقات مع االحتاد األوروبى خصوصاً التجارية، فاألمر الذى يثير مخاوف املشرعني البريطانين­ي هى رفض قانون الضرائب حال فشل التوصل التفاق ومن بعده رفض مجلس العموم لالتفاق املقترح من قبل حكومة تريزا مــاى، مما قد يفتح باباً واسعاً للمغادرة دون اتفاق.

ومع اقتراب موعد اخلروج اقتربت بعض أقوى األصـوات املؤيدة للخروج من االحتـاد األوروبـى مثل وزيـر البيئة مايكل جوف بحسب صحيفة «ديلى ميل» من املواقف األوروبية املتكررة الذى انضم إلى التحذير من ذلك السيناريو.

وسبق وحـذرت رئيسة الــوزراء املشرعني فى مجلس العموم من أن اإلصرار على منح أيرلندا الشمالية وضع قانونى متميز فى االتفاق املقترح، قد يؤدى إلى تفكك اململكة املتحدة، لكن الكثير من عامة الناس بحسب ما تشير استطالعات الرأى ال يهتمون مبثل هذه التحذيرات.

وفى االستطالعا­ت التى أجرتها «يو جوف» و«بـيـسـت» قــال %31 مــن املستطلعني، إنهم يفضلون مغادرة االحتاد األوروبـى دون التوصل إلى اتفاق إذا ما مت رفض اتفاق «ماى» املقترح مقارنة بـ63% يختارون اللجوء إلى االستفتاء الثانى %16و منهم قال إنه ال يعرف ما الذى ميكن فعله للخروج من هذا املأزق.

وترتفع نسبة عدم تفضيل أى اتفاق إلى %57 بني أعضاء حزب املحافظني البالغ عددهم 124 ألفاً والذين يلعبون دوراً رئيسياً فى اختيار قادة احلزب.

وقــال روب فـــورد، أسـتـاذ العلوم السياسية بجامعة مانشستر، إن حتــذيــرا­ت احلكومة تراجعت جزئياً ألن «ماى» أعلنت مراراً وتكراراً أن عدم التوصل التفاق مع بروكسل أفضل من صفقة سيئة بالنسبة لبريطانيا مضيفاً أنه ال يعتبر احلكومة مصدراً موثوقاً به.

وأشار إلى أن التحذيرات فى األسابيع األخيرة متأخرة للغاية وال ميكن أن تترسخ مبصداقية وسط هذا الزخم السياسى ألن قناعة األشخاص حتتاج لفترة طويلة فى مثل هذه األشياء لتصبح مترسخة جداً.

وقـال: «كان يجب أن يقولوا هذا الكالم فى يوليو ،2016 وكــان ينبغى أن يقال مـن جميع األطراف واجلهات فى ذلك التاريخ»، فى إشارة إلـى االستفتاء الـذى انتهى بالتصويت لصالح االنفصال عن أوروبا املوحدة بعد تصويره أزمات البالد مثل الهجرة ونقص الوظائف وغيرها من هموم الناس.

ومييل املواطنون فى القضايا التقنية العالية مـثـل تــأثــيــ­رات خـــروج بـريـطـانـ­يـا مــن االحتـــاد األوروبـــ­ـى على السياسة التجارية إلــى تبنى وجهات نظر املصادر التى يثقون بها كما يقول فـــورد، مثل هـــؤالء السياسيني، ومنصات بث األخبار، واجلماعات املدنية ذات الشعبية التى تعكس نظرتهم للعالم.

وتوصل حتليل فورد لـآراء البريطانية حول اخلـــروج بــدون اتـفـاق إلــى استنتاجني هما أن اخلبراء أخــذوا املخاطر أكثر جدية من عامة الناس، وكان الرأى مستقطباً على طول خطوط عمل األحزاب، مما يوحى بأنها كانت متجذرة فى الــوالءات السياسية وليست قناعات شخصية، فيما يشبه الوالء للقبيلة.

وقال إنه مبجرد أن يسيطر التفكير القبلى ال ميكن أن يكون هناك أى شخص قـادر على السيطرة بشكل جمعى على منطق اجلمهور العام وهذا يعد مصدر كبير للقلق، ألن الشىء الوحيد الذى ميكن أن يحرك عملية التصويت على سبيل املثال هو االتـصـال الهاتفى وليس إميان األشخاص بالعواقب السيئة للخروج التى قد حتدث لهم.

وأوضـــح فـــورد، أن البريطانين­ي قـد يجدون صعوبة أكبر فى تصور االنهيار، بعد أن فروا من االحتالل النازى فى احلرب العاملية الثانية وعاشوا نوع التغيير اجلذرى الذى اجتاح أوروبا الشرقية ما بعد الشيوعية.

وتـابـع أن فـكـرة أن كـل شــىء ميكن أن يقع ويتحطم وأن األشياء األساسية ميكن أن تتوقف فقط ال ميكن تخيله فعلياً فهناك فكرة مسيطرة تقول أن اجليمع سيكون على ما يرام فى النهاية، لكن الكارثة أنه قد ال يحدث ذلك.

لكن القلق كان منخفضا فى «هيراند هاوندز» داخل قاعة استراحة للعمال خارج ساعات العمل فى مطار هيثرو، على بعد حوالى 15 ميًال جنوب غرب لندن.

وكـــانـــ­ت هـــذه املــديــن­ــة مــوطــنــ­اً لـلـعـديـد من امليكانيكي­ني والفنيني والـعـامـل­ـني فــى املطار الذين صـوت أغلبهم ملغادرة االحتــاد األوروبــى بنسبة %60 إلى ،%40 وبحانة فى لندن يتردد عليها عمال بقطاع التمويل من املرجح أن تكون اإلجابات مختلفة متاماً.

ويـقـارن ريـدلـى بالتوقعات املتصاعدة قبل املهلة التى حددها خروج بريطانيا من االحتاد األوروبـــ­ى مبستوى التوقعات عند االستعداد لدخول األلفية اجلديدة، حيث سارعت الشركات فى جميع أنحاء العالم لتجنب األعطال التقنية عندما حتولت األنظمة الرقمية من عام 1999 إلــى عــام 2000 وظــن الـنـاس أن قلب العالم سيتوقف بداية من معامل التحاليل الطبية إلى املفاعالت النووية التى قد تخرج عن السيطرة بحسب الشائعات فى حينها.

وأكد ريدلى، أنه يتذكر أنهم كانوا فى مثل هذه احلالة من الذعر والهلع من أن العالم سينتهى وستتوقف شبكة الكهرباء وال شـىء مـن ذلك حدث.

وقال سميث وهو ميكانيكى للشاحنات، إنه نادراً ما شارك فى عملية تصويت طوال حياته، ألنه كفرد من الطبقة العاملة ال يعتقد أنه ميكنه الوثوق بأى من السياسيني، ولكن فى اليوم الذى صوت فيه على ترك الكتلة األوروبية خرج ألنه عـاش حلظة نــادرة من اإلميــان فى النظام لن تتكرر.

أضاف أنه سيتكيف مع مشاكل مثل التأخير فى الطيران والسفر عبر احلــدود فــإذا كانت قائمة االنتظار أطـول قليًال من األخــرى فهذا جيد فعليهم فقط االنتظار قليًال فقط وهذا ليس بكارثة من وجهة نظره ففى النهاية ال ميلك سـوى التجاهل فال أحـد يستطيع أن يقول ما الذى سيحدث ألنه ببساطة ال أحد يعرف.

%57 من حزب املحافظني الحاكم يفضلون الخروج من أوروبا دون اتفاق

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt