Al Borsa

الشحن مشكلة االقتصاد العالمى حاليا.. واإلنتاج أيضا

- كتبت- منى عوض:

توقف االقتصاد العاملى عن العمل متاماً خالل العام املاضى، ومبجرد أن بدأ فى التحرك مرة أخرى فى العام احلالى سقط مرة مجددا وأصبح عالقاً فى واحدة من أكبر االختناقات فى التاريخ.

وتـؤكـد املـؤشـرات اجلـديـدة التى طورتها وحـدة «بلومبرج إيكونوميكس» مدى خطورة املشكلة، وفشل العالم فى إيجاد حل سريع، وكيف تستمر األزمة الكبرى لعام 2021 فـى االزديـــا­د ســـوءاً فـى بعض املناطق.

وتوضح الدراسة ما هو واضح للعني املجردة فى معظم أنحاء الكوكب، فى محالت السوبر ماركت ذات األرفف الفارغة، أو املوانئ التى تتكدس فيها السفن بعيداً عن الشاطئ، أو فى مصانع السيارات حيث تعرقل اإلنتاج بسبب نقص الرقائق اإللكتروني­ة، وفوق كل هذا تلوح فى األفق عالمات األسعار املتزايدة على كل شئ تقريباً.

ورمبــا تضطر البنوك املـركـزيـ­ة، التى تراجعت بالفعل عــن وجـهـة نظرها القائلة بــأن التضخم «مؤقت»، إلى مواجهة ارتفاع األسعار برفع أسعار الفائدة فى وقت مبكر عن املتوقع.

وهذا األمر يشكل تهديدات جديدة للتعافى املتعثر

بالفعل، وميكن أن يؤثر على أسعار األسهم والعقارات أيضاً، حسبما ذكرت وكالة أنباء «بلومبرج».

وذكرت «بلومبرج»، أن االختناقات املأساوية يكمن خلفها مزيجاً من شبكات النقل املثقلة باألعباء، ونقص العمالة فى نقاط االختناق الرئيسية، وارتفاع الطلب فـى الــواليــ­ات املتحدة الــذى عـززتـه برامج التحفيز الوبائى والذى يتركز بشكل أكبر على السلع أكثر من اخلدمات. واملشكلة ليست مجرد مشكلة نقل األشياء من مكانها، بل إن العالم اليزال يكافح من أجل صنع أشياء كافية أيضاً.

وتفاجئ املنتجون باالنتعاش املسجل على مدى العام اجلـارى بعد أن خفضوا طلبيات املـواد العام املاضى، عندما توقف املستهلكون عن اإلنفاق.

وفى فيتنام، اضطرت املصانع التى تصنع أحذية «نايكى» إلى تقليص اإلنتاج ألن العمال املهاجرين انتقلوا إلى مقاطعاتهم األصلية خوفاً من الوباء.

وفى حني أن الصني، وهى قوة التصنيع فى العالم، تواجه تفشى متحورات وبائية جديدة وتستجيب بعمليات إغالق موجهة، كما ترتفع أسعار منتجات مصانعها مبعدل سنوى يبلغ ،%10 وهو األسرع منذ التسعينيات. وبعد جمع كل هذه البيانات سوياً، تُظهر مؤشرات العرض اخلاصة بـ»بلومبرج إيكونوميكس» نقصاً أقل قليًال عن أعلى مستوياتها فى 20 عاماً

فى الواليات املتحدة، بينما سجلت مؤشرات اململكة املتحدة ومنطقة اليورو مستوى مرتفع مماثل.

وبالنسبة للمصنعني العامليني مثل «تويوتا»، التى خفضت إنتاج سبتمبر بأكثر من الثلث من مستويات

2020 نظراً لعملية نقص اإلنتاج فى الوقت املناسب، وكذلك الشركات التى تبيع منتجاتها حول العالم، واملتسوقون الذين ينتظرون التسليمات، فإن السؤال األهم اآلن هو: متى تنتهى االضطرابات؟

وحتى الشركات العمالقة مثل «أمـازون» و«أبل»، التى اعتادت تطويع سالسل اإلمداد وفقاً إلرادتها، ال ترى الوضع يتحسن بسرعة، حيث قالت «أمازون» إن أرباحها فى الربع األخير بأكملها ميكن أن ُمتحى

بسبب ارتفاع تكلفة العمالة والوفاء بالطلبيات، بينما قالت «أبل»، إنها خسرت مبيعات بقيمة 6 مليارات دوالر بسبب عدم قدرتها على تلبية الطلبيات وقد تخسر املزيد فى الربع القادم.

وقالت شانيال راجانياجام، االقتصادية التجارية فى «إتــش إس بى ســى»، إن شــروط الشحن يجب أن تبدأ فى التراجع بعد العام الصينى اجلديد فى أوائل فبراير، رغم أن االضطرابات قد تستمر حتى منتصف العام املقبل على األقل.

وحتى مع استمرار الطلب املكبوت وإعادة تخزين املخزون، تقول «راجانياجام» إن األمر قد يستغرق بعض الوقت لفك ارتباط سالسل اإلمداد بالكامل.

ومـا يأتى بعد ذلـك هو منطقة مجهولة ويرجع ذلك جزئياً إلى العدد الهائل من االختناقات على طول الطريق من خطوط التجميع إلى سالل التسوق، ونـظـراً ألن أحـد املـورديـن ينتظر تسليم آخــر، فإن التأخيرات تتغذى على بعضها البعض.

وعادة ما متر أنظمة اللوجستيات بفترات صعود وهبوط فى االقتصاد العاملى بصورة منطية ميكن التنبؤ بها، حيث يعزز ارتفاع الطلب التجارة، ويدفع أسـعـار الشحن إلــى األعـلـى ويـنـذر بـأوقـات جيدة لناقالت الشحن، حتى يفرطوا فـى بناء طاقتهم اإلنتاجية ومن ثم يتبع ذلك االنهيار.

ومع ذلـك، تسبب تفشى الوباء فى حـدوث خلل فى هذه العملية، فحتى وسط عالمات تباطؤ النمو االقتصادى، لم تكن مسارات التجارة الدولية متوقفة على اإلطالق.

وفـــى بـعـض األمــاكــ­ن فــى الـعـالـم، تـأتـى حــاالت االختناقات فـى الشحن فـى الغالب عقب تفشى األوبئة، مثل التفشى األخير لـ»كورونا» فى سنغافورة.

وأظهر حتليل ازدحام املوانئ أن األعمال املتراكمة يوم اإلثنني فى ذلك املركز املالى واللوجستى للمدينة قد ارتفع، مع وجود 53 سفينة حاويات فى امليناء، وهو أعلى عدد منذ أن بدأت «بلومبرج» تتبع البيانات فى أبريل. وهذه مشكلة بالنسبة للواليات املتحدة، حيث تعتمد املالبس واإللكترون­يات املنزلية التى متأل عربات املتسوقني على املدخالت األجنبية والتجميع، ومع استمرار انخفاض معدالت التطعيم فى العديد من الدول اآلسيوية، فإنها مشكلة لن تختفى فى أى وقت قريباً.

وبالنسبة القتصاد عاملى يخرج من أعمق ركود فى التاريخ احلديث، فإن نقص العرض الناجم جزئياً عن الطلب القوى ميثل مشكلة جيدة، ومن الواضح أن األمر األسوأ هو العكس، أى وفرة املعروض، ألن االقتصادات ظلت فى حالة ركود مع وجود ماليني العاطلني عن العمل.

%10

ارتفاعا سنويا بأسعار منتجات املصانع الصينية فى أعىل زيادة من التسعينيات

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt