Al Borsa

«العموم» يرفض خطة الخروج

- بقلم: د. مدحت نافع رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية

الثاثاء املـاضـى كــان يـومـاً حاسماً فى تاريخ بريطانيا احلديث، ورمبـا فى تاريخ أوروبــــا كلها، ولكنه بالتأكيد يــوم حاسم ملستقبل التيارات اليمينية املنكفئة وطنياً واملـنـاهـ­ضـة ملــد الـعـوملـة بجميع تلياتها االقتصادية واالجتماعي­ة والسياسية.

عجزت تريزا ماى، رئيسة وزراء بريطانيا، عن احلصول على موافقة مجلس العموم البريطانى على خطتها للتخارج من االحتاد األوروبى املعروف بالبريكست ..Brexit

الـشـعـب اإلجنــلــ­يــزى الــــذى صــــّوت فى االستفتاء الشهير لصالح انفصال بريطانيا عـن االحتـــاد األوروبـــ­ـى الـــذى يبلور تاريخ القارة، ويجّسد آمالها فى احتاد كونفيدرالى هو األهم فى التاريخ.. لم يكد تصويته يحقق غايته، بعد أن أسفر االحتـاد األوروبـى عن وجـه مخيف يضع فـاتـورة معجزة لكل من تسّول له نفسه التخارج، وتّنب العدوى املتوقعة مـن الـــدول املتعثرة مثل اليونان، وتلك املرشحة للتعثر مثل إيطاليا، وفرنسا وغيرهما.

فى املقابل قام نّواب ذات الشعب برفض خطة اخلروج املؤملة التى حشدت لها «ماى»، خال الفترة املاضية، بكل ما أوتيت من قوة، وذلك بأغلبية كبيرة بلغت 432 صوتاً، مقابل

202 صوت. الرفض هو مبثابة رجـوع مؤقت، ورمبا دائم عن مشروع التخارج الذى من املحتمل أن يطرح فى استفتاء جديد. وهـو أيضاً تصويت برفض حكومة «ماى» التى أتوقع أن تسقط وقت كتابة تلك السطور لتتم الدعوة إلى انتخابات مبكرة..

الرفض يربك، أيضاً، حسابات اجلميع، يعيد رسم مراكز القوى اإلقليمية والدولية فـى ضــوء احتـــاد أوروبـــى لـن تلك الــدول األعضاء الكبرى سوى إنقاذه بأى ثمن، ما دام أن الفكاك منه شبه مستحيل.. يعيد الــيــورو إلــى بـــؤرة االهـتـمـا­م، يـعـّدل بشكل جوهرى تنبؤات كبرى مؤسسات التمويل وبـــنـــو­ك االســتــث­ــمــار بــخــصــو­ص تـدفـقـات

االستثمار وحركة بورصات العمات واألوراق املالية وحركة رؤوس األموال والعمالة.. كل االحتماالت ستكون قائمة، وال أحد يستطيع أن يرّجح احتماالً بعينه بـــأدوات التحليل التقليدية؛ ألننا بالتأكيد نعيش فترة من االرتباك والعبث وإعادة تشكيل وجه العالم.

الزخم الذى اكتسبه دعاة الشعبوية والردة عن العوملة واللعب على أوتار حتقيق مكاسب اقتصادية مباشرة وغير مستدامة لقطاعات كبيرة من املواطنني الذين يشكلون الكتلة التصويتية األكبر فى الدول الدميقراطي­ة، فــى طريقه إلــى االنـحـسـا­ر بعد أن تلقى عدداً من الضربات؛ أبرزها نتائج انتخابات التجديد النصفى للكوجنرس، وتصويت مجلس العموم برفض خطة «ماى» للخروج من االحتاد األوروبى.

انتصار جديد للدميقراطي­ني فى الواليات املتحدة ومـا ميثلونه من مبادئ عّبر عنها الرئيس السابق أوباما فى خطابه الشهير جلماهير الشعب البريطانى عشية التصويت فـى االستفتاء على على البريكست، فى

،2016 والـــذى استهدف بـه فئة الشباب الذين أكد لهم أن مسار التاريخ الذى رسمته الدول املنتصرة فى احلرب العاملية الثانية هو األكثر حتضراً وحقناً للدماء وحتقيقاً لـلـتـطـور والــنــمـ­ـو.. لـكـن كـفـة كــبــار السن والفئات األكثر تضرراً من منافسة العمالة األوروبية الرخيصة هى التى رّجحت قرار طاق بريطانيا لاحتاد األوروبى بصورة لم يكن رئيس الوزراء البريطانى آنذاك ديفيد كاميرون يتوقعها، فأطاح به االستفتاء كما ينتظر أن يطيح «العموم» بخليفته «مـاى»؛ بسبب البريكست أيـضـاً قـاهـر حكومات املحافظني.

كفة كبار السن والفئات األكرث تضرراً من منافسة العمالة األوروبية الرخيصة هى التى رّجحت قرار طالق بريطانيا لالتحاد األوروبى

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt