Al Borsa

تأسيس اتحاد أسواق رأسمالية مفتاح التحول األخضر ألوروبا

-

استغالل الشركات األوروبية لسوق األسهم بقدر أكرب أحد سبل توفري املزيد من األموال لالستثمار

وقالت بروجيكت سنديكيت إنـه منذ عـام ،2000 أثبت االحتاد األوروبى مراراً قدرته على تقدمي احللول الفعالة وإظهار التضامن، لكن البحث املُستمر عن حلول سريعة لألزمات احلــادة له جانب سلبى كبير.. فقد حتول مشروع استكمال السوق األوروبية املوحدة إلى أسفل جدول األعمال السياسى.

ولم تلعب مثل هذه القضايا على مستوى االحتاد األوروبـى أى دور فى احلملة االنتخابية األملانية هذا العام، بالرغم من أن تعزيز السوق املوحدة يُعد أمراً حاسماً ملواجهة املنافسة االقتصادية املتزايدة من جانب الواليات املتحدة والصني.

ويقول كريتسان سيوينج، املدير التنفيذى لبنك «دويــتــشـ­ـه»، وفـيـرنـر هــويــر، رئـيـس بنك االستثمار األوروبى، فى مقال لهما، إَّن أوروبا ببساطة ال تُدرك إمكانياتها، وميتلك االحتــاد األوروبــى بالفعل سوقاً موحدة للسلع، ولكنها ليست سوقاً تعمل بشكل كامل للخدمات، ال سيما فى االقتصاد الرقمى املزدهر.

وإذا عملت إحــدى الـشـركـات الناشئة فـى وادى السيليكون على تطوير منتج جيد، فإنها تتمتع بالقدرة على الوصول الفورى إلى سوق محلية ضخمة، وميكن أن تنمو إلى درجة متكنها من االحتفاظ باملنتج اخلاص بها على الصعيد العاملى، لكن فى أوروبا، سيتعني على الشركة الناشئة نفسها أن تقضى سنواتها األولى فى التعامل مع العديد من محامى الضرائب األجانب والهيئات التنظيمية الوطنية إلى احلد الـذى يجعل التوسع الدولى با قيمة.

كما تفتقر أوروبا إلى احتاد ألسواق رأس املال واحتاد مصرفى حقيقى، ونظراً إلى وجود اختافات تنظيمية كبيرة بني بلدان االحتاد األوروبـى، فإَّن َحَملة األسهم األوروبيني ومستثمرى سندات الشركات يتجنبون أى عروض خارج حدود بلدانهم، ما قد يؤدى إلى التخلى عن فرص استثمارية أكثر جاذبية، وهذا يُسلط الضوء على احلاجة إلى حتقيق هدف إنشاء احتاد مصرفى، والـــذى يشمل اإلشــــرا­ف املـصـرفـى املـشـتـرك، وآلية التسوية املصرفية، وضمان الودائع املشتركة.

ويتعني على احلكومات األوروبــي­ــة أيـضـاً التغلب على شكوكها بشأن حتويل القروض إلى أوراق مالية «التوريق املصرفى»، والذى يُشكل عنصراً أساسياً فى احتاد أسواق رأس املال.

صحيح أن الـقـروض املُجمعة تسببت فى انـدالع األزمة املالية لعام ،2008 ولكن ذلك فقط؛ ألن هذه القروض لم تكن خاضعة للرقابة، ومن خال حتسني التنظيم واملراقبة، ميكن أن يُشكل التوريق املصرفى أداة قوية للبنوك جلذب رؤوس أموال إضافية للحصول على قروض جتارية جديدة، ومتويل االستثمارا­ت فى التكنولوجي­ات اخلضراء.

ولــقــد جنــحــت املــفــوض­ــيــة األوروبـــ­ـيــــة فـــى وضــع استراتيجية طموح للتحول األخضر والرقمى القتصاد االحتـــاد األوروبـــ­ـى، وذلـــك مـن خــال إرســـال إشــارة مهمة إلى بقية بلدان العالم، لكن غياب سوق رأس املال التنافسية يُهدد األهداف املناخية الطموحة التى يسعى األوروبيون إلى حتقيقها.

وهناك حاجة إلى تنفيذ استثمارات ضخمة فى هذا العقد من أجل حتويل الطاقة والنقل، وقطاعات ضخمة من الصناعة، ومايني العقارات، فضًا عن حماية شعوب أوروبـا من اآلثـار املُدمرة الناجمة عن تغير املناخ، والتى كانت واضحة للغاية فى الصيفني املاضيني.

ولـن يتسنى حتقيق هـذه األهـــداف إال إذا عملت احلكومات مع بنوك القطاعني العام واخلاصة إلشراك املستثمرين من القطاع اخلاص عبر احلدود، كما يتعني على أوروبا سد فجوة متويل العمل املناخى التى تبلغ 350 مليار يورو 401« مليار دوالر» سنوياً على مدى السنوات العشر املقبلة على األقل.

ورمبــا اعتدنا على قيام احلكومات والبنوك املـركـزيـ­ة بتوفير مبالغ ضخمة مـن املـــال لدعم االقتصاد، لكن هذا لن يدوم إلى األبد، ولن تظل أسعار الفائدة منخفضة للغاية على املدى الطويل، وسوف تصل الديون السيادية إلى حدودها، ولن تكون الضرائب املرتفعة كافية لتمويل هذا التحول الذى قد يحدث مرة واحدة فى كل قرن من الزمان. ومع ذلـك، ميتلك االحتـاد األوروبــى بالفعل األداة التى يحتاج إليها لسد هذه الفجوة.

إنه فى حاجة فقط خلق أسواق رأسمال حقيقية، واحتاد مصرفى، وبوسعنا أن نرى ما ميكن حتقيقه من خال القواعد املشتركة إذا تطلعنا إلى حتقيق التمويل املستدام.

ومع إصدار أول سند أخضر، قدم بنك االستثمار األوروبـــ­ـى »EIB« قــوة دفــع مهمة لـسـوق السندات اخلضراء وسندات االستدامة، وقد أسفر ذلك عن فهم السوق املوحدة ملا يُشكل سنداً أخضراً أو مستداماً.

وعاوة على ذلك، ومع تصنيف االحتاد األوروبى، توجد اآلن معايير شفافة لتحديد األنشطة االقتصادية اخلضراء بالفعل أو التى من املمكن أن تتطور فى هــذا االجتـــاه، ولــدى املستثمرين مجموعة واضحة من القواعد التى يتعني استخدامها كدليل للتمويل املستدام، وُمتثل هذه الشفافية على مستوى االحتاد األوروبى خطوة ضخمة إلى األمام، ما يؤدى إلى حتويل فكرة كانت موضع سخرية ذات يـوم إلـى سـوق تبلغ قيمتها تريليون يورو.

وفى ظل احتاد حقيقى ألسواق رأس املال، سوف يعمل االحتــاد األوروبـــ­ى على توسيع فـرص التمويل للشركات، وجـذب رؤوس األمــوال من مختلف أنحاء العالم، وقد يصبح اليورو منافساً حقيقياً للدوالر.

وفـى الوقت احلـالـى، تعتمد الشركات األوروبـيـ­ة بشكل كبير على القروض؛ حيث تُوفر بنوك القطاع اخلاص مثل البنك األملانى %80 من متويل الشركات، وبالرغم من أن البنوك ستقدم مساهمة حيوية فى التحول األخضر والرقمى للقطاع اخلـاص، فإنها ال تستطيع حتمل متطلبات التمويل الضخمة وحدها.

ففى حني حتصل %60 من الشركات األمريكية على التمويل من سوق رأس املـال، فـإَّن %20 فقط من الشركات األوروبية حتذو حذوها، وإذا كان بوسع املزيد من الشركات األوروبية القيام بذلك، فسيتم توفير مبالغ ضخمة لاستثمار، ولن تضطر الشركات الناشئة األوروبية إلى البحث عن مستثمرين أمريكيني خـال مرحلة منوها، ولـن حتتاج الشركات الرائدة األوروبية، مثل شركة بيونتيك األملانية «الذين تلقوا متويًا أولياً من بنك االستثمار األوروبى» إلى اللجوء ملؤشر «ناسداك» عندما تدخل احتياجاتهم التمويلية فى نطاق مئات املايني من الدوالرات. وإذا كان اعتقاد «مونيه» بشأن االحتـاد األوروبــى صحيحاً، فستكون أزمة املناخ اخلطوة التالية نحو تعميق التكامل، ولن يتسنى للتحول األخضر والرقمى األوروبى أن ينجح إال إذا سار جنباً إلى جنب إكمال السوق املُوحدة، مبا فى ذلك أسواق رأس املال واالحتاد املصرفى.

 ?? ?? قال جان مونيه، ذات مرة، وهو أحد مهندسى االتحاد األوروبى، إَّن الوحدة األوروبية «سوف تتشكل فى األزمات، وستكون مجموع الحلول المعتمدة فى التعامل مع هذه األزمات»، وقد قَّدم العقد ونصف العقد الماضى تأكيدًا إضافيًا لتنبؤات مونيه. وعلى عكس توقعات العديد من خبراء االقتصاد البارزين، نجح االتحاد االقتصادى والنقدى فى االتحاد األوروبى فى تخطى أزمة ديون اليورو، وما زال قويًا بفضل آلية تحقيق االستقرار األوروبية. وقد ساعدت خطة يونكر (خطة االستثمار فى البنية التحتية لالتحاد األوروبى) فى إعادة االقتصاد األوروبى إلى مساره الصحيح، وقد ساعد خروج بريطانيا من االتحاد األوروبى على توحيده، بعيدًا عن تفكيك االتحاد.
قال جان مونيه، ذات مرة، وهو أحد مهندسى االتحاد األوروبى، إَّن الوحدة األوروبية «سوف تتشكل فى األزمات، وستكون مجموع الحلول المعتمدة فى التعامل مع هذه األزمات»، وقد قَّدم العقد ونصف العقد الماضى تأكيدًا إضافيًا لتنبؤات مونيه. وعلى عكس توقعات العديد من خبراء االقتصاد البارزين، نجح االتحاد االقتصادى والنقدى فى االتحاد األوروبى فى تخطى أزمة ديون اليورو، وما زال قويًا بفضل آلية تحقيق االستقرار األوروبية. وقد ساعدت خطة يونكر (خطة االستثمار فى البنية التحتية لالتحاد األوروبى) فى إعادة االقتصاد األوروبى إلى مساره الصحيح، وقد ساعد خروج بريطانيا من االتحاد األوروبى على توحيده، بعيدًا عن تفكيك االتحاد.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt