Deutsche Welle (Arabic Edition)

في ذكرى "ليلة الكريستال".. شتاينماير يدعو لمكافحة معاداة السامية

-

في كلمة بقصر الرئاسة "بيلفو" في العاصمة برلين، قال الرئيس الألألماني فرانك فالتر شتاينماير اليوم الألأربعاء (التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر (2022 إن "التاسع من نوفمبر يدعونا دائما إلى مكافحة معاداة السامية"، مشيرا إلى أن هذا اليوم يذكر بـ "انهيار الحضارة إبان الهولوكوست".

وأضاف الرئيس أن التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر 1938 لم يكن بداية لاضطهاد اليهود، "لكن ما حدث في ذلك اليوم من عنف منفلت كان نذيراً مرئيا للجميع لما تم تنفيذه بعد ذلك

بوحشية من عمليات تم التخطيط لها بدقة من تجريد من الحقوق وترحيل وأخيرا إبادة ليهود ألمانيا وأوروبا".

وفي مثل هذا اليوم من عام 1938، وقعت الليلة التي أطلق عليها النازيون "ليلة الكريستال" حيث بدأ تعقب اليهود وإشعال الحرائق في المعابد اليهودية في كل أنحاء ألمانيا ونهب المحلات وتدميرها، وإساءة معاملة اليهود والقبض عليهم تعسفيا وقتلهم.

كما يوافق التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر أيضا الذكرى السنوية الـ104 لإعلان البرلمان الألماني الجمهورية وإنهاء الملكية.

ويوافق هذا اليوم أيضا في التاريخ الحديث الذكرى السنوية الثالثة والثلاثين لانهيار سور برلين في عام 1989 والذي كان إيذانا بإنهاء تقسيم ألمانيا.

وقال شتاينماير إن "التاسع من نوفمبر يضعنا كل عام من جديد أمام واجب هو: كيف يمكننا إحياء ذكرى أحداث تاريخية مختلفة من أعوام 1918 و1938 و1989، بحيث لا يقع أحد فيها ضحية للنسيان التاريخي؟" مشيرا إلى أن هذا ليس سؤالا ثانويا بل إنه يعد من صلب "فهمنا لذاتنا". وتابع شتاينماير: "إذا نظرنا إلى هذا اليوم من جميع جوانبه حقا،ً فسيتضح لنا من ناحية عظمة الفرص والنهضات الديمقراطي­ة كما سيتضح مدى الهاوية والجرائم المروعة من ناحية أخرى، التي كنا أهلا لها في ألمانيا".

ومن جانبه، علق مجلس إدارة المؤتمر الحاخامي الأرثوذكسي بألمانيا: "نحتاج إلى التذكر، لكن يجب تعريف التذكر بشكل مختلف حتى لا تختزل الحياة اليهودية في ألمانيا في الأحداث التاريخية والسياسية مثل المحرقة أو الصراع في الشرق الأوسط". وتابع المجلس أن ذلك "لا ينصف اليهود" الذين يعيشون في ألمانيا: "على وجه الخصوص، لا يعُرف سوى القليل جدا عن الحياة اليهودية، والمساهمات الإيجابية

لليهودية في الثقافة الألمانية والأوروبية والقواسم المشتركة (بين اليهود من جهة والأوروبيي­ن والألمان من جهة أخرى)". خ.س/ ع.ج ( د ب أ، كن ا) عاش يهود مدينة برلين، وكان أغلبهم من التجار والصيارفة والمقرضين، خلال العصور الوسطى في الحي اليهودي. وكانت تُفرض عليهم ضرائب عالية جدا.ً وفي مناسبات الأفراح والمآتم، كان يُطلب منهم دفع أموال إضافية. وفي الحي الذي كان يقطن فيه اليهود في تلك الفترة، يوجد حاليا مبنى البلدية الحمراء التي يوجد بها مكتب عمدة برلين.

استقبل الأمير فريدريش فيلهيلم اليهود الأغنياء في برلين. ولم يكن ذلك من باب التسامح معهم، فبعد "حرب الثلاثين عاما"، أصبح مرحبا بدافعي الضرائب من كل الديانات. وكان فايتل هاينه إيفرايم من بين اليهود الأغنياء الذين رحب الأمير بهم. ولا يزال القصر الذي تعود ملكيته لهاينه إيفرايم (قصر إيفرايم) حتى اليوم أحد أجمل الشواهد لأثرية على تاريخ برلين.

جاء موسى ميندلسزون إلى برلين وعمره 14 ربيعا،ً وكان ميندلسزون تلميذا مجتهدا،ً يتحدث لغات كثيرة ويهتم بالفلسفة. وتحول ميندلسزون إلى

فيلسوف مشهور ذاع صيته عبر العالم وأصبح أحد أكثر اليهود نفوذا في وقته. وأسس ميندلسزون في برلين حركة التنوير اليهودية (هاسكالا).

كانت النساء اليهوديات من ذوي النفوذ، مثل راهل فارنهاغن، يدعون ضيوفهن إلى جلسات ثقافية في بيوتهن الخاصة. وكان يدعى لهذه الجلسات التي كان يطلق عليها الصالونات البرلينية، كتاب وفنانون ومفكرون. وكان هاينريش هاينه وهومبولدت وهاينريش كلايست من بين الضيوف، الذين كانوا يترددون على هذه الصالونات، إذ شكلت آنذاك مركز الحياة الثقافية والاجتماعي­ة في برلين.

بمرور الوقت تحولت برلين إلى مدينة أوروبية كبرى، ارتفع فيها عدد الجالية اليهودية. ولم يُمنع اليهود من ممارسة بعض المهن كما هو الحال في بعض الأقاليم النائية. وكانوا يمارسون المحاماة والتجارة والصناعة والطب، وأيضا الصحافة. وفي عام 1866 تم بناء كنيس يهودي جديد، يتسع لثلاثة آلاف شخص، لأكثر من 35 ألف يهودي كانوا يعيشون في برلين. وحضر افتتاح الكنيس رئيس وزراء بروسيا أوتو فون بيسمارك.

هذا الحي اليهودي يرجع إلى عهد فريدريش فيلهيلم الأول. ففي عام 1737 أمر فيلهيلم الأول اليهود الذين لم يكن لهم مساكن خاصة بهم بالانتقال إلى هذا الحي، الذي كان في بداية القرن العشرين حيا فقيرا،ً وكان أيضا ملجأ ليهود أوروبا الشرقية الفارين من

المذابح هناك. واليوم ينتمي هذا الحي إلى مقاطعة "وسط برلين"، و"برلين سينبيتسيرك".

في العقد الثاني من القرن العشرين، كانت برلين حاضرة أوروبية ثقافية تجذب الزوار، نظرا لوجود عدد كبير من المقاهي والحانات والنوادي الليلية وقاعات الرقص فيها. وكان اليهود يساهمون في الحركة الثقافية للمدينة.

بعد نجاح الحزب النازي في الانتخابات وتسلم أدولف هتلر السلطة، بدأت المداهمات والمضايقات ضد اليهود في حي شوينن. وفي العام نفسه تم إحراق 25 ألف كتاب أمام جامعة هومبولت، كانت من بينها كتب لموسى ميندلسزون وهاينريش هاينه وفرانتس كافكا.

خلال مذبحة نوفمبر/ تشرين الثاني قتل النازيون أربعمئة يهودي ودمروا أكثر من 1400 محل تجاري تعود ملكيتها ليهود ألمان، إضافة إلى المعابد والمقابر. كما طُرد آلاف الموظفين اليهود ومُنع آخرون من ممارسة بعض المهن مثل الطب والفن والصحافة.

خلال مؤتمر فانزيه، تباحث المسؤولون النازيون في النهج الأكثر فعالية "للتخلص من اليهود". هنا تقرر ترحيل عدد منهم إلى معسكرات الاعتقال وتمت مناقشة سبل التخطيط لذلك.

قبل الحرب العالمية الثانية كان 160 ألف يهودي، أي قرابة ثلث يهود ألمانيا، يعيشون في برلين. هاجر منهم خلال الحرب وقبيلها قرابة 90 ألف منهم إلى خارج ألمانيا، وقضى 60 ألف في معسكرات الاعتقال أو تعرضوا للقتل، فيما تمكن ألف وخمسمائة يهودي فقط من البقاء على قيد الحياة في برلين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

دعا الزعيم السوفيتي السابق جوزيف ستالين عام 1952 إلى حملة معادية لليهود، قادت إلى أعمال معادية للسامية وتجسدت في اندلاع أعمال شغب في ألمانيا الشرقية آنذاك. وبعد وفاة ستالين "عاد الوضع لطبيعته"، لكن رغم ذلك تقلص عدد اليهود في برلين الشرقية من 1500 شخص إلى 200 شخص فقط.

أغلب العائدين من الناجين من مراكز الاعتقال النازية كانوا يريدون مغادرة ألمانيا في أقرب وقت ممكن. لكن البعض الآخر من اليهود قرر البقاء

وبدء حياة جديدة في برلين الغربية. وفي شارع "فازاننشترا­سه" تم بناء كنيس يهودي جديد محل الكنيس الذي هُدم عام .1958

فيما كانت حياة الجالية اليهودية في برلين الشرقية تشهد بعض الركود، كانت مثيلتها في برلين الغربية تسجل تدريجيا بعض الازدهار، ففي 1962 تم تأسيس مدرسة يهودية ومن ثم روضة أطفال في 1971، ثم دار للعجزة .1978 واليوم، يوجد في برلين مدرسة ابتدائية يهودية وأخرى ثانوية إضافة إلى جامعة، فضلا عن مسرح يهودي ومطاعم ومقاهي، كما أن برلين دأبت على الاحتفال بمهرجان الفيلم اليهودي.

بعد توحيد شطري ألمانيا اندمجت الجاليتان اليهوديتان في برلين الغربية والشرقية. وازداد بذلك عدد أعضاء الجالية اليهودية بشكل عام في برلين ليصل إلى 12 ألف شخص، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. وتوجد في برلين اليوم 11 كنيسا يهوديا.

تجذب برلين اليوم العديد من الشباب الإسرائيلي­ين. كثير منهم يزور برلين لجاذبيتها الفنية والثقافية وآخرون يحطون الرحال فيها لأسباب سياسية. هناك 10 آلاف إسرائيلي يعيشون في برلين، ولا تلعب خلفيتهم الدينية اليهودية أي دور هام بالنسبة للكثيرين. ومع ذلك يحملون معهم ثقافة يهودية جديدة إلى برلين. ويظهر ذلك من خلال المطاعم والمعارض الفنية أو حتى النوادي الليلية مثل مرقص ‪.“Meschugge Berlin„‬

الكاتب: نادين فويتجيك/ عادل الشروعات

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Germany