Al Borsa

أقدم فئة أصول ال تزال تهيمن على الثروة العالمية

-

هل تعادل أسعار العقارات اليوم أسعار اخلبز؟ إنه سؤال طرحه مؤخًرا زعيم نقابى فى أملانيا، إذ كان هناك ضغط لاستياء على وحدات اإليجار اململوكة للشركات ووضعها للملكية عامة. وتريد العديد من املــدن الهولندية منع املستثمرين من شراء منازل رخيصة وتأجيرها.

وتـعـرض احلـــزب احلـاكـم فـى كـوريـا اجلنوبية لهزمية فى انتخابات البلدية لفشله فى وقف زيادة بنسبة 90 % فى متوسط سعر الشقق فى سيول، وجعل الرئيس الصينى شى جني بينج اإلسكان امليسور جـزءا كبيرا من مبادرة الرخاء املشترك، قائا إن اإلسكان «للعيش فيه، وليس املضاربة».

نعلم أن أسعار املساكن مبالغ فيها فى كثير من األمـاكـن، لكن دراســة جديدة من معهد ماكينزى العاملى ، والتى حتسب امليزانيات العمومية لعشر دول متثل %60 من الدخل العاملى (أستراليا وكندا والصني وفرنسا وأملانيا واليابان واملكسيك والسويد واململكة املتحدة والواليات املتحدة)، تظهر بعض األرقام املذهلة حول مقدار األموال املتواجدة فى العقارات، وملاذا.

تناولت الـدراسـة، التى حتمل عنوان «الصعود املتزايد للميزانية العمومية العاملية»، األصــول احلقيقية واألصول واخلصوم املالية التى متتلكها األسر واحلكومات والبنوك والشركات غير املالية، ووجدت أن ثلثى صافى الثروة مخزنة فى العقارات السكنية واملؤسسية واحلكومية وكذلك األراضى.

ورغم كل احلديث عن الرقمنة، يبدو أن الطوب واألسمنت القدمي هما اجلديد.

كيف حدث هذا؟ وما التداعيات؟ وجـــدت دراســـة McKinsey عـاقـة عكسية قوية بني صافى الثروة بالنسبة إلى الناجت املحلى اإلجـمـالـ­ى واملـتـوسـ­طـات املـتـجـدد­ة كـل 5 سنوات ملعدالت الفائدة اإلسمية طويلة األجــل، ويعتقد املؤلفون أن انخفاض أسـعـار الفائدة لعب دوًرا حاسًما فى رفع أسعار األصول من جميع األنواع، وخصوصا أسعار العقارات. كما ساعد العرض املقيد لألراضى، وقضايا تقسيم املناطق، وأسواق اإلسـكـان املفرطة فـى التنظيم، فـى رفــع القيم، والنتيجة هى أن أسعار املساكن تضاعفت ثاث مرات فى املتوسط فى الدول العشر.

التداعيات مقلقة، وبداية، أصبحت قيم األصول *اآلن أعـلـى بنسبة %50 تقريبا مـن متوسطها على املدى الطويل نسبة للدخل، وحتركت القيمة الصافية والناجت املحلى اإلجمالى تقليدًيا بشكل متزامن مع بعضهما البعض على املستوى العاملى، مع بعض االنحرافات اخلاصة بكل بلد، أما اآلن، الثروة والنمو منفصان متاما، وهذا بالطبع وراء كثير مـن االستياء الشعبى مـن السياسة اليوم. وأصـبـح اإلســكــا­ن امليسور على وجــه اخلصوص صرخة حاشدة جليل األلفية الذى ال يستطيع شراء منازل وتكوين أسر فى وقت مبكر كما فعل اجليل السابق.

ينبع كثير من االنفصال بني الثروة والنمو من الكثير من األموال فى العقارات، ولكن هناك جانب آخر للمشكلة وهو أنه ال يوجد ما يكفى من املال الـذى ينتقل إلى أماكن أكثر إنتاجية من الناحية االقتصادية، فى حني شكلت أسعار األصول املرتفعة حوالى ثاثة أرباع النمو فى صافى الثروة من 150 تريليون دوالر عام 2000 إلى 500 تريليون دوالر عـام ،2020 شكلت املـدخـرات واالستثمار %28 فقط من الزيادة فى امليزانيات العمومية.

بالنظر إلى أن االستثمارا­ت مثل البنية التحتية واملعدات الصناعية واآلالت واألصول غير امللموسة هى فى الواقع ما يدفع اإلنتاجية واالبتكار، فهذه أخبار سيئة للغاية.

وباستثناء الصني واليابان، شكلت األصول غير العقارية حصة أقل من إجمالى األصول العقارية فى الــدول العشر اليوم عما كانت عليه قبل 20 عاما، عاوة على ذلك، ورغم حقيقة أن التجارة الرقمية وتدفقات املعلومات قد منت بشكل كبير

ثلثا صافى الرثوة العاملية مخزنة فى العقارات السكنية واملؤسسية والحكومية وكذلك األراىض.

خال ذلك الوقت، فإن األصـول غير امللموسة ال متثل سوى %4 من صافى الثروة.

قد يعود ذلك، كما الحظ املؤلفون، أنه «بالنسبة ألصحاب الشركات فى الغالب، يُفترض أن قيمة األصـــول غير امللموسة تنخفض بسرعة بسبب التقادم واملنافسة، حتى لو كانت قيمتها بالنسبة للمجتمع لها مدة صاحية أطـول بكثير»، واألمر عبارة عن لعبة أرقــام إذ تشير الـدراسـة إلـى أنه من خال إزالة أى انخفاض فى قيمة االستهاك من قياس قيمة األصـول غير امللموسة على مدار العشرين عاًما املاضية، ميكنك مضاعفة قيمتها أربع مرات (وهو ما قد يبرر فى الواقع أسعار أسهم بعض أسهم التكنولوجي­ا التى تتسم بالفقاعات).

ومـــع ذلـــك، رغـــم كــل احلــديــث عــن بلوكتشني

والـعـمـات املـشـفـرة والـبـيـان­ـات الـضـخـمـة، فمن املدهش إلى حد ما أن معظم ثروات القرن احلادى والعشرين ال تزال تعيش فى أقدم فئة من األصول على اإلطاق: الطوب واألسمنت.

ما الدروس التى يجب أن نتعلمها من هذا؟

أوال، يبدو من الواضح بشكل متزايد أن أسعار الفائدة املنخفضة لم تفعل الكثير لدفع االستثمار من قبل الشركات.

ثانيا، واألكـثـر تشجيعا، تقدم بـرامـج اإلنفاق احلكومى الكبيرة فى حقبة ما بعد كوفيد، فرصة جديدة ملحاولة دفـع األمـــوال إلـى قطاعات أكثر إنتاجية، ما قد يؤدى فى النهاية إلى إعادة الثروة والنمو إلى النمو املتزامن.

ثالًثا، اإلسكان امليسور هو القضية االقتصادية األكثر إحلاًحا فى الوقت احلالى، وقد يؤدى التنقل املــدفــو­ع بالتكنولوج­يا وزيـــادة مـرونـة العمل فى حقبة ما بعد اجلائحة إلى تخفيف بعض الضغط، وسنحتاج على األرجح إلى إعادة التفكير فى تقسيم املناطق احلضرية وتشجيع املزيد من الكثافة، كما فعلت كاليفورنيا بالفعل، وسيتعني علينا أيضا إيجاد طرق لفرض ضرائب على املمتلكات بناًء على مزيج من زيادة رأس املال وأيضا الدخل، حتى ال نعاقب املتقاعدين، وفقط من خال إصاح السكن ميكننا إعادة توازن دفتر األستاذ العاملى اخلاص بنا.

انخفاض أسعار الفائدة لعب دوًرا حاسًما فى رفع أسعار األصول من جميع األنواع، خاصة أسعار العقارات.

إعداد: رحمة عبدالعزيز. المصدر: صحيفة «فاينانشال تايمز».

بقلم: رنا فوروهار

كاتبة مقاالت رأى بشأن األعمال العالمية، ومحرر مشارك فى «فاينانشال تايمز».

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt